القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
يشهد الملف الليبي، تطورات متسارعة على الصعيد السياسي، بعد موافقة الطرفين (الجيش الليبي وحكومة السراج) على استئناف المفاوضات، من أجل الدفع بالحل السياسي، وسط حراك سياسي ودبلوماسي واسع النطاق لدعم العودة إلى المسار السياسي، تشارك القاهرة فيه، من خلال اتصالاتها المكثفة مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنيّة، ومشاوراتها مع الجيش الليبي.
ووصل الأربعاء، القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر، إلى مصر، في زيارة لم يُعلن رسمياً عن تفاصيلها، بينما نقلت تقارير إعلامية بعضاً من كواليس تلك الزيارة وذكرت أن حفتر عبّر خلالها عن دعم الحلول السياسية، متهماً تركيا بالتدخل المباشر في معارك ليبيا، كما طالب بضرورة سحب المقاتلين الأجانب، وانسحاب المستشارين العسكريين الأتراك من ليبيا قبل الدخول في أي مفاوضات.
وعقب ساعات قليلة من زيارة حفتر إلى مصر – وهي الزيارة التي تلتها زيارة رئيس الحكومة في طرابلس فايز السراج، إلى تركيا، ولقائه أردوغان- أصدر الجيش الليبي بياناً أعلن فيه عن استئناف القوات المسلحة المشاركة في لجنة وقف إطلاق النار ( 5 + 5) التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عملياتها العسكرية في ليبيا، في حال لم يلتزم الطرف الآخر بوقف إطلاق النار.
وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، عن أنها "ستقوم بإعادة تمركز وحداتها خارج طرابلس مع شرط التزام الطرف الآخر بوقف إطلاق النار، وفي حالة عدم الالتزام بذلك فإن القيادة العامة سوف تستأنف العمليات وستعلق مشاركتها في لجنة وقف إطلاق النار 5 + 5".
استئناف العملية السياسية
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة اليوم السبت، مع القائد العام لـ"الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب في شرق ليبيا.
فيما تحدثت مصادر إعلامية – قريبة الصلة من رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح – في تصريحات لـ "نورث برس" أن زيارة صالح تهدف "لبحث استئناف العملية السياسية والمفاوضات، وشرح مبادرته التي أطلقها للحل السياسي".
وقالت المصادر ذاتها إن "مبادرة المستشار عقيلة صالح ستكون جزءاً رئيسياً في أي مشاورات مستقبلية لحل الأزمة الليبية".
وقال السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، في تصريحات لـ "نورث برس"، إن مبادرة المستشار عقيلة صالح هي الأنضج، والأكثر وضوحاً، حتى أن الأطراف التي كانت تعترض عليها في البداية ترى الآن أنها الأنسب بعد توضيحها وشرح أبعادها، ولاسيما في ظل ما تلقاه من دعم إقليمي من دول كبرى، وعلى رأسها مصر والسعودية، وكذا الدعم الإقليمي من قبل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
مبادرة بخطوات
وتم إطلاق المبادرة قبل نحو شهر، وأعلن فيها عن ثماني خطوات رئيسية للانتقال السياسي في ليبيا، تضمن تشكيل مجلس رئاسي جديد، على أن يتولى كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة اختيار من يمثلهم بالمجلس، على أن يقوم المجلس -بعد تشكيله- باعتماد تسمية رئيساً للوزراء ونواب له يمثلون الأقاليم الثلاثة.
وأبدى بلقاسم تفاؤلاً بالتطورات السياسية الراهنة، معتبراً أن الأمور تسير -وفق المعطيات الراهنة والاتصالات والاجتماعات الأخيرة- في اتجاه الحل السياسي للأزمة، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى من المفاوضات بين الطرفين هي بخصوص التوافق على إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا، ومن بعدها يعتبر الطريق مفتوحاً أمام الحل السياسي الذي ينطلق من مبادرة المستشار عقيلة صالح.
استقواء بالحليف
وأعلن رئيس الحكومة في طرابلس، فايز السراج، عن السيطرة الكاملة على العاصمة، وذلك خلال تواجده في تركيا، في رسالة عدّها مراقبون "تأكيداً على استقوائه بحليفه التركي سياسياً وعسكرياً"، في الوقت الذي اتهم فيه المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، في تصريحات تلفزيونية، السراج بجعل الأزمة الليبية رهينة للصراعات الدولية، من خلال استدعائه للتدخل التركي على ذلك النحو.
وشكك المسماري في إمكانية إحراز أي تقدم في أي مفاوضات قادمة إلا بعد أن يتم إخراج كل "قوات أردوغان" من ليبيا. في الوقت الذي تضغط فيه قوى إقليمية ودولية بقوة من أجل اتفاق الطرفين على مسألة إخراج جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا كضمانة للحل السياسي ولإنجاح المفاوضات.
وكان مصدر سياسي، قريب الصلة من دوائر اتخاذ القرار في ليبيا، قد ذكر لـ "نورث برس" نهاية الأسبوع الفائت، أن مسؤولاً عسكرياً كبيراً تابعاً لحكومة الوفاق قد تعهد أمام اللجنة المشتركة مؤخراً -في اجتماع عقد عقب عيد الفطر بأيام قليلة- عن موافقة مبدئية على مسألة إخراج المقاتلين الأجانب، شريطة أن يشمل ذلك جميع المقاتلين من مختلف الجنسيات.