نورث برس
بعد حملة الضغوطات الأمريكية القصوى على إيران والتي لم تفضي إلى تغيير السلوك الإيراني، بل دفعت طهران إلى المزيد من التصعيد في العمل على برنامجها النووي, باتت التساؤلات تطرح حول الخطوة التالية التي ستأخذها الولايات المتحدة، خاصة أن سلسلة من الاعتداءات الإيرانية على مصالح أمريكية ومصالح الحلفاء في الخليج لم تقابل برد أمريكي حاسم، اضافة إلى عدم اظهار الولايات المتحدة أي نية لاستغلال الاحتجاجات الشعبية ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
وعلى الرغم من تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأن الحكومة الإيرانية قامت في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر الجاري بقطع خدمات الانترنت عن إيران لتقتل ما يقارب الألف محتج خلال أيام ما أدى إلى توقف الاحتجاجات في إيران، لم تقم الولايات المتحدة بأي خطوة تذكر للضغط على النظام الإيراني سوى عقوبات جديدة على بعض الكيانات التي قالت واشنطن أنها تقمع المتظاهرين، الأمر الذي يتكرر في العراق ولبنان دون إجراءات فعالة من واشنطن.
ومع الظروف السياسية المحيطة بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقضية عزله، والانتخابات التي تخوضها الولايات المتحدة العام القادم، تبدو إدارة ترامب أقرب إلى عقد الصفقات والمفاوضات مع خصومها من بكين إلى طهران حيث أشار براين هوك، المبعوث الأمريكي للشأن الإيراني في مقابلة أجراها مع صحيفة "بلومبيرغ" الأسبوع الماضي إلى استعداد الولايات المتحدة إلى اجراء محادثات مباشرة مع طهران، الا أن الحكومة الإيرانية ترفض أي شروط مسبقة من الجانب الأمريكي وتطالب برفع فوري للعقوبات قبل الخوض في أي محادثات, حيث تعوّل إيران على قدرتها على الصبر على العقوبات حتى الدورة الرئاسية القادمة لترامب أو انتظار إدارة ديموقراطية ستكون حتماً منفتحة على رفع العقوبات أو على الأقل تخفيفها للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
محادثات سرية
من جانب آخر، وأمام هذا التردد الأمريكي في اتخاذ أي خطوات حاسمة ضد النظام الإيراني، ترددت أنباء نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" وصحف أمريكية أخرى الأسبوع الماضي عن محادثات سلام سرية أجرتها المملكة العربية السعودية مع إيران لتجنب أي تصعيد مستقبلي بين الطرفين، مع اعلام الرياض لطهران بأن السعودية والإمارات العربية المتحدة لا يدفعان الولايات المتحدة للتصعيد مع إيران.
وقال المحلل السياسي جورجيو كافييرو لـ"نورث برس" أن السعودية شعرت بالإحباط من الاتفاق النووي الذي عقدته إدارة اوباما مع إيران في العام 2015 الا أنها تخشى اليوم أكثر وخاصة بعد استهداف أكبر لمنشاتها النفطية من قبل إيران أو ميليشياتها دون أي رد يذكر من الجانب الأمريكي، حيث كان الرئيس ترامب قد نفى قبل أسابيع أنباء ترددت عن عزم الولايات المتحدة ارسال الالاف من الجنود الأمريكيين إلى منطقة الخليج لمواجهة النفوذ الإيراني.
وصرّح مسؤول سعودي رفيع المستوى لم يذكر اسمه لصحيفة "وول ستريت جورنال" بأن هجمات إيران على المنشآت النفطية السعودية في الـ14 من أيلول/ سبتمبر غيرت قواعد اللعبة والسعودية تسعى لتغيير الاستراتيجية تجاه إيران للحفاظ على طموحاتها ورؤيتها لتطوير البلاد بعيداً عن الصراعات.
نفي إيراني
وفقًا لسفير إيران في باريس، بهرام قاسمي، ومسؤولين آخرين، فان طهران قد ناقشت مع السعودية خطة سلام تتضمن التعهد المتبادل بعدم الاعتداء والسعي للتعاون لتأمين صادرات النفط بعد سلسلة من الهجمات التي ضربت منشآت وناقلات نفطية ترتبط بالمصالح السعودية والاماراتية في منطقة الخليج.
ومن جانبه نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس الموسوي، وجود أي مفاوضات سرية بين طهران والرياض، مشيرا في المقابل إلى أن هناك دولا تسعى إلى التوسط بين البلدين، وذلك حسب وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرنا".
ولفت الموسوي إلى "أن هناك دولا تسعى، انطلاقا من حسن النية، إلى التوسط بين إيران والسعودية، لكن المفاوضات بين البلدين اقتصرت على إجراءات موسم الحج، ولا علم لي بوجود مفاوضات أخرى".
وأضاف أن "إيران تأمل من السعودية أن تمسك بيد الصداقة التي تمدها إيران نحوها من أجل إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، كذلك تأمل منها التخلي عن سياساتها الازدواجية في المنطقة، وأن تعلم أن الأمن ينبع من دول المنطقة ولن يتحقق عبر شراء السلاح من واشنطن".