العرب وأزمة "كورونا".. انغلاق محلي وغياب التنسيق الجماعي

القاهرة – محمد أبوزيد – نورث برس

 

لا تزال الجهود العربية المبذولة في مواجهة فيروس "كورونا" جهوداً فردية على المستويات المحليّة دون تنسيق جماعي عربي، باستثناء المشاورات والتنسيقات الثنائية بين دول عربية، كما هو الحال بين مصر وتونس على سبيل المثال، بينما لم يصدر عن جامعة الدول العربية حتى الآن أي تحرّك رسمي من أجل رعاية تنسيق عربي جماعي للتصدي للفيروس، ودعم الدول الأقل قدرة على التصدي للجائحة.

 

وكان آخر تعليق للجامعة العربية عن فيروس كورونا، عندما تحدث الأمين العام، أحمد أبو الغيط، عن أن الجائحة سوف تتسبب في تأجيل القمة العربية. فيما لم يصدر عن المنظمة الإقليمية الأهم بالنسبة للعالم العربي أي تحرك رسمي عملي فيما يخص جائحة "كورونا" بعد.

 

ويكتفي قطاع الشؤون الاجتماعية (إدارة الصحة والمساعدات الإنسانية)، بإرسال تحديث يومي حول عدد حالات الإصابة والوفاة المؤكدة بسبب مرض فيروس "كورونا" المستجد إلى قطاعات الأمانة العامة بالجامعة بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.

 

وتواصلت "نورث برس" مع جامعة الدول العربية بهذا الشأن دون تلقي أي رد بخصوص التحركات القادمة. في الوقت الذي ترجح فيه مصادر دبلوماسية أن يبقى " دور الجامعة معطلاً في هذه القضية حتى حين، باستثناء التنسيقات والمشاورات الثنائية بين الدول، من أجل تبادل المعلومات والخبرات في مواجهة الفيروس".

 

وطبقاً لمدير المركز المصري للشؤون الخارجية، السفير منير زهران، فإن "جائحة كورونا أربكت الحسابات بصورة كبيرة، وجعلت كل الدول تنغلق على نفسها وتغلق حدودها أملاً في أن تتمكن من السيطرة على الفيروس وعدم انتشاره داخلها، ونرى ذلك في مختلف دول العالم، وحتى في أوروبا التي تعاني دولها من انتشار الفيروس دون أن يكون هناك حجم التعاون والتضامن المطلوب من الاتحاد الأوروبي، بخاصة أن الجائحة كبيرة وكل دولة مشغولة بذاتها وإجراءاتها الوطنية المتخذة".

 

وشدد زهران في السياق ذاته، على أن "وباء كورونا كارثي، وتداعياته شديدة الخطورة على العالم أجمع، وتسعى كل دولة للخروج من الأزمة والسيطرة على الوباء بأقل صورة ممكنة من الخسائر". لكنّه في الوقت ذاته تطرق في الحديث إلى أهمية التنسيق والتعاون على مختلف المستويات، سواء التعاون من أجل التوصل إلى لقاح أو تبادل المعلومات والدعم والمساندة، لإنجاح الجهود العالمية للتصدي لفيروس "كورونا".

 

بدوره، ذكر مساعد وزير خارجية مصر الأسبق، السفير حسين هريدي، أن أزمة كورونا جاءت كاشفة لغياب التعاون العربي ودور جامعة الدول العربية في ظل الأزمات الكبرى، مشدداً على أنه كان يُمكن أن تتم الدعوة لعقد اجتماع عربي طارئ عبر "الفيديو كونفرانس" لمناقشة تلك الجائحة وتداعياتها على الدول العربية، وسبل التعامل معها والتعاون من أجل التصدي للفيروس.

 

ولعل تلك الأسباب وراء غياب التنسيقات الأوسع بخصوص فيروس "كورونا"، حتى أن بعض المراقبين تحدثوا عن أن الفيروس حوّل العالم إلى جزر شبه منغلقة، بعد أن أغلقت الدول حدودها وأوقفت رحلات الطيران وحركة السفر، من أجل التمكن من السيطرة على الوباء داخلها، مع انشغالها بقراراتها وإجراءاتها الداخلية الهادفة لمنع تمدد وانتشار الفيروس على نحو أوسع.

 

 ويأتي ذلك وسط مقترحات بعقد قمة عربية استثنائية (طارئة) عبر الفيديو "كونفرانس"، تأسياً باجتماع قمة العشرين (الـ G20) الأخير، أو عقد اجتماع لوزراء الصحة العرب عبر التقنية ذاتها؛ من أجل تبادل المعلومات ومناقشة الجهود الجماعية للتصدي للفيروس، ومساندة الدول الأقل قدرة على المواجهة من حيث الإمكانات المادية والخبرات في المجال الصحي.

 

واقترح الكاتب الصحافي المصري عادل السنهوري، في مقال له قبيل أيام قليلة، عقد ما سمّاه بـ "القمة العربية الصحية الأولى" في ظل حالة الفزع والهلع الحالية التي تسببها أزمة فيروس "كورونا". يعول على تلك القمة في إصدار قرارات عاجلة من أجل معالجة هذا الوضع الطارئ.