"كورونا" يخنق معيشة السوريين في مصر وسط عجز المفوضية ومناشدات للتجار
القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
تعاني عائلات سورية في مصر من توقف دخلها، مؤخراً، بعد تعليق العديد من الأعمال في إطار تدابير مكافحة فيروس "كورونا المستجد"، بالتزامن مع استمرار المصاريف الأساسية ووسط غياب حلول من مفوضية اللاجئين وأي مبادرات من قبل مجموعات التجار.
ورغم أن جائحة كورونا لم تبق أحداً على حاله، إلا أن تأثير الاجراءات الوقائية على النواحي المعيشية يبدو أكثر حدة بالنسبة لهؤلاء اللاجئين الذين توقفت مصادر دخلهم بعد أن اضطروا لترك أعمالهم وإغلاق محالهم، ما أسهم في تفاقم مشكلات مادية كبيرة يواجهونها.
وقال نادر الحمصي، وهو سوري من مدينة حمص يقيم بالقاهرة، إن الظروف الصعبة لهذه العائلات بلغت حداً "غير مسبوق" في مصر، وإنه لم يشهد مثيلها منذ أن جاء إلى مصر قبل سنوات.
ويتلخص المشهد شديد الصعوبة الذي يرويه الحمصي في معاناة شديدة تواجهها العديد من الأسر السورية التي صارت مُطالبة بسداد التزاماتها الشهرية من مأكل ومشرب ومصروفات مختلفة (إيجارات وفواتير وخلافه)، بينما لا تحصل على أي دخل مادي منذ حوالي شهر، "إذا استمر الوضع على ما هو عليه لفترة أخرى سيكون مذلة".
هذه الظروف دفعت ناشطين سوريين إلى مناشدة كبار رجال الأعمال والتجار السوريين في مصر لدعم المتضررين، وبشكل خاص العائلات دون معيل، وأرباب المهن البسيطة الذين كانوا يعيشون على الكفاف من أعمالهم التي توقفت، لا سيما في ظل عجز مفوضية اللاجئين عن تقديم دعم كافٍ لهؤلاء.
ودعا الناشط محمد الشامي، المنحدر من مدينة حلب والمقيم بالعاصمة المصرية، التجار وأصحاب المصانع إلى "المساهمة في رفع البلاء عن الكثير ممن تضرروا من الظروف الراهنة.. وهؤلاء الذين يعيشون على الكفاف، من الواجب دعمهم ومساعدتهم في هذه الظروف الحالكة".
فيما تساءل الناشط السوري أبو قاسم الريفي، المنحدر من غوطة دمشق والذي يقيم في القاهرة أيضاً، عن سر غياب مبادرات رجال الأعمال والتجار السوريين في مصر عموماً، وقال في تدوينة له عبر مجموعة خاصة بالجالية السورية في القاهرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "ليش ما عم نسمع سوري تبرع للمحتاجين بمبلغ فلاني أو بسلات غذائية أو دفع إيجار بيت؟.. ليش نحنا السوريين -طبعاً عم أخص أصحاب المصانع والشركات والمطاعم الفخمة- ليش ما في هالشي عندهم؟ هالقد الطمع عامي على قلوبهم؟"، على حد قوله.
وشارك ناشطون ومراقبون مصريون تناول أوضاع شريحة واسعة من العائلات السورية المقيمة في القاهرة ومدن البلاد، فاقترح المحامي المصري، سيد عبد السلام، أن "يقوم أحد الشخصيات السورية محل الثقة من الجميع، بإنشاء جمعية خيرية لتولي شؤون السوريين في كل البلدان".
وينشط في مصر عدد من مؤسسات المجتمع المدني الداعمة للسوريين، والتي تقدم دعماً عينياً أو مادياً أو تعليمياً، وكذلك التي تقدم استشارات أو تدريبات من أجل التشغيل، ويسهم في تمويل بعضها عدد من "الميسورين من السوريين"، إلا أنها تجد نفسها عاجزة عن تغطية كل الاحتياجات المطلوبة منها الآن، أمام العدد الكبير للمقيمين السوريين متفاوتي الظروف، كما تواجه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عجزاً أمام ازدياد أعداد اللاجئين في مصر وعلى مستوى أنحاء العالم عموماً.
وأكد عصام حامد، القانوني المصري المتخصص في قضايا السوريين بالقاهرة، أن السوريين لا يتلقون دعماً مناسباً وسط ظروف صعبة يمرون بها، فالزيادة في عدد اللاجئين أدت لعجز مفوضية اللاجئين عن سداد التزاماتها الطبيعية والشهرية لكثير من المسجلين على قوائمها.
" تعاني المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأصل من قلة التمويل والدعم، وكانت -أمام العدد الكبير من اللاجئين وتزايده خلال السنوات الماضية- تجد صعوبة في الالتزام بالالتزامات الشهرية".
ورغم أن الأزمة لا تقتصر على السوريين في مصر، إلا أن قلة الحلول المطروحة أو انعدامها هو ما دفع النشطاء إلى تسليط الضوء على معاناتهم.
أضاف حامد "بالنسبة للوضع في مصر، فإن الأزمة تطال الجميع، مواطنين ومقيمين، وبالنسبة للسوريين المقيمين في مصر تضرروا بالتأكيد كغيرهم من تبعات الفيروس، لكن ليس هناك أي إجراءات جديدة داعمة لهم من المفوضية".
وكانت القاهرة قد اتخذت إجراءات وقائية للسيطرة على فيروس كورونا، من بينها اعتماد حظر التجول من الساعة السابعة مساءً حتى السادسة صباحاً من كل يوم، وسط مؤشرات على مزيد من الإجراءات الجديدة في الأيام المقبلة بعد إعلان مجلس الوزراء المصري عن أن الأزمة في طور الدخول إلى "المرحلة الثالثة" شديدة الخطورة، والتي تستلزم إجراءات خاصة ، قد يتم بناء عليها -وفق ما ألمح إليه وزير الدولة لشؤون الإعلام، أسامة هيكل، في تصريحات صحافية- فرض حظر التجوال الكلي، رغم أن لذلك تداعيات أقر بصعوبتها على الجميع.
مواضيع ذات صلة:
السوريون بمصر في زمن "كورونا".. ضغوط مضاعفة
سوريون في مصر يدعمون إجراءات الوقاية من كورونا على طريقتهم الخاصة
أزمة "كورونا" تعيد للواجهة مشكلات قطاع التعليم السوري في مصر