مؤتمرٌ بحثيٌّ في بيروتْ يواجهُ بالأرقامْ الخطابْ الشعبويّ بحقّ اللاجئين السوريين
بيروت – ليال خروبي – NPA
"الإدماج الاقتصادي لتخفيف أزمة اللجوء" تحت هذا العنوان عقد مشروع اللاجئون في بيروت مؤتمراً طرح فيها خيارات معالجة أزمة اللاجئين على لبنان من خلال إقرار أوجه الخلل البنيوية في النظام الإقتصادي اللبناني وإبراز مساهمات اللاجئين الاقتصادية.
وفي ظلِّ الإستقطابْ في لبنان بين خطابٍ شعبويّ تحريضيّ على اللاجئين تقودهُ بعضُ القوى السياسية والوسائل الإعلاميَة، وبين خطابٍ آخرْ رافضٍ لخطاب الكراهية متمثّلا في أصوات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقيّة، ركّزَت محاورُ المؤتمر على أهميّة الابحاث الأكاديمية في مواجهة الخطاب التمييزي والاستقطابي والتأثير على صنع سياسات التدخّل الشاملة.
وقد عرضَ الباحثون في أربعِ جلساتِ عملٍ متوازية نتائج أبحاثهم وآرائهم حول تأثير أزمة اللجوء على الاقتصاد اللبناني وإمكانية وضع سياسات عملية لمعالجة أزمة اللجوء وتحويلها إلى فرصٍ تنموية تنعكس بالفائدة على المجتمعات اللبنانية المضيفة واللاجئين في آنٍ واحد، كما استعرضوا أبرز الفرص والتحديات فيما يتعلق بالقوانين والسياسات التمييزية الإطار القانوني المنظِّم للعلاقات المؤسسية مع اللاجئين، والأداء الاقتصادي كالنمو، الطلب، اقتصاديات المساعدات الإنسانية، سوق العمل والديناميات الاقتصادية المحلية والخدمات العامّة واللاجئين.
الأرقامْ
استعرض المؤتمرون في مداخلاتهم جملةَ أرقامٍ أظهرتْ الواقعَ الفعليّ لمساهمات اللاجئين في الاقتصاد اللبناني، فعلى مستوى فرص العمل، كان الاقتصاد اللبناني يخلق حوالي /3400/ فرصة عمل سنوياً قبل اللجوء السوري، وفي عام /2016/ لوحده خلقت خطة الاستجابة للاجئين السوريين /22500/ فرصة عمل نصفها بدوامٍ كامل، وبحلول العام /2018/، كان عدد الوظائف المدعومة من قبل خطة الاستجابة في القطاع العام /10819/ وظيفة.
كما أظهرت الدراسات المعروضة في المؤتمر أنَّ نسبة الإيرادات الحكومية زادت بين عامي (2011 – 2016) /800/ مليون دولار أميركي والتي يستمد جزء كبير منها من الإيرادات غير المباشرة للسلع والخدمات نظراً للزيادة في الطلب على الساع الاستهلاكية وشرائها.
أمّا بشأن المساعدات الإنسانية التي استلمها لبنان من الجهات الدولية المانحة بين عامي (2013 – 2018) فقد بلغت /5.8/ مليار دولار دولار تُرجمت فعلياً ضخّ /9.33/ مليار دولار في الاقتصاد اللبناني.
غياب الرؤية الواضحة
خلال الجلسة الختاميّة أكد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصّمد أنّ "الحكومة اللبنانية منذ بدء أزمة اللجوء لم تتصرّف على أساس رؤية استراتيجية وسياسية واضحة الأهداف، حيثُ تجاهلتْ الأزمة على أساس مبدأ النأي بالنفس، وحين تصاعدت الأزمة لم تبذل الجهد الكافي لتنظيم هذا الملفّ".
ولفت عبد الصمد إلى أنَّ" لبنان طالبَ مفوضية اللاجئين بتسجيلِ كل الداخلين السوريين منذ العام /2015/ كي يتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته إزاءهم، لكنّه تراجع عن قراره عام 2015 ومنع تسجيلهم ما يؤكد وجود تخبط سياسي ينعكس سلبا على كل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم".
بدوره شدّد أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية جاد شعبانْ على أن "طبيعة الاقتصاد اللبناني غير المنتج والريع يوالقائم على سيطرة المصارف، ما يجعل المشكلة بنيوية"، مؤكدا أن "الخطاب الرسمي اللبناني يستخدم اللاجئين كشمّاعة لفشله الاقتصادي".
كما لفت شعبان إلى " الخلطْ الدائم بين تبعات الأزمة السورية وتبعات اللجوء السوري، وهو لغطٌ تبنته حتى جهاتٌ دوليّة، فالأزمة السورية أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد اللبناني من خلال اغلاق الحدود وتراجع القطاع السياحي، أما أزمة اللجوء فهي حملت جوانب إيجابية وسلبيّة، لكنّ المشكلة كانتْ في غيابْ دراسات علميّة مبنية على الشفافية تظهر الواقع الحقيقيّ".
وبخصوص نتائج وتوصيات المؤتمر، فقد أكدت اهمية المساهمات البحثية في تطوير منهجية تدفع نحو إحداث أثر وتحقيق تغييرات فاعلة على صعيد السياسات وصناعة القرار في مواجهة خطاب الكراهية الشعبوي السائد الذي لا يستند إلى بحوث وأدلة مستقلة، كما دعت إلى الاستفادة من الفرص المتاحة لتعزيز وتمكين شبكات التواصل والتعاون بين الخبراء الفاعلين والوصول إلى البيانات والمعلومات المتعلقة باللاجئين في البلاد.