"التطبيع" يختبرُ السودان على وقعِ "غزوات" إسرائيل لقارة إفريقيا

رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس

 

انتقدت السلطة الفلسطينيّة اللقاء المفاجئ الذي جمع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في مدينة عتيبي عاصمة أوغندا، واصفةّ إيّاه بـ"طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني وتجاوز خطير للمبادرة العربيّة".

 

في المقابل، تحدثت الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة "مكان" عن اتفاق "تاريخي" بين إسرائيل والسودان في خطوة نحو التطبيع بين البلدين.

 

وأشار مصدرٌ عسكريٌّ إسرائيلي إلى احتمال فتح المجال الجوّي السوداني أمام طائرات الركاب الإسرائيليّة ممّا يؤدّي إلى تقليص وقت السفر بين إسرائيل والبرازيل.

 

لكن الناطق الرسمي بلسان حكومة السودان فيصل محمّد صالح، قال إنّه لم يتم التشاور وإخطار مجلس الوزراء بشأن لقاء رئيس المجلس الانتقالي بنتنياهو، بل تمّ تلقّي الخبر عبر وسائل الإعلام. وأضاف أنّ مجلس الوزراء السوداني ينتظر التوضيحات بعد عودة البرهان.

 

وركزت الصحافة الإسرائيليّة في أعدادها الصادرة، الثلاثاء، على لقاء نتنياهو-البرهان، فانتهزت صحيفة "يديعوت احرونوت" الفرصة كي تتحدّث عن اختراق وتطوّر في علاقة إسرائيل مع المغرب، وذلك في سياق التطبيع المتنامي مع الدول العربيّة.

 

أمّا موقع "واللا" الإسرائيلي، فرأى في تقريرٍ تحليليٍّ، أنّ "السودان الجديدة" أدركت أنّ الطريق إلى "قلب" واشنطن يمرّ عبر إسرائيل. فيما اعتبرت القناة "11" أنّ ثورة السودان قد حوّلت الخرطوم من لا تحالف مع إيران، إلى الاتفاق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

 

لكن صحيفة "معاريف" العبرية كان لها رأيّ أقلّ حماسة، إذ رأت في تحليلها أنّ لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني مع نتنياهو في أوغندا لا يؤشّر إلى التطبيع. واستعرضت الصحيفة تاريخ العلاقات الإسرائيليّة- السودانيّة، فقالت إنّ الخرطوم حاربت ضدّ إسرائيل وساعدت في هجرة يهود أثيوبيا إلى إسرائيل.

 

وانتقالاً من التصريحات السياسيّة، فقد كشف نتنياهو أنّ البرهان، يريد مساعدة دولته في الدخول في عمليّة حداثة، وذلك من خلال إخراجها من العزلة، ووضعها على خريطة العالم.

 

ويرى مراقبون للوضع، أنّه لا يمكن بالواقع تفريق هذه الجملة، عن التقارير التي تقول إنّ السودان يهرول نحو إسرائيل، لكي تتشفّع له لدى أمريكا، لشطبه من قائمة الدول الراعيّة للإرهاب.

 

والمعارضة السودانية معروفة بأنّها تقف على الجانب الآخر، أي أنّها علمانيّة ومؤيدة للتقارب من إسرائيل. ويُلاحظ أنّ العديد من المهاجرين السودانيين إلى إسرائيل، عبّروا في حديثهم لـ"نورث برس"، عن حماستهم الشديدة لمرحلة ما بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير وإقامة علاقات مع إسرائيل.

 

والأحد، تلقى برهان دعوةً من وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو للقائه في واشنطن، حيث أنّ العلاقات بين واشنطن والخرطوم تتقدّم منذ الإطاحة بالبشير. والتقارير التي تفيد بوجود محادثات بين الخرطوم وتل أبيب من تحت الطاولة، لم تتوقف في الفترة الماضية، ولكن الخرطوم كانت تنفي هذه التقارير دائماً.

 

وكان موقع "ميدل ايست آي" البريطاني، قد قال في وقت سابق إنّ رئيس المخابرات والأمن الوطني السوداني صلاح غوش، أجرى محادثات سريّة مع رئيس "الموساد" الإسرائيلي في ألمانيا الشهر الماضي، على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ. ومن المعروف أنّ إسرائيل تجري المحادثات مع الدول العربية التي لا تقيم معها علاقات دبلوماسيّة، عبر الموساد ومجلس الأمن القومي.

 

وعززت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة علاقاتها بالدول الإفريقيّة، فتحسنّت بعد فترة صعبة؛ إذ وقف العديد من قادة إفريقيا في حقبة ما بعد الاستقلال مع العرب، ونظروا بعين الريبة إلى دعم إسرائيل للفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

 

ومع تطوّر الخبرة الإسرائيليّة في التكنولوجيا العسكريّة والزراعيّة، ازدادت فرص التجارة مع إفريقيا. فلإسرائيل حالياً علاقات دبلوماسية مع /39/ من أصل /47/ دولة في إفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى.