خيارات ضيقة لتركيا في ليبيا.. ومزيد من الخسائر في انتظارها

 

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

اتخذت تركيا قرار التدخل في ليبيا مباشرة، بدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، والفصائل المسلحة في طرابلس، فأرسلت وفوداً متتالية من المرتزقة المدعومين من جانبها للقتال إلى جوار تلك الفصائل في مواجهة الجيش الوطني الليبي، فضلاً عن إرسال جنود أتراك أقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخراً بسقوط قتلى في صفوفهم.

 

وباتت خيارات تركيا في ليبيا خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما مواصلة التصعيد ومن ثمّ مزيد من الخسائر، أو الخروج بأقل الخسائر من خلال رفع يدها عن دعم الميلشيات.

ويؤكد السياسي الليبي، محمد العباني، في تصريحات خاصة لـ "نورث برس" أكد فيها على أن موقف تركيا لا يبدو بأفضل حال في ليبيا منه في سوريا، قائلاً: "أعتقد بأن تركيا قد تورطت في ليبيا وسوريا معاً، ولن تستطيع الخروج من هذا الفخ الذي أقحمها فيه الرئيس رجب طيب أرودغان".

 

وأقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمقتل عدد من جنود أتراك في ليبيا قبيل أيام قليلة، في ضربات متوازية مع ما تتلقاه تركيا هناك في سوريا من ضربات، قتل خلالها العشرات وأصيب آخرون من الجنوب الأتراك خلال شهر شباط/فبراير، في هجمات للقوات الحكومية في إدلب، بما يؤكد فشل رهانات أردوغان في الملفين معاً.

 

وأفاد بأن أنقرة من جانبها "لن تستطيع حسم الأمر لصالحها، وستكون هناك أصوات وحراك كبير في تركيا ضد أردوغان، ما يتسبب في تظاهرات وشغب ضد التدخل (..) علاوة على أن هناك دولاً تقف ضد تركيا، ولن تسمح لها بالسيطرة سواء في ليبيا أو سوريا (..) فضلاً عن أن الجيش التركي محاصر في إدلب وفي طرابلس، وستكون خسائره كبيرة".

 

وعن خيار مواصلة التصعيد، قال رئيس المؤتمر الوطني الليبي، في معرض حديثه مع "نورث برس" إن التصعيد ليس في صالح تركيا، متوقعاً تراجع الجانب التركي في ليبيا ومحاولته التقرب إلى كل من إيطاليا وفرنسا، واتخاذ قرار موحد بشأن ليبيا.

 

المُهمة التي ظنّها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سهلة في ليبيا، اصطدم بواقع مختلف تماماً عما كان يعتقده، وبمدى الخسائر التي مُني بها، على أساس أنه يحارب على جبهتين استراتيجيتين متباعدتين في آن واحد.

 

وهذا ما يشرحه المحلل السياسي الليبي، محمد الزبيدي، في تصريحات لـ "نورث برس"، مؤكداً أن "الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، لن يتراجع عن موقفه وتحرّكاته الهادفة إلى تحرير كل شبر من الأراضي الليبية، تحرير طرابلس ودحر الميلشيات تماماً".

 

يواجه ذلك الإصرار وتصاعد عمليات الجيش التركي أي سيناريوهات أو خيارات تركية في ليبيا. وطبقاً للزبيدي فإن "الجيش الوطني ماضٍ من أجل تحرير ليبيا بالكامل من المجاميع الإرهابية وإعادة سيادة البلد ووحدتها الوطنية"، لافتاً إلى أن معركة القضاء على الميلشيات لم تتوقف.

 

وفيما حذر مراقبون من مساعٍ تركيّة لتمضية الوقت أو اللعب على عامل الوقت باستغلال المحادثات السياسية والتفاوضية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب النظرية لها خلال المفاوضات والتوصل لاتفاق يضمن مصالحها، اعتبر المحلل السياسي الليبي أن "أي اجتماعات في هذا الصدد مضيعة للوقت، على أساس أن الحل الوحيد في ليبيا هو دحر الميلشيات والقضاء عليها تماماً، فوجود عنصر واحد من الميليشيات في ليبيا يعني تهديد أمن واستقرار ليبيا".

 

وتحدث السياسي الليبي في السياق ذاته عن ما وصفه بـ "الصمت الأممي إزاء الانتهاكات والتدخلات التركيّة في ليبيا، ما بين دعم الميلشيات بالمقاتلين المرتزقة القادمين من إدلب (شمال سوريا) أو دعمهم بالسلاح والعتاد وغير ذلك". وأمام ذلك "الصمت الأممي" فإن الجيش الوطني الليبي ماضٍ في خياره الوحيد وهو دحر الميلشيات والتصدي لكل تلك التدخلات.

 

وكان المشير خليفة حفتر، قد رهن موافقته على وقف إطلاق النار، بشروط أهمها إخراج "المرتزقة" المقاتلين في ليبيا والقادمين من سوريا وتركيا، من ليبيا نهائياً، ووقف نقل الأسلحة إلى طرابلس. ووصف التدخل التركي بـ "الغزو" الذي يقاومه الجيش الوطني الليبي ويتمسك بحقه في التصدي له تماماً.

 

ذلك في الوقت الذي كان فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أقر بإرسال قوات تركيّة -لم يحدد عددها إلى ليبيا- كما اعترف، قبل أسبوع، بسقوط جنديين منهم في الصراع الدائر هناك.