تبرع بكرسيه لمعاق .. سوري يضرب نموذجاً إنسانياً في مصر

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
"الإعاقة! أين الإعاقة؟! الإعاقة هنا (يُشير إلى رأسه) وليست في المشي أو الكلام.. أنا لا أريد مالاً، أريد فقط أن أعمل وأعتمد على نفسي وأثبت أنني موجود هنا وأعتمد على ذاتي"، يقول محمود الأفندي، الشهير بـ "محمود السوري" المقيم
في مدينة العاشر من رمضان المصرية، والذي يضرب نموذجا في الإنسانية والنجاح.
يحظى محمود بشهرة خاصة جداً في مدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة)، يعرفه الناس هناك بمثابرته وكدّه واجتهاده وتحديه الإعاقة. يقول إنه جاء إلى مصر قبل عامين، وهدفه الرئيسي ألا يبقى عالة على أحد، وأن يعتمد على نفسه ويثبت أنه موجود، متحدياً إعاقته الحركية.
"وفّر لي البعض فرص عمل في مصانع بالمدينة، لكن أصحاب المصانع لم يقبلوا بي بسبب الإعاقة، فبدأت الاعتماد على نفسي"، من هنا بدأ محمود السوري قصة نجاحه وشهرته الخاصة، فعمل في بيع الحلوى (البونبوني والبسكويت والتوفي) داخل أحد الأندية الشهيرة في المدينة وأمامها.
عادة ما تراه مُتجولاً بـ "موتوره" الذي يطلق عليه المصريون "فيزبا"، في أرجاء المدينة، يبيع عليه الحلوى، بعد أن اشتراه مؤخراً ليسهل على نفسه التجوال في داخل المدينة. وعادة ما تراه في وصلات مزاح مع الأهالي الذين يحبونه ويقدرون تجربته وتحديه الإعاقة التي يعاني منها، وهي إعاقة حركية (لكنه يستطيع المشي) وإعاقة في الكلام.
لست متسولاً
يرفض الأفندي، وهو شاب في العشرينات من عمره يعيش رفقة أهله في مصر، أية "حَسنة" أو صدقات تُقَدم له، ويقول إنه ليس متسولاً، بل إنه يعمل ويكد لكسب الرزق بعرق جبينه من تجارته في الحلوى، التي استطاع من خلالها خلال الفترة الأخيرة أن يشتري كرسي خاص به، ثم يشتري "موتور" مناسب له، يساعده في توصيل الطلبات ويسهل عليه عمله.
أكثر ما يكرهه الأفندي هو ظاهرة التسول في المنطقة التي يعمل بها، ويقول إن المتسولين هناك يخرجون يومياً بنحو /500/ جنيه (الدولار بـ 16.5 جنيهاً تقريباً)، ويتمنى من المسؤولين أن يجدوا حلاً لتلك المشكلة، لاسيما أن هناك متسولين لا يستحقون فعلاً.
ليست قصة تحدي الأفندي للإعاقة وتقديمه من خلالها نموذجاً ناجحاً ومؤثراً، هي ما جذبت الأنظار إليه وجعلته معروفاً, بل عمله الإنساني أيضاُ؛ فبخلاف كونه يمتلك عزة نفس لا نظير لها ويرفض تلقي أي مساعدات، فإنه يحب مساعدة الآخرين، وبخاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة، حتى أنه تبرّع لصديقه المصري بكرسيه المتحرك رأفة بحالته.
"كان عندي كرسي كهربائي في النادي، أعطيته لصاحبي المصري محمد (..) وأخته الأصغر منه هي التي تحمله ووزنه ثقيل عليها، هو عنده ضمور بالمعدة (..)أنا متأثر جداً بصديقي".
دعم ذوي الاحتياجات
يتمنى الأفندي أن يعمل بمركز لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، من أجل مساعدة المعاقين هناك دون أجر، ويصف نفسه بأنه "أكثر شخص يشعر بهم"، وذلك في رسالة إنسانية بالغة الدلالة تعكس جانباً من شخصية محمود الذي رغم معاناته في بلد اللجوء وكذا معاناته مع الإعاقة الحركية يسعى لمساعدة غيره من ذوي الاحتياجات الخاصة. وأصحاب الهمم من المصريين في البلد الذي يقول إنه أحبه كثيراً، وفي نفس المدينة التي احتضنته.
ويشير إلى أنه عندما أتى إلى مصر كان حلمه أن يعود إلى سوريا بعد أن تهدأ الأوضاع، لكنه الآن يحب مصر كثيراً ويحب العيش فيها، بخاصة في ظل ما لاقاه من ود وحب من المصريين، لافتاً إلى أنه كان يعمل ببيع الحلوى داخل أحد النوادي بالمدينة لكن تم منعه من قبل إدارة النادي من التجول، وطالبوه بالالتزام بمكان مُحدد داخل النادي، وهو ما قلل من حجم مكسبه اليومي، وهو الآن يتمنى أن يتم السماح له بالعمل داخل نادٍ آخر ويسمح له بالتجول فيه..