تقارير تقرع نواقيس الخطر بشأن “عودة وشيكة وخطيرة” لتنظيم الدولة الإسلامية

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
ينطبق المثل العربي الشهير "يموت الزمّار وتبقى أصابعه تلعب"، تماماً على تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق, الذي تلقى ضربات قاصمة أفقدته السيطرة على الأرض وفتحت الطريق أمام الحديث عن نهاية حتمية للتنظيم، بدأت مؤشراتها مع تراجع عمليات التنظيم بشكل ملحوظ.
لكنّ ظلّت تلعب "أصابع الزمّار"، ممثلة في العمليات الخاطفة التي ينفذها التنظيم هنا وهناك، من خلال خلاياه النائمة، حتى بدأت عمليات دق نواقيس الخطر بشأن "عودة وشيكة وخطيرة لـ"الدولة الإسلامية".
كشف تقريرين خلال الأسبوع الجاري، عن عودة التنظيم بالفعل, الأول كان للأمين العام للأمم المتحدة، قدّمه لمجلس الأمن، وقال فيه إن التنظيم الذي يمتلك موارد مالية ضخمة قد يكون تراجع عملياته أمراً مؤقتاً فقط، لينذر بذلك بعودة للعمليات القوية.
بينما الثاني فأعده مفتش عام في وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الأربعاء، قال فيه إن التنظيم عاود الظهور بالفعل في سوريا، وعزز قدراته في العراق.
وثمة العديد من العوامل التي مهدت الطريق لعودة التنظيم، منها عوامل خارجية عنه مثل الثغرات الأمنية في العديد من المناطق، وبعضها عوامل داخلية منها ما يتمتع به التنظيم من موارد مالية كانت أساساً لحمايته من الموت الإكلينيكي كغيره من التنظيمات السابقة على مدار التاريخ، وكذا أذرعه وخلاياه النائمة التي منحته فرصة التواجد، فكرياً على الأقل.

ثروة
وفي هذا الإطار، يُعدد مدير مركز مراجعات الجماعات الإسلامية في القاهرة والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة خالد الزعفراني في تصريحات لـ "نورث برس" أبرز الأسباب التي أسهمت في عودة تدريجية لـ"الدولة الإسلامية"، لكنها "لن تكون في جميع الأحوال عودة كسابق عهده للسيطرة على مناطق شاسعة في سوريا والعراق كما كان عليه الوضع في 2015 وما بعدها، أول تلك العوامل الظروف الأمنيّة في سوريا والعراق والفراغ الحادث في بعض المناطق، ما أسهم في نشاط خلايا التنظيم النائمة وعودتها لتعزيز مواقعها في بعض المناطق.
أما العامل الثاني في تقدير الزعفراني فمرتبطة بالأساس بـ"استغلال التنظيم موارده المالية التي حافظت على قوامه الرئيسي وجعلته متماسكاً بشكل نسبي بعد الضربات والخسائر التي مُني بها في سوريا والعراق، وبعد خسارته الأرض التي كانت تُدر عليه كنوزاً هائلة في سوريا والعراق"، مشيراً إلى أن تلك الأموال جمعها التنظيم من خلال "بيع وتهريب النفط" في المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وكذلك "الضرائب" التي كان يفرضها على الأهالي هناك، إضافة إلى "المساعدات الخارجية والدعم الذاتي".
وفي سياق الحديث عن ثروة "الدولة الإسلامية" التي أهَّلته للثبات بشكل نسبي على رغم ما تلقاه من ضربات مهلكة، يشير الزعفراني إلى التقرير الصادر مؤخراً عن الأمم المتحدة، والذي قدّر ثروة التنظيم بـ"/300/ مليون دولار".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد أعلن في تقرير له قبل يومين، أن ثروة "الدولة الإسلامية" تصل إلى /300/ مليون دولار، مع عدم وجود مطالب مالية للسيطرة على أراض والسكان. وحذر في التقرير الذي قدّمه لمجلس الأمن من أن "انخفاض وتيرة الهجمات التي يشنها التنظيم المسلح قد يكون مؤقتاً".

ناقوس الخطر
تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة التي قال خلالها إن التنظيم قادر على تنفيذ المزيد من "الأعمال الإرهابية" داخل سوريا والعراق وفي الخارج أيضاً، تلاها بعد يومين تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، ذكر فيه أن التنظيم عاود الظهور بعد سحب أمريكا قواتها من البلاد، علاوة على أن التنظيم نجح في تعزيز قدراته في العراق، وهو ما "يدق ناقوس الخطر" بشأن عودة وشيكة للتنظيم بعد تراجع عملياته في الفترة الأخيرة على ضوء نجاح التحالف الدولي بقيادة أمريكية في حسم الأمر.
وإلى ذلك، أوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية طارق السعيد، في تصريحات خاصة لـ"نورث برس" من القاهرة، أنه لا يُمكن إغفال مسألة أن "هناك جهات وأجهزة استخباراتية دولية لا تريد أن تنتهي الدولة الإسلامية"، وتريد أن تكون ورقة دائمة للمساومة في قضايا دولية مختلفة.
وأشار السعيد إلى أن الشرق الأوسط هي منطقة "حرب بالوكالة" لتلك الأطراف, تلك الجهات تريد أن تبقى المنطقة "مشتعلة" لأطول وقت ممكن.
وشدد على أنه حال عودة التنظيم من جديد طبقاً للمؤشرات الراهنة والتقارير التي تدق ناقوس الخطر بشأن عودة التنظيم ستكون عودة "أكثر وحشية" لأن عناصر التنظيم لديهم رغبة واسعة في "الانتقام" بعد الخسائر التي منيوا بها والضربات الفتاكة التي تعرضوا لها في سوريا والعراق".
ولا يستبعد الخبير في الشؤون الإسلامية إمكانية "انبثاق تنظيم جديد أشد خطراً من الدولة الإسلامية يحمل نفس الأفكار ويتبع تكتيكات مختلفة تثير الذعر في المنطقة، ويتم استخدامه أيضاً كورقة مساومة في صراعات دولية"، على حد قوله.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيلول/سبتمبر 2018 ، عن سحب القوات الأمريكية رسمياً من سوريا، ونشر تغريدة عبر حسابه على تويتر قال فيها: "بعد الانتصارات التاريخية ضد داعش، حان الوقت أن يعود شبابنا العظيم إلى الوطن".
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية في /23/آذار/مارس 2019 النصر على تنظيم "الدولة الإسلامية" في قرية الباغوز بريف دير الزور آخر معاقل التنظيم.