ليبيا.. مساعٍ للدفع باتجاه "المسار السياسي" ودور تركي معرقل
القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
تعالت الأصوات -داخل وخارج ليبيا- من أجل وقف إطلاق النار والاتجاه للمسار السياسي، فيما عدّ محللون الدور التركي معرقلاً لأي مسار سياسي، نظراً لأطماع أنقرة التي لا حدود لها في ليبيا.
ولم تهدأ العمليات العسكرية داخل ليبيا خلال الأيام الماضية على وجه التحديد، وبعد الانسحاب "الاستراتيجي" للقوات المسلحة الليبية من بعض المناطق الرئيسية، ومع سيطرة حكومة الوفاق على قاعدة الوطية الاستراتيجية، وهي التطورات التي تبعتها عمليات مختلفة في عددٍ من المحاور ضد الميلشيات المدعومة من أنقرة، أسفرت عن اعتقال عددٍ من العناصر المقاتلين ومقتل وإصابة آخرين.
وأصدر مجموعة من نواب مجلس النواب الليبي، بياناً أمس السبت، دعوا فيه إلى "العودة للمسار السياسي، في ظل استمرار واقع البلاد من تمزق وتشرذم"، وقال يحصد الأرواح ويمزق الممتلكات كل يوم ويتزايد معه أعداد المهجرين ليصل مئات الآلاف يعيشون معاناة إنسانية كبيرة، وإزاء مخاطر شدة التدخل الخارجي الذي أصبح ظاهراً للعلن.
ودعا البيان الصادر عن المجلس إلى "وقف لإطلاق النار وفك اشتباك واتخاذ كافة التدابير الفنية اللازمة، والالتزام بالعودة للحوار الذي جرى بجنيف للاتفاق على هدنة كمرحلة أولى تمهيداً لاتفاق نهائي لوقف القتال، وترسيخ السلم الأهلي (..) وبداية الاستقرار في العودة العاجلة للحوار ضمن المسار السياسي لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، تبنى على أساس هيكلية مجلس رئاسي من رئيس ونائبين، ورئيس وزراء حكومة وحدة وطنية، وتسمية شاغلي المناصب السيادية في ظل توافق ليبي ـ ليبي".
صراع دولي
يرى السياسي الليبي، محمد العباني، وهو رئيس المؤتمر الوطني الليبي، أن "المشهد برمته تحوّل إلى ما يشبه الصراع الدولي في ليبيا"، وأمام ذلك المشهد لم تعد تجدي محاولات الدفع بالعملية السياسية في ظل تفاقم الصراع وإصرار الطرفين كل على موقفه، ما يغرق ليبيا في المستنقع أكثر فأكثر.
ذلك الموقف المعقد -طبقاً لتصريحات العباني لـ "نورث برس"- لا يُمكن معه حمل الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، بسبب تفاقم الصراع وتشعبه، وإصرارهما على المضي في المسار العسكري، ولاسيما في ظل التدخلات الخارجية التي أزمت العملية في ليبيا بشكل كبير، خاصة مع دخول مقاتلين مرتزقة من خارج سوريا يقاتلون الليبيون، وبالتالي الحل داخل ليبيا في ظهور طرف ثالث في الصراع ربما يكون قادراً على الحسم بشكل نهائي، ويلتف حوله الليبيون.
لكنّالخبير في شؤون الحركات الإسلامية واﻹرهاب الدولي، منير أديب، يعتقد بأن الحل الناجع لما تشهده ليبيا الآن في ظل "لعب تركيا بورقة المرتزقة لدعم الحكومة الميلشياوية في ليبيا" لن يكون إلا من خلال تحرّك الحلفاء الذين يدعمون القوات المسلحة الليبية، من أجل وقف الزحف التركي، والحيلولة دون تقسيم ليبيا لصالح النفوذ التركي.
وكان عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، قد أعلن في تصريحات إعلامية له مؤخراً، عن أن عدد المستشارين الأتراك الذين دفعت بهم أنقرة إلى ليبيا يصل إلى ألف وخمسمائة مستشار، بخلاف نحو أكثر من عشرة آلاف مقاتل سوري دفعت بهم تركيا إلى ليبيا للقتال في صفوف الميليشيات. وأوضح أن "تركيا تريد احتلال ليبيا وفرض الهمينة التركية عليها".
الحل السياسي
وفي المقابل، يعتقد السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، بأن "الأمور تسير في اتجاه الحل السياسي، وذلك انطلاقاً من الجهود الدولية القوية في ذلك الإطار"، مستدلاً في تصريحاته لـ "نورث برس" بالاتصالات الأمريكية الأخيرة وكذلك قوى دولية أخرى مثل روسيا تعمل بقوة في سبيل الدفع باتجاه التسوية السياسية، وكذلك الاتحاد الأوروبي من خلال الدور الإيطالي على وجه التحديد.
واستبعد بلقاسم ما يثار حول استغلال تركيا الوضع لإيجاد قاعدة عسكرية دائمة لها في ليبيا، مشيراً إلى أن تركيا ليس لها أي قاعدة شعبية في ليبيا على الإطلاق.
وأوضح أن الأيام القليلة المقبلة قد تشهد اتفاقات حول خروج المقاتلين الأجانب الموجودين داخل ليبيا، ومن ثمّ الشروع في العملية السياسية. وقال إنه لا يوجد مسار أوضح وأجهر من المسار السياسي الذي أعلنه رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح.
وحول التصعيد الراهن في محيط طرابلس، والعمليات المستمرة هناك، شدد بلقاسم على أن منطقة جنوب طرابلس، تعتبر بشكل عملي منطقة خفض تصعيد، رغم العمليات التي تشهدها حالياً، باعتبار أن العمليات التي تتم الآن لا تشكل سوى /10/ في المئة من حجم القتال الذي كان يتم قبل شهرين ونصف تقريباً.
ويرى مراقبون أن تركيا تقف عائقاً أمام جهود إرساء السلام في ليبيا، وذلك من خلال دعمها الميليشيات المقاتلة في طرابلس ضد القوات المسلحة الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، بما يؤجج الصراع المسلح الذي تحوّلت على أثره ليبيا إلى ساحة "صراع دولي" على خطى الملف السوري، يُفشل مساعي الدفع باتجاه المسار السياسي لحسم الأزمة التي يعاني منها الليبيون جميعاً.