مصدر حقوقي: البيانات الرسمية تجافي الحقيقة حول عدد “المعتقلين” بمصر
القاهرة- NPA
فيما قدّرت تقارير حقوقية، محليّة (على غرار تقارير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية)، ودولية (على غرار تقارير منظمة العفو الدولية) عدد المقبوض عليهم في التظاهرات التي شهدتها مصر الأسبوع الماضي بأكثر من ألفي شخص، ردّت مصر في بيان رسمي على تلك الإحصاءات، وذكرت أن المقبوض عليهم عددهم يصل إلى نصف هذا العدد المذكور تقريباً. وهو ما نفاه مصدر حقوقي لـ "نورث برس".
كما ردّت مصر، اليوم الاثنين، على الاتهامات التي تلاحقها بشأن تقييد الحريات، ومنع التظاهرات المناوئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تمت الدعوة إليها يوم الجمعة الماضي.
وفي بيان صادر عن الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، حصلت "نورث برس" على نسخة مفصلة منه ظهر اليوم، جددت مصر تأكيدها على أن "الدولة المصرية تحترم حق التظاهر السلمي المكفول دستورياً، ولكن بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة الواردة في القانون الخاص بهذا، شأنها في هذا شأن أي دولة يكفل دستورها هذا الحق وينظمه القانون بها".
المادة 21
ومصر, طبقاً لبيان الهيئة الحكومية المخولة للرد على ما تثيره منظمات ووسائل إعلام غربية ضد مصر, تطبق بدقة، كغيرها من غالبية دول العالم التي تكفل دساتيرها هذا الحق، ما ورد في المادة (21) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، من تنظيم هذا الحق عن طريق القانون.
وعلى أرض الواقع لم تتلق الجهات المختصة وفق قانون التظاهر، أي إخطار من مواطن أو مجموعة من المواطنين أو من أي جهة سياسية أو أهلية باستخدام الحق القانوني في التظاهر السلمي وفقاً للقانون على مدار الأيام الماضية.
وهاجمت الهيئة، منظمة العفو الدولية، مؤكدة أن المنظمة أصرت على أن عدد الموقوفين في مصر خلال الأيام الماضية تجاوز الـ /2.200/ شخص. واستندت في ذلك على ما يبدو على إحصائيات أوردتها منظمات محلية ودولية ذات غطاء حقوقي شكلي ومضمون سياسي مؤكد مناوئ للحكم في مصر، بينما تجاهلت تماما الرقم الرسمي الصادر في بيان عن النائب العام المصري.
وشدد البيان على أن عمليات القبض تمت وفق الإجراءات القانونية وليست اعتقالاً تعسفياً كما تزعم المنظمة. فقد أشار بيان النائب العام المصري إلى استجواب نحو ألف متهم بحضور محاميهم، حتى يوم الخميس، ووفقا لإجراءات قانونية سليمة تتماشي مع الحقوق الواردة في الدستور المصري والقوانين ذات الصلة، وأن "النيابة العامة مازالت تستكمل إجراءات التحقيق وصولاً للحقيقة وتحقيقاً لدفاع المتهمين" وصولاً إلى اتخاذ قراراتها النهائية بشأن كل منهم.
تشكيك
لكنّ مصدراً حقوقياً بارزاً، نفى في تصريح خاص لـ "نورث برس" هذا العدد الذي تسوقه السلطات المصرية، والخاص بالقبض على ألف متظاهر فقط، ووصف الإحصاءات الرسمية بأنها "مجافية للحقيقة تماماً". وفند المصدر الذي طلب
عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية, ذلك بقوله إن هناك الكثيرين ممن لم يتم التحقيق معهم بعد، ولا يُعرف مكان احتجازهم حتى الآن، والرقم الرسمي "ألف شخص" يتعلق بالذين تم التحقيق معهم خلال الأيام الماضية، ولا يضم أولئك الذين من غير المعروف مكانهم بعد، وكذا الذين تم إلقاء القبض عليهم يومي الخميس والجمعة الماضيين.
وشدد المصدر في السياق ذاته على أن "قانون التظاهر الذي تستند إليه السلطات المصرية نفسه هو قانون مُعيب ومرفوض، ويشتهر بالأوساط الحقوقية المصرية بأنه (قانون منع التظاهر) إذ لا يُمكن لأحد أن يطلب تنظيم تظاهرة مناوئة أو معارضة، ذلك أن طلبه سيواجه بالرفض وبإلقاء القبض عليه فوراً.. السلطات المصرية تغلق كل السبل من أجل التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، وتمنع التظاهرات عملياً بذلك القانون وغيره من الإجراءات التضييقيه التي تشهدها مصر".
وتساءل المصدر: "من العاقل الذي يُمكن أن يتقدم بطلب تنظيم تظاهرات للسلطات التي يتظاهر ضدها؟ هذا ربما يحدث في دول ديمقراطية ومع أنظمة ديمقراطية، لكن الحال في منطقتنا –وليس في مصر فقط- بعيد كل البعد عن تلك المفاهيم" مشيراً إلى أنه في ضوء تلك الإجراءات الاستثنائية التي تشهدها مصر "هناك أبرياء كثر داخل السجون بحاجة لمراجعة موقفهم، لاسيما أولئك الذين تم إلقاء القبض عليهم بتهمة خرق القانون المشار إليه (قانون التظاهر)".
وشهدت السلطات المصرية الحالية، احتجاجات غير مسبوقة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الأسبوع الماضي، وذلك على وقع وقائع كشف عنها مقاول سابق ارتبط بمشروعات مع القوات المسلحة، يُدعى محمد علي، زعم فيها تورط السلطات المصرية في قضايا فساد وإهدار مال عام ببناء مشاريع فاخرة وقصور رئاسية.