“عاصفة اعتراضاتٍ” على نتائج القبول المبدئي للمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق
دمشق – أحمد كنعان – NPA
أعلن المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق أسماء المقبولين للورشة المبدئية للعام الدراسي الحالي وعددهم /52/ حيث خضعوا لورشة عمل مكثّفةٍ استمرت عدة أيام، وسيتم في الفترة القريبة اختيار حوالي /15/ منهم ليكونوا مقبولين بشكل نهائي من أصل /800/ متقدم، ما أثار موجةً من عدم القبول والسخط لدى المُقدمين.
عاصفةٌ من الاعتراضات
ومنذ لحظة إعلان النتائج انفجرت عاصفةٌ من الاعتراضات على صفحات التواصل الاجتماعي، واحتوت تصريحاتٍ تُشكِّك بنزاهة الاختبار وبأنّ القبول يتم عبر "الواسطة" حتى أنّ البعض صرح علانيةً عن رشاوي تصل إلى الملايين ولمّح آخرون إلى أنّه تم اختيار الأسماء قبل هذا الاختبار الشكلي، وترافق ذلك مع مطالباتٍ واسعةٍ بإلغاء هذه النتائج وإعادة الاختبار بلجانٍ أخرى وبرقابة تضمن النزاهة.
تواصلت "نورث برس" مع المعترضين، الذين طلبوا عدم ذكر اسمائهم خوفاً من الانتقام بالاستبعاد في العام المقبل، فقالت (ح – د): "الوقت المتاح لاختبار المتقدم هو غير عادلٍ، فكيف يستطيعون التأكد من وجود الموهبة أو عدمه خلال 15 دقيقة فقط؟".
وأضافت عن طريقة الاختبار أنّ اللجنة تعاملت بشكل غير مقبول "جعلني أشعر بإهانةٍ كبيرةٍ وبذلت جهداً لأحافظ على طاقتي وسألوني أسئلة تعجيزية يعرفها المتخرج من المعهد وليس المُتقدم، فعلى سبيل المثال طلبوا مني أن أقارن بين سعد الله ونوس وتنسي وليامز ولا أعرف ماذا يهم ذلك بكوني موهوبة تمثيلٍ أم لا".
في حين قالت (ر ـ ج) "لقد ضربوني بحبات الكاجو والعنب أثناء اختباري!".
أما (ك، ق) فقد خرجت من الاختبار باكيةً لأنّها تعرضت لسخريةٍ غير إنسانيةٍ بسبب لدغةٍ خفيفةٍ لديها بحرف السين.
وكل هذا يدل على شكلية الاختبار وعدم جديته حسب ما قال المتقدمون، الذين طالبوا بإلغاء نتائج الاختبارات لأنّها "غير نزيهة".
نفيٌ قاطع
أما ماهر الخولي عميد المعهد العالي للفنون المسرحية نفى نفياً قاطعاً أي تدخلٍ في النتائج من خارج اللجنة، وقال حول آلية وضع العلامات "كل عضو في اللجنة لا يعرف تقييمات الأعضاء الآخرين ولو اعطى للمتقدم العلامة الكاملة فإنه لن يؤثر إلا بنسبة 1 على 8 لأنّ مجموع العلامات يقسَّم على عدد أعضاء اللجنة".
وأضاف "هذا إذا سلَّمنا جدلاً بأنّ الأساتذة أعضاء أصحاب التاريخ الفني سيضحون بسمعتهم لقبول شخصٍ لا يستحق وسيبتلون به أربع سنواتٍ لأنّهم الذين سيدرّسونه وسيوقّعون على تخرجه" لافتاً إلى خشيته من أن يكون التشكيك قد أصبح جزءاً من ذهنية جيلٍ كاملٍ.
وعن أسئلة اللجنة وسلوكها مع المتقدمين قال "من حق اللجنة أن تسأل وتستفز وتربك المُتقدم، ولها أن تطلب فرضياتٍ وتجري عملية البحث التي تراها مناسبةً على المُتقدم وهذا في صالحه آخر الأمر، ولا يمكن تصنيف هذا الاختبار بأنه غير إنساني، لأنه فنيٌ محض وخطير".
