أحمد ترك لــ”نورث برس”: حقوق شعبنا هي التي تم سلبها وليست البلديات
الرقة – شيروان يوسف – NPA
قال السياسي الكردي المخضرم أحمد ترك لــ"نورث برس" إنّ قضيتهم في تركيا ليست "مجرد بلدياتٍ تمت السيطرة عليها" بل هناك حقوق شعبٍ تم سلبها, والحكومة الحالية تستهدف الشعب الكردي بشكلٍ خاصٍ و"فقدت عقلها" في مجال الحقوق، منوها إلى وجود إشاراتٍ دوليةٍ بأنّ تركيا لن تستطيع الاستمرار بالوجود في سوريا والتهرب من انهياراتها الداخلية.
السياسي الكردي أحمد ترك فاز في الانتخابات بمحافظة ماردين بجنوب شرقي البلاد، بحصوله على /56/ في المئة من الأصوات, كما كان تُرك قد اُنتخب رئيساً لبلدية ماردين في العام 2014، لكن الحكومة عزلته وعيّنت مكانه مديراً حينها أيضاً.
وكانت قد أعلنت وزارة الداخلية التركية في 19 آب/أغسطس 2019 عزل /3/ رؤساءِ بلدياتٍ كردٍ ينتمون لحزب "الشعوب الديمقراطي", كانوا قد فازوا في الانتخابات التي شهدتها تركيا في 31 آذار/ مارس 2019, بعد تعيين وكلاءٍ من حزب "العدالة والتنمية" بدلاً منهم في كلٍّ من مدن ديار بكر ووان وماردين، جنوب شرقي البلاد.
وكانت الداخلية التركية قد قامت بالإجراء نفسه بين عامي 2016 و2017 حينما عزلت العشرات من رؤساء بلدياتٍ منتخبين في هذه المدن واستبدلتهم بأُمناء من الحزب الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
يقول أحمد ترك الذي اُنتُخب عضواً في البرلمان التركي في العام 1973، وكان نشطاً على الساحة السياسية عبر اتصالٍ هاتفي لــ"نورث برس": "لم أشهد قط مثل هذه الفترة. لم يكن هناك عهداً أبداً جُرّدت فيه الانتخابات من أي مغزىً وقضي فيه على الإيمان بالديمقراطية إلى هذا الحدّ".
"حقوق مسلوبة"
يقول أحمد ترك إنّ اجراءات الحكومة التركية من حيث عزل رؤساء البلديات "لا تمتُّ بالحقوق بأية صلةٍ" مؤكّداً "ما سلبته تركيا منا ليست مجرد بلدياتٍ، إنما حقوق الشعب الكردي هي التي تم سلبها".
ويلفت إلى أنّ سياسة الحكومة التركية تستند إلى "العداء" للشعب الكردي وتريد (الحكومة التركية) التخلص من "الإرادة السياسية" للكرد.
ويعترف تُرك أنّهم لا يملكون أية آليةٍ لمواجهة الحكومة سوى "طرقِ الأبواب القانونية".
ووفقا للمادة /127/ من الدستور التركي، فإن "هيئات الإدارة المحلية هي كياناتٌ عامةٌ تأسست بهدف تلبية الاحتياجات العامة لسكان المحافظات والبلديات والقرى على المستوى المحلي، على أن يكون اختيار الهيئات القائمة على صنع القرار في هذه التقسيمات الإدارية بالانتخاب وفقاً لما هو منصوصٌ عليه في القانون. ويحدّد القانون أيضاً مبادئ الهيكل التنظيمي".
ويضيف السياسي الكردي "هناك تواصلٌ مع محكمة حقوق الإنسان في أوربا، بالرغم من أننا متأكدون أنّه لن تكون هناك نتيجة من المحاولات عبر الآليات القانونية، كون الحكومة قضت على كل شيء اسمه حقوق وقانون" مردفاً أن الحكومة التركية "فقدت عقلها".
"لأننا كُردٌ !"
يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن القضية الكردية في تركيا "بالغة التعقيد"، وتؤثر بشكلٍ كبيرٍ على كل من السياسة الداخلية والخارجية لبلده، لذلك يعمل أردوغان على الترويج للخطاب "كل الكرد إرهابيين" في استراتيجيته، حسب الأكاديمي والباحث التركي غوكهان باجيك.
ففي الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2018، أقالت الحكومة أيضا معلّمين كُرداً وموظفين بالبلدية وعدداً من الأكاديميين وقعوا على عريضة في 2016 تدعو إلى تجديد السلام في التعامل مع القضية الكردية.
ويقول رئيس بلدية ماردين المُقال أحمد ترك لــ"نورث برس" إنّ "بعض الأطراف التركية ساندتنا في هذه المرحلة، وكان لها موقف سياسي مشرّف، ولكن الحكومة التركية الحالية لا تستمع لأحدٍ وتفعل ما برأسها، لذلك لا جدوى من هكذا مواقف في التغيير".
ويضيف: "الحكومة التركية الحالية تنتهج سياسيتين، الأولى هي ضدّ معارضيها و الثانية ضدّ الكرد".
ويقول أحمد ترك: "عندما حصل إمام أوغلو على بلدية اسطنبول للمرة الثانية، لم يكن هناك شيءٌ تفعله الحكومة، ولكن الشعب الكردي لا صاحب ولا ساند له، هذه هي الحقيقة، عندما يكون الموضوع كردياً ليست هناك أطراف تستمع للحقوق والديمقراطية".
انهيار داخلي
يرى السياسي الكردي أنّ الحكومة التركية لن تستطيع الاستمرار في سياستها "المعادية" للكرد، لأنّها تمر بأزماتٍ داخليةٍ "تضع مصير البلاد كلها على المحكِّ".
إذ تُعاني تركيا الآن من أزمةٍ اقتصاديةٍ شديدةٍ، والشعب "فقد ثقته بالحكومة الحالية، وينخفض صوت السلطة يوماً إثر يوم " بحسب أحمد ترك, ويضيف أنّ السلطة الحالية لن تستطيع إدارة تركيا بهذا الأسلوب، فهي "لم تعد تملك شيئاً تفعله لأجل البلاد".
شمال شرقي سوريا
يراهن الكرد على التوازنات الدولية للعودة إلى الساحة السياسية بعدما انهارت "عملية السلام" التي كان يقودها الزعيم الكردي عبدالله أوجلان بين عامي 2013-2015، فــ "الدول العظمى تعمل الآن على احتواء تركيا ولن تسمح لها بفعل أي شيءٍ خارج حدودها".
وتستند السياسة التركية في الوقت الحالي إلى "تصدير المشاكل إلى خارج الحدود" حسب أحمد ترك الذي يرى أنّ هدف تركيا في إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري مجرد لعبةٍ من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويضيف "تحتاج الحكومة إلى قصة نجاحٍ ويمكن تصوير إنشاء منطقة آمنة على أنّه انتصار للسياسة الخارجية لأردوغان، ولكنها لن تفلح في ذلك" حسب ترك.
ويكمل "هذه السياسة لن تستمر، ولن تستمر تركيا بالوجود في سوريا، لأن سوريا ساحةٌ دوليةٌ ولن تسمح الدول العظمى لتركيا بلعب أي دورٍ في المستقبل السوري".