تراجع الحالة الثقافية بشمال وشرقي سوريا جراء العملية التركية وسط مخاوف استمرار ترديها

القامشلي – ريم شمعون / شربل حنو – نورث برس

 

بعد الهجمات التركية على مناطق شمال شرقي سوريا بداية الشهر العاشر من العام المنصرم، تأثرت مجالات الحياة في الشمال السوري بالحرب وارتداداتها، لا سيما المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت المنطقة واقعة بين تغيير ديموغرافي وبين تهديد بامتداده وامتداد تغير الخارطة الثقافية.

 

المجال الثقافي في ظل الهجمات التركية وما بعدها، واجه الكثير من الصعوبات التي تعيق حركة القرّاء والكتّاب في المنطقة، حيث قُطعت معظم الطرق التي تربط الجزيرة بمناطق طباعة الكتب من شمال العراق أو حتى من تركيا.

 

إذ يقول عبد الله شيخو مسؤول مكتبة "بنداروك" في القامشلي لـ"نورث برس" إن "هذا العدوان أثر بشكل كبير على جميع مناحي الحياة ومن بينها منحى الثقافة، الذي بات هشاً بعض الشيء".

 

ويرد شيخو أسباب الهشاشة إلى احتياج  الثقافة لـ"بيئة آمنة ومستقرة"، ويردف بأنه "حتى أثناء هجوم التنظيمات الإرهابية على المنطقة في السنين الماضية، تابعنا العمل الثقافي في وقت كان يعتبره البعض مضيعة للوقت في ظل الحرب".

 

يكمل شيخو حديثه، بأن العمل الثقافي "مستمر الآن"، ويستدرك بأن العمل "متأثر بشكل كبير، حيث أصبح للناس في الشمال السوري اهتمامات كثيرة غير القراءة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة في ظل انخفاض مستوى الليرة السورية أمام العملات الأجنبية".

 

وأوضح كذلك أنه قبل بداية الهجمات التركية بأيام قليلة "أرسلنا كتاباً للطباعة خارج المنطقة، تأخر وصول النسخة المطبوعة من الكتاب  لأكثر من شهرين، بسبب قطع الطرقات والأوضاع الغير مستقرة نتيجة العدوان".

 

وفي تعليق على الموضوع ذاته، قال كابي كريغو، طالب جامعي من مدينة القامشلي لـ"نورث برس": كان للثقافة دور كبير في حياتنا سابقاً، لكن بعد العدوان التركي على المنطقة وانشغال معظم الناس بأمور معيشتهم التي باتت نوعاً ما صعبة في ظل ارتفاع الأسعار، تراجعت نسبة القراءة والاهتمام بالثقافة، ومن جهة أخرى قطع الطرق وصعوبة توصيل الكتب والجرائد وغيرها من المواد الثقافية، كل هذه العوامل أدت إلى تراجع المستوى الثقافي في المنطقة".

 

وأكدت راما كالي، من مدينة القامشلي لـ"نورث برس"، كلام كريغو، بأن تخبّط الأوضاع في الجزيرة وخصوصاً بعد العملية العسكرية التركية، "أثر نفسياً و معنوياً علينا، أصبحنا محاصرين اقتصادياً وثقافياً لأن معظم الطرق التجارية المؤدية إلى المنطقة تأثرت بشكل كبير".

 

كما أشارت كالي قائلة: "نحن كقراء كتب، كانت تأتينا الكتب مطبوعةً من خارج المنطقة، الآن كلّما ذهبنا إلى المكتبة لا نجد كتباً جديدة، هذا الشيء يشعرنا بالقلق لأننا مهتمين بالقراءة، فمنذ بدء العدوان التركي لم يأتي كتابٌ واحد إلى المنطقة".

 

 

وتبقى الحالة الثقافية في حالة تراجع نتيجة العمليات العسكرية وتردي الواقع المعيشي وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة، في الوقت الذي تتعرض فيه الثقافة وقراءة الكتب، لتهديد آخر منذ سنوات، وهو تهديد التكنولوجيا الذي لا يزال جمهور القراء والمثقفين يخشون من تأثيراته وارتداداته السلبية على الثقافة والقراءة وطباعة الكتب التي يستسيغونها أكثر من القراءة على وسائل تقنية من كمبيوترات وهواتف محمولة وغيرها.