صوتُ المرأة الإيزيدية حاضرٌ في بيروتْ بالذكرى الخامسة لمجزرة سنجار

بيروت – ليال خروبي – NPA
باللباسِ الإيزيدي التقليدي جالت فريدة سعدو خلقْ في بيروتْ محاضرةً ومدافعةً ومطالبةً بحقوقِ شعبها الذي ذبح أمام العالم فجر الثالث من آب 2014، وصدحت حنجرتها بصوتين، الأول صوت الشعب الإيزيدي ككلّ، والثاني صوتِ المرأة التي لاقتْ ظلماً مضاعفاً، لأنها إيزيدية أولاً وامرأةً ثانياً.
فريدة التي تحرّرت مع عائلتها من خطفِ تنظيم "الدولة" خلال مجزرة سنجارْ تترأسُ اليوم رابطة دعم المرأة الإيزيدية، وقد خصّصت إحياء المناسبة هذه السنة لبيروتْ التي لاقت فيها ترحيباً من عدّةِ جمعيّاتٍ نسائيّة حيثُ شاركتْ بعدّةِ ندواتٍ تفاعليّة حول المجزرة وواقع سنجار اليوم.
وعنِ ذلكَ الفجرِ الأسود تتحدثُ فريدة لـ"نورث برس" بغصّة وتقول: "في ذلك اليوم مات ضميرُ الإنسانية وحقوق الانسان تمّ خرقها وانتهاكها، تعرّضنا لمؤامرةٍ أراقتْ دماءنا وحاولت تصفية وجودنا وهويتنا من صفحات الذاكرة والتاريخ".
وتضيف فريدة" الكابوسُ بدأ يهبط علينا بدءاً من منتصفِ الليل، والشعب الإيزيدي دافعَ عن نفسهِ حتّى آخر طلقة، وفي تلك اللحظات لم نصدّق أن كابوس الإبادة قد يعودُ للمرة الـ74 في تاريخنا".
وعنِ الفكاكْ من أيدي تنظيم الدولة تسردُ فريدة "بعد أسبوعٍ على المجزرة خلّصتنا قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية الشعب وحماية المرأة من شمال سوريا، وأعطونا زادهم الخاصّ من ماءٍ وشرابْ".
لكنّ فريدة تشير إلى أنّ" الشعبَ في شمالِ العراق على خلافِ حكومته ساعدنا، وكذلك الأمر بالنسبة لشعب شمال سوريا الذين ساعدونا بروحٍ فدائية، وأيضاً شعبْ شمال كردستان في تركيا الذي قدم لنا الدعم المادي والمعنوي، وبعدَ هذه الإبادة نستطيع القول كشعب إيزيدي أنّنا لم نجد غير فكر عبد الله أوجلان كمنقذ وحيدْ نتسلّح فيه من كلّ النواحي".
المرأة الإيزيدية كأيقونة
حولَ تثبيت صورةِ المرأة الإيزيدية كمثالٍ على التحدّي والنهوضِ من الاستغلال والذلّ إلى مجدِ المجابهة تتحدثُ فريدة وتؤكد أنّ" المرأة الإيزيدية كانت معروفة تاريخيّا ببسالتها، والديانة الإيزيدية تُعطي المرأة أهميّة كبيرة، وإبّانَ هجومِ العثمانيين كان للمرأة الايزديّة لونها الخاص بالمقاومة، لكنْ بعد القرن العشرين تدنّت مكانة المرأة، وحُصرتْ بشؤون المنزل وخدمة الرجل وإنجاب الأطفال".
وتضيف فريدة "بعد إبادة سنجار، وقفتِ المرأةُ على قدميها بإرادتها الخاصّة وشكّلت تنظيماتها ومؤسساتها، واستعادت عراقتها التي كانت مفقودة، وأثبتت أنَّ المرأة هي أصل المجتمع بخطواتٍ ملموسة، عبر ريادتها في مختلف شؤون الحياة".
أمّا عن ارتباط قضيّة المرأة الإيزيدية بقضايا نساء المنطقة تقول فريدة" ما تعرضنا له يمثل كل ما تتعرض له نساء هذه المنطقة، و(الجينوسايد) الذي تعرّض له الشعب الإيزيدي يحملُ طبقةً ثانية هو (الفيمنوسايد) أي إبادة المرأة، واليوم، لا تزالُ آلافُ النساء الأيزديات مجهولات المصير بعدَ بيعهم لتركيا والسعودية، ونحن لم نستطع الوصول إليهم حتى الآن".
وتعرب فريدة عن أملها بـ" أنْ يكون هناك دعم نسائي لنا في المشرق ويتم تعويمْ قضيتنا، كيْ تتخلّص كل النساءِ من العبودية والاستغلال والذلَ".
الدّعم الحقوقي والدولي
تُعربُ فريدة خلق لـ"نورث برس" عن إحباطها من التغطية الإعلامية الهشّة التي لم تعطِ لإبادة سنجار حقّها الكاملْ في التعبيرِ عن مظلوميّتها وقضيّتها وتشرح "حتّى الساعة ورغم الأهوال لم نحظَ بالتغطية الاعلامية التي نطمح إليها، وهذا التعتيم سببه حسابات وتوازنات كثيرة، وهناك ضغط كبير علينا لنظلَّ مبعثرين ومشتتين".
وتنهي فريدة حديثها بالتأكيد على أنَّ قوة ولُحْمةَ الشعب الإيزيدي الذاتية هي التي ستحجزْ له مكانة في الاهتمام الدولي حتى يسترد كامل حقوقه.