وعلّق بأنّ "المُمثّل يستخدم نفسه في فنه جسدياً وروحياً وعلى اللجنة التأكد من سلامة وأهلية وجدارة أي متقدم". وأشار إلى أنّ كل مُتقدم أخذ وقته كما يستحق مضيفاً أنه تم إعادة اختبار بعض المتقدمين.
خريجون عاطلون عن العمل
وعن وجود خريجين لم يثبتوا جدارةً، ـ وهي قضيةٌ يستند إليها كل مشكّكٍ بنزاهة القبول ـ قال الخولي "مهمتنا أن نؤهل الطالب وندربه ونثقّفه ونخرّجه لنتأكد من امتلاكه مقومات الممثّل المسرحي، أما حصوله على الفرصة فهذا أمر لا علاقة لنا به".
أما بخصوص مسألة الاستثناءات برّر الخولي ذلك بالقول أنّه "خلال سنوات الحرب تأثر المعهد سلباً كما تأثرت كل الحياة في سوريا، ونرغب الآن بإعادة المعهد إلى أصول ما كان يعمل به على مستوى الانضباط ومختلف العلاقات القائمة به من خلال اللوائح والقوانين".
وانتهى بالقول "إن التفاوت بالأعمار بين أبناء الدفعة الواحدة يؤدي إلى مشاكل نحن بغنى عنها".
تغييرات طفيفة
أشار الدكتور جمال قبّش، وهو عميد سابق للمعهد، إلى أنّ آليات اختيار طلبة قسم التمثيل لم يتغير فيها الكثير منذ افتتاح المعهد 1977 فقد أضيفت ورشة العمل وأصبح عدد أعضاء اللجنة أكبر.
ولكن وحسب قوله "على الرغم من تخرج عدد كبير من دفعات قسم التمثيل، إلّا أنّنا لا نجد أي دراسة علمية متخصصة تضع النقاط على الحروف وتوضح لنا آلية اختيار الطلبة".
وأضاف بأنّه كان قد طلب الاحتفاظ بعلامات التقييم التي يضعها أي عضو في اللجنة وذلك "لمعرفة مصداقية كل عضو من أعضاء اللجان الفاحصة، ومدى صحة خياراته، وهل لديه بُعد نظر في خياراته من خلال انجاز الطلاب الذين قبلهم على أرض الواقع".
القوائم تتغير
ولفت قبّش إلى أنّ المادة /48/ من النظام الداخلي للمعهد تخّول العميد تشكيل اللجان الفاحصة وإقرار نتائجها بعد أخذ الموافقة الإدارية من وزير الثقافة وقال "لكن القوائم المقترحة للجان وحتى للناجحين من الطلبة المرشحين للدراسة بالمعهد قد يصيبها بعض التغير لأسباب تختلف من وزير لآخر ومن عميد لآخر".
وأضاف "عندما يكون هناك اختيارٌ سليم للكوادر العلمية والإدارية، وعندما يكون هناك احترامٌ للقوانين والأنظمة، عندها فقط نستطيع اختيار الطلبة دون أية ضغوطٍ ودون أن يكون هناك أي احتجاجٍ
انفلاتٌ وتخبط
ووضّح جمال أنّ المعاهد التابعة لوزارة الثقافة بعيدةٌ عن المعايير الاكاديمية الصحيحة والسبب برأيه "عدم وجود من يمثّل هذه المعاهد في مجلس التعليم العالي في سوريا، والذي من مهامه وضع ومراقبة الضوابط العلمية للتعليم العالي، وهذا هو سبب حالة الانفلات والتخبط الذي تعيشه هذه المعاهد".
الجدير ذكره أنّ عمادة المعهد العالي للفنون المسرحية كان قد تولاها عشرة عمداء منذ تأسسيه 1977 كان آخرهم ماهر الخولي، وهذا هو العام الدراسي الأول بعمادته للمعهد.