مشروع اجتماعي بدمشق يقدم بحثاً حول تفاعل الجمهور مع فنون الأداء المسرحي والجسدي
دمشق – جاد نجار- NPA
قدّم فريق "مشروع أثر" للدراسات الاجتماعية المعنيّة بالشباب السوري والمكوّن من ثلاث شابّاتٍ جامعياتٍ وناشطاتٍ في الشأن الثقافي ورقةً بحثيةً بعنوان "دراسة كيفية حول خبرة الجمهور في تلّقي فنون الأداء الجسدي في دمشق" بدعمٍ من المؤسسة الأوروبية للثقافة وبالتعاون مع "غاليري قزح" بدمشق القديمة.
مجتمع مغلق
وقالت يارا توما، خريجة إعلام 2010، في تصريحٍ خاصٍ لـ "نورث برس" "نحن كمجتمع ما زلنا لا نتقبّل عملية الانكشاف على الآخر".
واستكملت حديثها حول أهم ما توصلوا إليه في دراستهم ولقاءاتهم مع مجموعاتٍ متنوعةٍ من الشباب هو عاداتُ الفِرجة عند السوريين، والتي يمكن أن يلخّصَ بأنّ:
"الجمهور السوري يحاول التظاهر بأنّه غير موجودٍ، وينظر للجسد كعلبةٍ يقبع المرءُ داخلها وهذا ما يعيقه عن قراءة ما يحاول الجسد قوله في عروض الرقص خاصةً. لأن العروض الراقصة تقوم أساساً على أجسادٍ تتحرك وتتفاعل وتتلامس".
وأضافت أن إشكالية البحث تمحورت حول ماهية الخبرة المرتبطة بالجمهور السوري في تلّقيه للعروض المسرحية وفنون الأداء الجسدي وأخذ مدينة دمشق نموذجاً؟!.
وأوضحت بقولها "حاولنا خلال أربعة عشر شهراً (أي منذ أواخر 2018 وحتى اليوم) تجنّبَ أن تكون الدراسة ضمن المنهج الكمّي الإحصائي الذي يعتمد على تعميم النتائج على الشرائح الأوسع في المجتمع".
وأردفت "كان سعينا ليكون البحث عن طريق المنهج الكيفي/الظاهراتيّ (الفينومينولوجيا) لفهم عادات وسلوك الناس في التعامل مع الظاهرة الثقافية عن طريق اللقاءات المباشرة وجهاً لوجه مع العيّنة المدروسة من شباب وشابات تراوحت أعمارهم بين 18 و35 سنة يعيشون في دمشق ومحيطها".
أحاسيس المتفرج
بدورها نور أبو فرّاج (ماجستير علاقات عامة من كلية الإعلام) صرّحت بقولها: "إنّ الأهم بالنسبة لنا هو التفاعل بين الجمهور والعرض. فالمسرح يبقى مسرحاً حتى لو تغيّرت الخشبة بالمعنى التقليدي وأُقيم العرضُ في بيتٍ عربيٍ أو في الشارع وحتى لو كان هناك مُشهِدٌ واحدٌ في الصالة".
وأوضحتْ فكرتَها بأنّ "أحاسيس المتفرج هي ما تشكلّ المسرح كنوعٍ فنّي من حيث التفاعل اللحظيّ والآني بين الممثلين والناس الذين يعبّرون بشكل مباشر عن رأيهم سواء عن طريق التململ في مقاعدهم أو الضحك أو الهمسات الجانبية أو الاندماج الكلّي وحبس الأنفاس والتصفيق الحارّ في النهاية". مبيّنةً أنّ كل هذه الأفعال وردود الأفعال هي ما تهتم به الدراسة التي أجروها.
الحواجز المعيقة
فيما بيّنت دينا أسعد (وهي ناشطة حقوقية ومهتمة بالشؤون الثقافية) أهمّ الحواجز التي تعيق الجمهور السوري من الذهاب إلى المسرح قائلة "غيابُ الإعلان والترويج يأتيان في رأس القائمة، ثم الموقف السلبي من الفنون بسبب القيم الدينية والأخلاقية عند البعض، ثم سويّة العروض المقدّمة وغياب ثقافة الذهاب إلى المسرح كجزء من الحياة اليومية" فيما وضعتْ "الرقابة السياسية" في آخر القائمة تبعاً لنتائج دراستهم.
فيما التقت "نورث برس" بمخرج فنون الأداء البصري "فصيح كيسو" الذي قال: "إن ما شاهدتُه وسمعتُه هو كنزٌ حقيقيٌ بالنسبة لي، وهو شيء جديد كبحثٍ نظريّ قليلٌ من نوعه في سوريا".
وتابع بأنّ ما سمعه "أضاف إلى خبرتي الشخصية في عروضي التي تعتمد أساساً على الأداء التفاعليّ مع الجمهور وهذا سيفيدني في كيفية التعامل معه في العروض القادمة".
وأوضح "وبحكم إقامتي وسفري الدائم بين أستراليا وسوريا يعنيني أن أقدّم هذا النموذج من التفاعل بين الفنون الأدائيّة التي اكتسبتها من اطلاعي على عادات الجمهور الغربي في التلّقي. واليوم أفادتني هذه الدراسة بفهمٍ أوسع للجمهور السوري".
وكان فريقُ أثر قد عَرَضَ عدّة فيديوهاتٍ توضيحية مشغولةٍ بطريقة الغرافيك والإنيميشن، وفتحَ باب النقاش والمداخلات والملاحظات التي اتّفقت على أنّ الورقة البحثية ينقصها دراسة جمهور المسرح الشعبي التجاري، والمسرح العسكري (مسرح 8 آذار) وخصوصية كل منهما، وأنه حبّذا لو كان هناك مقاطع مصوّرة تعرض جلساتِ النقاش واللقاءات مع شباب وشابات العيّنة المدروسة لزيادة الموثوقية والأثر الإيجابي.