القاهرة – محمد أبوزيد – نورث برس
تصاعدت خلال الساعات الماضية حدة التلاسن بين القاهرة وأنقرة، عقب إقدام السلطات المصرية على مداهمة مكتب وكالة "الأناضول" لنشرها أخبار ومعلومات مغلوطة حول الأوضاع السياسية في القاهرة، ما دفع الخارجية التركيّة لاتهام مصر بـ"التصرف بعدوانية"، الأمر الذي ردّت عليه الخارجية المصرية بفضح الانتهاكات التركيّة لحقوق الصحافيين، باعتبار أن "النظام التركي يتربع بامتياز على مؤشرات حرية الصحافة حول العالم كأحد أسوأ الأنظمة انتهاكاً".
وعقب الإطاحة بحكم "جماعة الإخوان" في مصر في 30 حزيران /يونيو 2013 توتّرت العلاقات المصرية-التركية، في ظل الدعم التركي "للإخوان المسلمين". وشهدت السنوات الماضية محطّات عديدة زادت من وهج ذلك التوتر، من بينها ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط مع قبرص واليونان، ما اعتبرته تركيا إضراراً بمصالحها. ومن بين المحطّات الداعمة للتوتر أيضاً مواصلة أنقرة دعم "الإخوان"، واعترافات مُتهمين بعمليات "إرهابية" بتلقيهم دعماً من تركيا، فضلاً عن التحركات التركية الهادفة للإضرار بالأمن القومي المصري، مثل تحركاتها في ليبيا.
بداية التوتر الأخير كانت مساء الأربعاء، حينما داهمت قوة من وزارة الداخلية المصرية "شقة" بمنطقة باب اللوق بالقاهرة، وألقت القبض على /4/ من الموظفين العاملين فيها، أحدهم تركي الجنسية.
وجاء ذلك بعد أن "رصد قطاع الأمن الوطني اضطلاع إحدى اللجان الإلكترونية التركية الإعلامية باتخاذ إحدى الشقق بمنطقة باب اللوق كمركز لنشاطها المناوئ تحت غطاء شركة (سيتا) للدراسات التي أسستها جماعة الإخوان بدعم من دولة تركيا"، وفق بيان الداخلية المصرية.
وذكر البيان أن المكتب المذكور كان يعد "تقارير سلبية تتضمن معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والحقوقية وإرسالها لمقر الوكالة (الأناضول) بتركيا بهدف تشويه صورة البلاد على المستويين الداخلي والخارجي".
بعد عملية الاقتحام، استدعت السلطات التركية القائم بالأعمال المصري. وعلق الوزير مولود تشاووش أوغلو، في بيان، على الواقعة قائلاً إن السلطات المصرية "تتصرف بعدوانية مع تركيا، بعد بدء أنقرة اتصالات مع روسيا حول الوضع في ليبيا".
وانتقدت الخارجية التركية وضع الحريات الصحافية في مصر، ما اضطر الخارجية المصرية لإصدار بيان تفضح فيه أوضاع الحريات في أنقرة.
وأعرب المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن رفض مصر، جملةً وتفصيلاً، لما ورد في بيان وزارة خارجية تركيا والتصريحات التركية الأخرى حول الإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطات المصرية في التعامُل مع إحدى "اللجان الإلكترونية الإعلامية التركية غير الشرعية في مصر"، والتي عملت تحت غطاء شركة أسستها عناصر لـ"جماعة الإخوان" (التي تصنفها السلطات المصرية كتنظيم إرهابي) بدعم من تركيا، لنشر معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والحقوقية في مصر، وإرسالها لأوكارها في تركيا، سعياً لتشويه صورة البلاد على المستويين الداخلي والدولي.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن جميع الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية المعنية في هذا الشأن تمت وفقاً للقوانين والضوابط المعمول بها حيال التصدي لمثل تلك الحالات الشاذة والخارجة عن القانون.
واستهجن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية صدور هذا البيان عن "نظام يتربع بامتياز على مؤشرات حرية الصحافة حول العالم كأحد أسوأ الأنظمة انتهاكاً لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وغيرها من الحقوق والحريات الأساسية، ويقوم بدعم وتمويل جماعات متطرفة وميليشيات إرهابية في عدد من دول المنطقة رغبةً في تمكينها من التحكم في مصائر شعوبها بقوة السلاح وباتباع أساليب مارقة للترهيب والترويع، وذلك في مسعى يائس من نظام أنقرة لتحقيق تطلعات شخصية ومآرب خاصة بغية استحضار ماضٍ مبني على وهم أمجاد زائفة".
وذكرت الخارجية المصرية في بيانها الصادر في ساعة مبكرة من صباح اليوم، أنه "كان أولىَ بخارجية تركيا، وهي تقذف بسموم نظامها عملاً بعوار دجله، أن تعي أن ذلك لن يمحي أو يشوش على واقع النظام المخزي الذي زج بتركيا في الوحل وجعلها تحتل موضعاً متقدم عالمياً في معدلات سجن الصحفيين، وآل بها لتقبع بالمرتبة /157/ من أصل /180/ دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2019، حيث تم على سبيل المثال – وليس الحصر – إلغاء تصاريح ما يقرب من /٦٨٢/ صحفي في تركيا خلال الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 حتى مارس/ آذار 2019"، وفقاً للعديد من التقارير ذات الصلة.