فيلم “دم النخل” يثير غضب السويداء والأسد يوجّه بتعديله

السويداء – جبران معروف – NPA
أثار فيلم "دم النخيل" موجةً من الغضب والاستياء لدى أبناء محافظة السويداء جنوب سوريا، بعدما نقل ثلاثة صحفيين من أبنائها، أنّ الفيلم يُظهر عسكري يتحدّث باللهجة المحكيِّ بها، كشخصٍ جبانٍ يرتعد حتى يبكي، خوفاً من مواجهة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتشكُّلِ توجُّهٍ عام بأنّ صانعي الفيلم تقصّدوا هذا المشهد للإساءة إلى شباب المحافظة، وهم المتمسكون بإرثٍ ليس آخره هزيمة "داعش" على أطراف السويداء الشرقية.

حلقة مفقودة
قال مصدرٌ مطلعٌ، طلب عدم الكشف عن اسمه، لما وصفه بحساسية الموضوع، في حديث مع "نورث برس"، إنّ "هناك حلقةً مفقودةً في الأزمة التي تسبّب بها الفيلم، فقد كان النص الأساسي للفيلم بما يعرف باللهجة السورية البيضاء، وهي المحكية اليوم في دمشق، التي يسكنها أشخاص من مختلف المناطق السورية، إلّا أنّه عند التصوير تحدّث الممثلون بلهجاتٍ محليةٍ، أبرزها لهجة الساحل، ولهجة أهل تدمر واللهجة الشامية إضافة إلى لهجة ابناء السويداء".
يتلخص المشهد الذي تسبّب بالإشكالية، بأنّ ضابطاً ومجموعة عسكريين كانوا في نقطةٍ متقدمةٍ عن مطار تدمر، يحاولون إعاقة مقاتلي التنظيم باتجاه المطار، وتنفذ ذخيرتهم، فيطلب الضابط أن يبقى معه أربعة عساكر عازبين، ليغطوا على انسحاب زملائهم، وهو عملٌ انتحاريٌ حيث من المرجّح أن يفقدوا حياتهم، "هؤلاء هم أصحاب هذه اللهجات، وبينهم شاب يُظهر الخوف والرغبة بالانسحاب حتى درجة البكاء وهو يتحدّث بلهجة السويداء".
وينتهي الفيلم بموت جميع العسكريين الذين واجهوا "داعش" ببسالة، ما دفع البعض ليتذكر مقولة "الحرب أو الثورة يخطط لها الاذكياء وينفذها الشجعان ويقطف ثمارها الجبناء".

تأجيل العرض الجماهيري
وبيّن المصدر أنّه "مع موجة السخط والغضب التي تملكت غالبية أبناء السويداء، ومع توجيه الرئيس السوري بشار الأسد عدة ملاحظاتٍ عن الفيلم، تم تأجيل العرض الجماهيري إلى وقتٍ لم يحدّد".
وأضاف أنّه "بدأ الحديث عن أنّ الفيلم يتقصّد الاساءة، بسبب استنكاف عدد من أبنائها عن الالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش، وفي الوقت ذاته التعتيم على من قُتل من أبناء المحافظة في قتال داعش وخاصةً أنّ منهم من قُتل في تدمر مسرح الفيلم، إضافة لمقتل أكثر من /250/ شخص خلال صدّ هجوم داعش على السويداء في 25 تموز/يوليو من عام 2018".
ولفت إلى أنّ "إيقاف الفيلم تم لإجراء تعديلاتٍ تطال المشهد الذي استفزّ أهالي السويداء، وتغيير النهاية بحيث يبقى على الأقل أحد العسكريين ليشهد الانتصار على داعش في نهاية الفيلم".

بيان الشركة والمخرج
من جانبها أصدرت الشركة المُنتجة للفيلم وهي المؤسسة العامة للسينما، بياناً مشتركاً مع مخرج الفيلم نجدة اسماعيل أنزور، "… لأنّنا حريصون كل الحرص على أن تصل الرسالة الوطنية بشكلها الصحيح لكل شرائح مجتمعنا السوري المنوّع والمتكاتف بكل أطيافه وخاصةً لأهلنا في كل المحافظات التي قدّمت أغلى ما تملك في سبيل عزة الوطن ورفعته، فقد ارتأينا تأجيل العروض الجماهيرية للفيلم حتى يتسنى لنا دمج الآراء التي جمعناها ليخرج الفيلم بصيغته الجاهزة للعروض الجماهيرية، منسجماً مع قيمة وقداسة كل تلك التضحيات".

الوعد بمراجعة العمل
ولفت البيان إلى أنّه "لمن لم تصل له رسالتنا كاملةً أو وصلت غير كافية نعدكم أنّنا نقوم منذ انتهاء العرض بإجراء المراجعة الكاملة لنقدم لكم عملاً فنياً تفتخرون به".
وعلمت "نورث برس"، أنّه بعد العرض الرئيسي مساء يوم الأربعاء الفائت، بدأت ردود الفعل الساخطة، وتوجيه الأسد عدة ملاحظات للعمل، أدت إلى استنفار القائمين على الفيلم من الكاتبة ديانا كمال الدين والمخرج أنزور، وإدارة مؤسسة السينما، تحت إشراف وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، لتهدئة ردود الفعل على الفيلم، حيث تم اصدار بيانٍ مشتركٍ بين المؤسسة وأنزور، وبيانٍ باسم الكاتبة، وتقرّر إجراء مراجعة للفيلم وتلافي الأخطاء التي وقع بها، مساء يوم الجمعة.