الفنانة هيجا نتيرك: الإدارة الذاتية في سوريا معجزة تحققت

 

واشنطن – هديل عويس – نورث برس

 

"الحقوق" تلك هي الكلمة التي تجمع قضايا ورسالات الحياة بالنسبة للفنانة هيجا نتريك، مغنية من ماردين جنوب تركيا، قضية شعبها الكردي وقضيتها كمرأة ورسالتها كفنانة، وربما تكون الكلمة نفسها سبباً لوصفها لتجربة الإدارة الذاتية بـ"المعجزة التي تحققت".

 

وكانت الفنانة الكردية هيجا نتيرك، قد أطلقت مجموعة من الأغاني الجديدة التي تمزج ما

 

بين الموسيقى الكردية مع البوب والروك الشعبي الحديث والتي تم إصدارها عبر الأنترنت.

 

وتلمس أغاني، المغنية والمتحدثة السياسية، موضوعات مرتبطة بالوضع الكردي في المنطقة واضطهاد المرأة، بعد أن اختبرت الاعتقال من قبل السلطات التركية في يناير/ كانون الثاني عام ٢٠١٦، عندما احتجزتها السلطات التركية بتهمة إيواء امرأة زُعم أنها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

 

ترى نتيرك، في حديث خاص لـ"نورث برس"، إن ما دفع السلطات التركية الى تلفيق التهم ضدها واعتقالها، هو كونها متحدثة وناشطة سياسية تقوم بالعديد من النشاطات العامة، فبالطريقة نفسها يتم اعتقال أعداد كبيرة من الكرد في تركيا، و"تعتبر الدولة التركية أي شخصية كردية عامة تسعى للتحدث بصوت عالٍ عن حقوق الكرد عدواً".

 

بداية من السجن

 

وعن مسيرتها الفنية، قالت، "تعلمت عزف الغيتار في السجن وتوجهت الى مجال لطالما أحببته وهو الغناء وصنع الموسيقى، وهو مجال لا يبتعد كثيراً عن النشاط السياسي العام، فأن تكون

كردياً يغني ويصنع موسيقى كردية، هذا بحد ذاته فعل سياسي في محيط يسعى إلى سلب الكرد ثقافتهم ولغتهم".

 

 

وأشارت نتيرك إلى حالة القمع المستمرة بحق الكرد في تركيا، والتي لم تتوقف في أي

 

عهد، بسبب إدراك الحكومات التركية لعمق اختلاف الكرد وخصوصية ثقافتهم، "وحقنا في

 

تقرير مصيرنا والتعبير عن هويتنا، لذلك نرى تركيا تتعامل مع أي حالة كردية متمردة، ولو على نطاق ضيّق، بشكل قمعي حاد يعكس عموماً طبيعة الدولة التركية".

 

ولم يسلم متابعو أغاني نتيرك من الملاحقة حسب قولها، إذ أن أي متابع من داخل تركيا لأغانيها التي تنشرها على موقع "تويتر" هو مشروع للاعتقال والتنكيل به، "يجب أن ندرك أن تركيا ليست سوى بلد شرق أوسطي قمعي آخر لم أشعر في ظل حكوماته يوماً بالأمان ككردية أو كامرأة".

 

معجزة كرد سوريا

 

تقول نتيرك، المنحدرة من مدينة ماردين الواقعة جنوب تركيا على الحدود مع سوريا، أن الشعب الكردي هو شعب واحد أينما وجد، كما تتشابه أساليب القمع والظلم التي تعرّض لها شعب يحمل ثقافة واحدة ولغة واحدة لم تندثر رغم الظروف، إلا أن تجربة "روجآفا" ونجاح كرد سوريا بالحصول على إدارة ذاتية ونوع من القدرة على التعبير عن الذات والعيش بحرية هو بحذ ذاته معجزة وضرب من ضروب المستحيل التي تحققت، حسب تعبيرها.

 

وزادت، "كان كرد سوريا دائماً هم الأكثر تعرضاً للقمع ومحاولات نسف الهوية والثقافة والوجود، فرغم استبدادية صدّام وجرائمه الإبادية ضد الكرد، إلا أن اللغة الكردية لم تكن ممنوعة في العراق، لذلك نرى كرد العراق أكثر قدرة على التعبير عن ثقافتهم، أما في سوريا فقد حاول النظام السوري محو الهوية والثقافة الكردية بشكل كامل، فكان هناك من بين الكرد من لم يتم تسجيلهم في النفوس ولا يحصلون على هويات وليس بإمكانهم تملّك أي عقارات، بالإضافة إلى تنفيذ ما يسمى بالحزام العربي المحيط بقرى الكرد في سياسات قمعية استبدادية مارسها النظام السوري دائماً حتى ضعف وخسر قدرته السابقة على الاستمرار بحملات القمع المعهودة".

 

وتقارن نتيرك بين تلك الحال وتحوّل كرد سوريا إلى "إقامة إدارتهم الذاتية المستقلة"، لتنبهر قائلة، "هو أمر يدعو لفخر وسعادة أي كردي في العالم".

 

ثم تعود إلى تركيا لتتأكد من حكمها بوحدة قضية شعبها وتشابه التنكيل بحقه، فتتحدث عن استنفار الدولة التركية لكل علاقاتها السياسية والدبلوماسية وترساناتها من الأسلحة ومرتزقتها للقضاء على تجربة الإدارة الذاتية بشتى الطرق، لكنها ترى أنه كلما طال عمر التجربة يوماً واحداً فإنها تزداد رسوخاً وتصبح أمراً واقعاً.

 

"ونرى أهمية تجربة روجآفا لعمق تأثيرها على سلوك حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا والتي تغيظها التجربة لدرجة سعيها الى التنكيل بروجآفا وقتل سكانها".

 

ورغم صعوبة المرحلة بالنسبة للكرد، إلا أن نتيرك ترى فيها مرحلة تاريخية تبشّر بيوم قريب ينال فيه الشعب الكردي حقوقه، حيث ستؤثر تجربة "روجآفا" على المنطقة برمتها.