مع تصاعد الإشكاليات التي تواجه السوريين بمصر محامون مصريون يتطوعون للدفاع عنهم
القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
في خطٍ متوازٍ مع تزايد الضغوطات والمشكلات التي تواجه اللاجئين السوريين في مصر، بخاصة المرتبطة بالإقامة وترتيب الأوضاع الداخلية والدخول، فضلاً عن قضايا الزواج وتسجيل الأبناء ولم شمل الأسر واستقدام الأقارب من الدرجة الأولى وما إلى ذلك من القضايا المدنية، شهدت الفترة الأخيرة تطوع عدد من المحامين المصريين، للدفاع في قضايا السوريين؛ لمساندتهم في التصدي لما يواجهونه من إشكاليات قانونية.
مُنذ تزايد التدفق السوري على مصر ما بين عامي 2012 و2013 تحديداً، ثمة محاميون مصريون تخصصوا في قضايا السوريين في مصر، كان أبرزهم المحامي يوسف المطعني، وكذالك المحامي عصام حامد، لكن في الفترة الأخيرة تزايد عدد المحامين الذين أعلنوا التطوع للدفاع عن قضايا اللاجئين السوريين، في مواجهة العديد من الإشكاليات القانونية التي تواجههم، واستجابة لرغبة الكثيرين توفيق وتقنين أوضاعهم وأوضاع ذويهم، بخاصة مع خفوت دور المفوضيّة مع تزايد أعداد اللاجئين ومشاكلهم المختلفة.
ويُعلن العديد من المحامين المصريين عبر الصفحات الخاصة بالسوريين في مصر عن تطوعهم للدفاع في قضايا السوريين، كان من بينهم المحامي أحمد جمعة عنتر، الذي قال إنه تطوّع في نطاق القاهرة الكبرى (كيان إداري يضم العاصمة المصرية والمحافظات الواقعة على أطرافها) لمساعدة أي سوري – بدون أي مقابل مادي – يتعرض لمشكلة سواء أمنية أو جنائية أو حتى مشكلة مع المحليات، واعتبر أن تلك المبادرة التطوعية هي "أقل واجب يمكن أن يتم تقديمه للإخوة السوريين".
أما المحامي عصام الوكيل فقد شارك قُبيل أيام أرقامه الخاصة للتواصل عبر الواتس آب أو الاتصال المباشر، بواحدة من أكبر المجموعات الخاصة بالسوريين في مصر عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، من قبل أي سوري يتعرض لمشكلة أمنية أو غير ذلك. وعلى نهجه المحامي محمد إبراهيم، الذي أعلن التطوع لخدمة السوريين في نطاق محافظة الإسكندرية (شمال القاهرة) وتقديم الاستشارات القانونية بشكل مجاني.
المحامي محمد عبد الرازق، هو أحد المتطوعين أيضاً لمساعدة السوريين، يقول "أنا محامي مصري، إذا كان هناك أي شخص سوري يواجهه أية مشكلة قانونية أو يحتاج إلى أية استشارة قانونية سواء في مجال الإقامة أو القضايا المدنية أو الشركات، فأنا جاهز لتقديم المساعدة، بصورة خالصة لوجه الله".
تهافتُ المحامين المصريين، خلال الفترة الحالية على وجه التحديد، من أجل تقديم المساعدة القانونية للسوريين, جاء في خطٍ متوازٍ مع تزايد القضايا الملّحة التي يواجهها السوريون في مصر، بخاصة مشاكل الإقامة والمشكلات المدنية المرتبطة بالزواج وتسجيل الأبناء رسمياً وحتى السفر والدخول واستقدام الأسرة (لم الشمل) وغير ذلك.
ويقول المحامي المصري يوسف المطعني, وهو من أوائل المحامين المتابعين للشأن السوري منذ بداية الأحداث في سوريا، والذين تخصصوا في قضايا السوريين, إن السوريين دخلوا مصر هرباً من مشاكل داخلية، من قصف وحرب داخلية.. عندما أتوا إلى مصر جاؤوا إليها على اعتبار أن هناك علاقات متجذرة في جذور التاريخ بين الشعبين المصري والسوري.. دخلوا ولم يرهقوا الحكومة المصرية أو الشعب المصري ولم يكونوا عبئاً على أحد، بل أضافوا للمجتمع المصري إضافات كثيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وتابع: "بين الفينة والأخرى يتم الهجوم على السوريين في مصر بدون أي سبب.. أي شخص يريد أن يقدم مادة إعلامية أو يجس النبض بسبب أو لآخر يتخذ السوريين وسيلة للتسلق.. وقد تم ذلك عدة مرات في مصر، بينما السوريون في مصر يعانون من كثير من المشاكل أهمها مشاكل الإقامة والدخول ولم الشمل، وهم في حِلٍ عن مزيد من المشاكل الأخرى المفتعلة.. الشعب المصري هو شعب محب للشعب السوري ومتضامن معه، والأزمة السورية هي أزمة استثنائية، بالتالي يجب أن يكون التعاطي معها بشكل استثنائي أيضاً".
واعتبر المطعني أن الهجمات الأخيرة على السوريين في مصر هي هجمات مفتعلة من قبل قلة تريد إشعال نيران الفتنة عن غير فهم لطبيعة الأمور.
وفيما تدعم مفوضية اللاجئين السوريين في مصر السوريين بالاستشارات القانونية والمحامين المدافعين عنهم في أي إشكالات قانونية، إلا أن ذلك الدور قد خفت بصورة كبيرة بسبب "تزايد عدد اللاجئين بدرجة لم تستطع المفوضية التعامل مع كل القضايا بالشكل المطلوب"، وهو ما أكده محامٍ متعاون مع المفوضية في تصريح لـ "نورث برس"، شدد خلاله على أن هذا العدد الهائل من السوريين في مصر وكل شخص له ظروفه ووضعه ومشاكله القانونية الخاصة، صار أمامه من الصعب أن تخصص المفوضية هذا العدد من المحامين لمساندة اللاجئين قانونياً.
وتابع المحامي المتعاون مع المفوضية والذي فضل عدم ذكر اسمه، إن هذا الواقع فرض على عديد من المحامين المصريين, من واقع المسؤولية الأخلاقية والإنسانية, أن يقدموا خدماتهم للسوريين بشكل تطوعي، في ظل تلك الأزمة الاستثنائية، بخاصة أن كثيراً من السوريين يجهلون القانون المصري والإجراءات الرسمية، ويريدون طيلة الوقت استشارات قانونية خاصة.