القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
تأتيه الأنباء السيئة حول منزله وشركته في سوريا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من أقاربه الذين فضلوا البقاء داخل سوريا.
أبو أيمن اللاجئ السوري الذي رحل برفقة عائلته من سوريا منذ عام 2014م تاركاً بيته وشركته العاملة في الإنشاءات الهندسية ليستقر في مصر كبائع حلوى في شوارعها.
يقول أبو أيمن (اسم مستعار فضلّ عدم ذكر اسمه الحقيقي أو تصويره ) في حديث خاص لـ “نورث برس”: “قبل فترة قصيرة أرسل صديقي صورة شارعنا القديم، وسألني: أي منزلٍ هو منزلك؟ لم أستطع تحديد المنزل لأن الشارع كان مدمراً بالكامل “.
لكل خيارٍ ضريبة
عانى أبو أيمن مع عائلته الصغيرة في بدايات لجوئه حتى نجح في توفير بيت بمدينة نصر(شرق العاصمة المصرية القاهرة) وتأمين تعليم نجليه (يبلغان من العمر تسع وعشر سنوات تقريباً). ولم يستطع العمل في أي مجال سوى عمله في الانشاءات الهندسية.
حاول العمل في مجاله لكنّ ثمة العديد من الظروف التي حالت بينه وبين العمل فيه، وأهمها ضعف الإمكانات المادية التي تمكنه من تدشين شركته الخاصة أو عمله الخاص.
ويروي أبو أيمن قصته لـــ “نورث برس” قائلا: “مرّت الأيام ولم أجد أمامي سوى العمل في أي شيء آخر متاح خلاف مجالي لكسب الرزق وتأمين مصاريف الأسرة. بدأت في صنع الحلوى برفقة عائلتي في المنزل ومن ثمّ بيعها، كون الحلوى السورية تحظى بشهرة واسعة في مصر, هذا الخيار كان مُتاحاً، فعملت به”.
ويضيف “الخيار كان بين أمن أسرتي وحياتهم وبين أعمالي ومستقبلي وشركتي.. بالطبع اخترنا سبيل النجاة، فجئنا إلى مصر احتماءً بها من الحرب في سوريا، أملاً في العودة عندما يعود الاستقرار إليها”.
استغل أبو أيمن امتلاكه لسيارة صغيرة، يتنقل بها يومياً حاملاً الحلوى على مقربة من قصر الاتحادية (مقر العمل الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية)، يعرض الحلوى على سيارته للراغبين في الشراء ويساعده في ذلك ولداه.
ترك خلفه اسماً كان يبنيه له ولشركته العاملة في مجال التوريدات الهندسية، ومستقبلاً كان مليئاً بالآمال والطموحات العريضة، لكنّه “غدر الزمن” على حد وصفه الذي حوّل حياته كلياً مع اشتعال الأزمة في سوريا.
تحوّل
وأكد أبو أيمن لـ”نورث برس” أنه شارك في تأسيس العديد من المنشآت الشهيرة في سوريا, “كنت صاحب شركة توريدات هندسية كبرى، ودخلت مشروعات مع الحكومة السورية، واسمي واسم الشركة معروف للكثيرين ممن يعملون في مجال الإنشاءات في سوريا”.
بدأ “أبو أيمن” متحفظاً عن ذكر الكثير من التفاصيل، رافضاً تصويره أو الإفصاح عن اسمه صراحة؛ فهو لا يريد أن يعرف أقاربه ومعارفه ما ألم به، وهذا التحوّل الذي عاشه في مصر كي لا يرى نظرة “استعطاف أو شفقة” تزيد حسرته.
ويختم حديثه بالإشارة إلى أنه راضٍ عن حاله وعن كسبه الرزق الحلال، ويعتقد بأنه أفضل حالاً من كثيرين ممن ضاقت بهم الأحوال بعد ترك سوريا، أو ممن فضلوا البقاء بالداخل.
رغم أن “أبو أيمن” لا يعمل في المحال الشهيرة السورية أو غيرها من محال الحلوى القائمة، ويكتفي بالعمل على سيارته بالشارع، استطاع أن يخلق لنفسه في شهور قليلة قاعدة زبائن جيدة، يقصدونه دائماً لشراء الحلوى التي يصنعها.
ويعتبر “أبو أيمن” واحد من السوريين الذين يضربون نموذجاً إيجابياً في مصر، فلم يستسلموا للظروف الخانقة التي يعاني منها أهل البلد المضيف أنفسهم، بل راحوا يخلقون لأنفسهم فرص عمل من أبسط الإمكانات، بدلاً من الوقوف في صفوف العاطلين.
يبدأ أبو أيمن، العمل منذ غروب الشمس وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، بينما يقضي ساعات النهار في تجهيز الحلوى، في الوقت الذي يكون فيه نجلاه بمدرستهما قبل النزول مع والدهم لمساعدته في عمله مساءً.
يذكر أن عدد السوريين في مصر حوالي/550/ ألفاً، طبقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة عن الخارجية المصرية، بينما تقديرات أخرى غير رسمية تشير إلى أن العدد أكبر من ذلك بكثير إذا ما تم حصر غير المسجلين والذين دخلوا عن طريق التهريب.