باحثون سياسيون: تركيا تحقق "مصالحها الخفية" عبر مساعدات ترسلها لدول بحجة مكافحة "كورونا"
اسطنبول ـ نورث برس
تواصل تركيا عبر وسائلها الإعلامية والديبلوماسية، بين فترة وأخرى الحديث عن إرسالها مساعدات طبية لعدد من دول العالم بحجة مساعدة تلك الدول على مكافحة فيروس "كورونا"، في حين أنها تهدف لتحقيق مصالحها عبر تلك المساعدات.
وقال الباحث في العلوم السياسية "محمد ثابت حسنين" من الجنسية المصرية، في حديث لـ"نورث برس"، إنه "وفقاً لنظرية الواقعية في العلاقات الدولية فإن الدولة التي تأخذ بنهج تلك النظرية في سياستها الخارجية حينما تحدث أزمة دولية، فإنها تهرع إلى ما يعرف باقتناص الفرصة وتحويل الأزمة لمصالحها لتحقيق أكبر قدر من المصلحة".
وأضاف، أنه "بتطبيق ذلك على الحالة التركية نجد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجيد التعامل على تلك السياسة فهو يهدف من تقديم المساعدات الطبية إبان تلك الأزمة لحمل الدولة المنوطة باتخاذ موقف معين، أو على الأقل حملها على اتخاذ موقف محايد".
السياسة البراغماتية
وأشار إلى أن أردوغان "يتبع السياسة البراغماتية التي يطمح من خلالها إلى الاستحواذ على قدر يرضي طموحاته من ثروات البحر المتوسط، وهو أيضاً الهدف من تدخله بقوة في الملف الليبي، إلى أن أصبح أحد الأطراف الرئيسية في الأزمة الليبية".
وتابع "نجد أن تركيا بالنسبة للأزمة الليبية أضحت عنصراً أصيلاً لا يمكن النظر في حل الصراع بتجاهلها، وكما يظهر لكل مراقب فإن الهدف المعلن من التدخل التركي في الملف الليبي هو دعم حكومة معترف بها دولياً، غير أن الهدف الحقيقي من التدخل بكافة أشكاله عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً إنما لغرض تقاسم غاز المتوسط".
وفي 12 أيار/مايو الجاري، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو، عن تزويدهم /79/ دولة بالمساعدات الطبية لمكافحة "كورونا" دون أن يذكر تفاصيل عن تلك الدول، مكتفياً بالإشارة إلى أن تركيا لم تطلب الحصول على هبات من أي دولة لعدم حاجتها لذلك بالأساس، على حد تعبيره.
استغلال "كورونا" لمصالحها
وقال الباحث السياسي في العلاقات الدولية وشؤون الشرق الأوسط "محمد نبيل البنداري" مصري الجنسية أيضاً في حديث لـ"نورث برس"، إنه "في حقيقة الأمر تركيا تحاول أن تستغل الأزمة الحالية التي تواجه العالم نتيجة انتشار فيروس كورونا لصالحها، من خلال إرسال مساعدات طبية وعلاجية للدول التي تضررت نتيجة تفشي المرض فيها على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف أن "تركيا ظاهرياً ترسل مساعدات لتوصل رسالة بأنها تقف بجانب الولايات المتحدة في أزمتها، ولكن باطنياً فإن إرسال هذه المساعدات يراد منه موقف سياسي معين من قبل الولايات المتحدة في الأزمات التي تجمع الطرفين على سبيل المثال في سوريا وتواجد تركيا في الشمال السوري، أو في نشاط تركيا المتزايد في ليبيا الآن، دون أي إدانة من الولايات المتحدة".
وختم بالقول إن "إن تركيا تجيد اللعب على وترين، ترسل تلك المساعدات الطبية ولكن لتلك المساعدات ظهير سياسي، وهذا لا ينطبق على تركيا فقط بل على أكثر الدول التي أرسلت مساعدات لنظيرتها سواء في الشرق الأوسط أو في خارجه".
ويرى مراقبون أن تركيا وعلى لسان رئيسها أردوغان تصعد من حدة لهجتها سواء تجاه الحكومة السورية وداعميها روسيا وإيران في سوريا، أو تجاه قوات خليفة حفتر في ليبيا، وتأتي تلك اللهجة المتصاعدة خاصة بعد عملية إرسال دفعة مساعدات طبية جديدة لدولة عربية أو غربية لا على التعين، من أجل كسب تأييد الأطراف إلى جانبها وعدم الوقوف ورفع "الفيتو" في وجهها على أي تحركات في سوريا أو في ليبيا.