ضعف الإقبال على السينما بدمشق.. ظروف اقتصادية وتدني مستوى المواد المعروضة

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

 

تعاني صالات السينما في العاصمة دمشق من إهمال لصيانتها وأوضاع مزرية لأثاثها، بعد انخفاض عدد روادها، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية في البلاد وتدني مستوى المواد المعروضة.

 

وقال فراس الحمصي، وهو قاطع تذاكر في سينما "الفردوس"، لـ "نورث برس": "أقطع سبع إلى عشر تذاكر يومياً، وثمن التذكرة كان /750/ ليرة سورية، تمّ رفعها في الفترة الأخيرة إلى ألف ليرة سورية، لكن غلّة الصالة في أفضل الأحوال لا تتجاوز 15 ألف ليرة سورية يومياً".

 

وقال جود سعيد، وهو مخرج سينمائي لـ "نورث برس"، إنّ تدني مستوى القدرة الشرائية للسكان هو السبب الرئيس في العزوف عن حضور الأفلام في صالات السينما، "من يريد أن يحضر فيلماً فإنه سيفكر بقوت يومه قبل أن يفكر بغذاء روحه".

 

وأضاف أنّ "غياب السياسية الثقافية لدى الحكومات المتعاقبة منذ 1990، أي منذ إزالة القوانين التي كانت تمنع إنشاء صالات تجارية واستيراد الأفلام بشكلّ حر، أدّى إلى تراجع حاد في عدد الجمهور الذي يرتاد صالات السينما، وارتفعت النسب قليلاً في سنوات الحرب، على عكس المتوقع، رغم رداءة الشرط الفني في معظم صالات العرض في المراكز الثقافية وغيرها".

 

وأدى غياب الصالات الشعبية وغياب المنافسة بين دور عرض السينما إلى أن تكون صالة "سينما سيتي" في دمشق، هي الأفضل ارتياداً من قبل قليل من الأشخاص ممن لديهم قدرة شرائية عالية.

 

وينتقد "سعيد" ما تقدمه صالات المؤسسة العامة: "إنّ الصالات المملوكة من قبل المؤسسة العامة للسينما، لا تستطيع أن تقدم سويّة فنيّة عالية في عرض الأفلام، كما ساهم الحصار بعجز هذه الصالات عن استيراد الأفلام العالمية التي يرغب الناس متابعتها".

 

وقال المخرج والناقد السينمائي علي العقباني إنّ عدد الصالات تقلّص منذ أعوام، والمؤسسة العامة السورية للسينما احتكرت استيراد وتصدير الأفلام.

 

وأضاف أنه رغم إصدار المؤسسة العامة السورية للسينما قراراً بعدم تحويل أي صالة سينما إلى مكان عمل آخر، كمطعم أو مول أو غيره، في محاولة لعودة ثقافة ارتياد السينما، وحاولت ترميم الصالات التابعة لها، " لكن الجمهور والجيل الجديد يشاهد أفلام السينما عبر الإنترنت وربما شاشات التلفاز".

 

وتعتبر سوريا من أوائل الدول العربية التي شهدت عروضاً سينمائية منذ دخول أول آلة عرض سينمائية إلى البلاد في العام 1912، والتي أحضرها حبيب شماس إلى دمشق، وقدم بها عروضاً في (مقهى المرجة) الذي كان يقع آنذاك مكان فندق سميراميس حالياً، وكانت هذه الآلة تدار باليد وتعمل بتأثير غاز الأسيتيلين. 

 

وكانت عادة حضور الأفلام والمسرحيات في دور العرض في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، منتشرة ومعروفة لدى أغلب العائلات الدمشقية، فكانوا يلبسون الثياب الجديدة ويمضون سهرة الخميس في السينما أو المسرح، ولكن العادة تراجعت بشكل كبير بعد انتشار التلفاز، بالتزامن مع تراجع اهتمام القائمين على دور عرض السينما بالصالات ونوعية الأفلام.

 

ويتذكر الصحفي والباحث كنعان الفهد 70) عاماً)، أيام شبابه عندما كان ارتياد صالات السينما ثقافة وعادة راقية، "وكان عدد الصالات كبيراً، واستثمارها عملاً ناجحاً، وكان المستثمرون حتّى بداية الثمانينيات يستوردون الأفلام العالمية عن طريق المؤسسة العامة للسينما، كان الإقبال آنذاك كبيراً والصالات رائعة".

 

وأضاف: "ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الجديدة، أدّت إلى إحجام الناس عن الذهاب إلى الصالات".