تحسّن علاقة “حماس” بإيران بعد توترها

غزة – NPA
ارتأى رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس موسى أبو مرزوق أن يحسم دقة الأنباء التي تحدثت في الآونة الأخيرة عن محاولات للتقريب بين الحركة والحكومة السورية، عبر اختياره وكالة "سبوتنيك" الروسية كي ينفي كل ذلك، ويقول "إنه لا تطورات في العلاقة".
لكن اللافت أن أبو مرزوق الذي يزور موسكو بدعوة من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، لم يتردد في التباهي بأن علاقة حماس مع إيران باتت الآن "متينة" وفي أفضل حالاتها، بالرغم من أنها شهدت شداً وجزراً، وتوتراً شديداً على إثر موقف الحركة من الأزمة السورية عام 2011 واتخاذ موقف مؤيد لها.
أكد مصدر من حركة "حماس" لـ"نورث برس"، أن العلاقة تحسنت من الناحية العملية بعدما أفرزت الإنتخابات الداخلية للحركة، قيادة جديدة وهو يحيى السنوار كقائد لـ"حماس" في غزة واسماعيل هنية كرئيس للمكتب السياسي للحركة وذلك خلفاً لخالد مشعل الذي قرر الخروج من سوريا في أعقاب اندلاع الأزمة السورية.
والواقع، أن علاقة إيران بالجناح العسكري لحركة "حماس" أقوى من الذراع السياسي حتى في ذروة توتر العلاقة، لدرجة أن الدعم الإيراني يذهب في مجمله لكتائب "القسام" وليس للقيادة السياسية. وبما أن يحيى السنوار جاء من الذراع العسكري، فكان هذا تفسيراً واضحاً بل وأملاً لتعزيز العلاقة مع الجمهورية الإيرانية في عهده.
ويأتي قرار "حماس" بإعادة تعزيز العلاقة مع إيران، بعدما شعرت أن كل محاولاتها للتقارب مع السعودية وجعلها الداعم البديل لإيران قد فشلت، وتوضح في النهاية بأن الرياض  لن تدعم "حركة مقاومة"، على حد تعبير مصدر من "حماس" أثناء حديثه  لـ"نورث برس".
ولعل شعور "حماس" أنها ستكون في الزاوية وسيزداد حصارها، قد دفعها بإتجاه تقوية العلاقة مع إيران، لجعل الأمر "عامِلاً مقايِضاً" وضمن موازين القوى في المنطقة، ولكن بطريقة "مضبوطة" دون أن تظهر "مطيّة" في يد إيران.
بالمحصلة، العلاقة بين حماس وإيران هي "مصلحة"، على خلاف علاقة طهران بحركة "الجهاد الإسلامي" التي يُنظر إليها على أساس أنها "عضوية" وأنها تستلهم "مِن الثورة الخمينية نهجاً لها في تحرير فلسطين".
والواقع، أن ثمة "إبتزازاً" مارسته إيران على حماس بطريقة ضمنية، وتمثل بتعاظم قدرات "سرايا القدس" الذراع العسكري لحركة "الجهاد الاسلامي" في غزة خلال السنوات الأربعة الأخيرة بفعل الدعم المعلوماتي والتقني للجهاد، ما جعل الأخيرة منافساً قوياً ل"حماس" من الناحية العسكرية لا الشعبية؛ لأن "حماس" لا تزال ذات قاعدة شعبية أكبر من "الجهاد".
وفي المقابل، ورغم غضب إيران من "حماس" بسبب موقفها من الحكومة السورية وترجمة ذلك بتخفيض الدعم المالي للحركة، إلا أنها تدرك في نهاية المطاف أن العلاقة من الأساس هي مصلحة وليست عضوية، ولكن مصلحة إيران هي الأخرى تقتضي إعادة العلاقة؛ كي يسهم ذلك في تعزيز نفوذ الجمهورية الإسلامية ودورها كأحد لاعبي النرد المركزيين في القضية الفلسطينية.
ولعل أحد أهداف الدور المصري القوي في ملف غزة سواء على صعيد التهدئة أو المصالحة الفلسطينية، هو لجم أي تأثير إيراني في القطاع باعتباره "الحديقة الخلفية للأمن القومي المصري"، وكذلك لأن تحقيق هذه الغاية دفع الولايات المتحدة وإسرائيل للطلب من مصر لتقوم بدور مستمر وغير منقطع النظير؛ بغية إحتواء وترويض حركة "حماس" وفرملة أي نشاط إيراني في الجبهة الجنوبية بالنسبة لإسرائيل.
المطلوب أمريكياً وإسرائيلياً هو ترويض "حماس" وليس إنهاء حكمها، وهذا ما فسر التقارب بين النظام المصري و"حماس" بالرغم من أن الأخيرة تمثل الذراع الفلسطيني لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تخوض القاهرة عملية إجتثاث للجماعة وأعضائها وقياداتها في مصر، فإنفتاح نظام السيسي على حماس، كان بطلب امريكي وإسرائيلي، وهو ما يفسر حالة التناقض في سياسة مصر اتجاه الإسلام السياسي الذي تقوده "جماعة الإخوان" وتعتبر الأب الروحي لحماس.