قصةُ شابٍ يعثر على والدته بعد 22 عاما تلخص فاجعة حلبجة

أربيل- أوميد توفيق  –  NPA 
لاقى رجوع علي إلى أحضان أمه الناجية من تأثير الغاز الكيماوي بعد مرور /22/ عاماً صداً واسعاً بين أهالي مدينة حلجبة العراقية. 
علي محمد المعروف بـ “زمناكو علي” واحدٌ من /372/ طفلاً فقدوا ذويهم إبان الحرب العراقية الإيرانية التي دامت /8/ سنوات، حيث قصف الجيش العراقي سنة 1988 مدينة حلجبة بداعي توغل القوات الإيرانية فيها. 
بعد القصف الكيماوي توجهت أغلب عوائل مدينة حلبجة الناجية  إلى الأراضي الإيرانية حيث مات أكثرية النازحين بفعل التأثير بالمواد الكيميائية. 
أربعة وسبعون عائلة ترغب في استعادة أطفالها مقارنة بعوائل أخرى تركت أطفالها منسيين داخل إيران.
يسرد علي قصته لـ”نورث برس” قائلاً: “حينما كنت في الخامسة  من عمري، عانيت من مشاكل نفسية، عائلتي الإيرانية شاورت طبيبا نفسيا، وفيما بعد كشفوا لي سبب مشكلتي”. ويضيف أن “أسرتي الإيرانية أبلغتني بأنني فقدت كل أفراد عائلتي في فاجعة حلبجة “.
ويتربع علي على قناعة فقدانه لعائلته، إلى أن عثر على والدته في عمر/22/، بعد أن عاد إلى حلبجة في عام 2009.
يروي علي قصته في الفترة التي عاش فيها في إيران حينما كان وحيدا ودون أي فرصة أمامه ليدرس أو يحصل على عمل يعيل به نفسه، وكل ذلك بسبب عدم إعطائه أوراقاً رسمية من قبل المؤسسات الإيرانية. 
ويصف علي معاناته في إيران قائلاً: “تلك الفترة من عمري /22/عاما، لم أحصل على الجنسية الإيرانية لأني  ولدت في العراق، ولهذا السبب لم تتح لي أي فرصة للدراسة والعمل”.
ويشير إلى أنه كان منغلقا على نفسه ولم يتمكن من التحرك بأي شكل، وعلاوة على كل هذه المشاكل، يفقد أمه الإيرانية الوحيدة التي كانت داعمة كبيرة له و هو في سن /17/.
يبقى علي على هذا الوضع إلى أن يعود  إلى مسقط رأسه الذي تركه و هو في الربيعين من عمره.
يقول علي: “حينما رجعت وعثرت على أمي في حلبجة، شعرت أني ولدت من جديد، لا توصف هذه الفرحة، هذه اللحظة شعرت بفرحة لحد الآن عاجز عن وصفها”. و يتابع: “هذا الشعور، شعور خاص، فقط الذين فقدوا ذويهم يدركونه”.
وبحسب فحصوصات البيولوجية التي قامت بها السلطات المحلية في الأردن لـ علي ولعدة أمهات وأشخاص مطالبين به، تظهر النتيجة أن دم علي ينتمي إلى امرأة بنسبة 98% باسم “فاطمة صالح محمود”، و هي وحيدة أيضا فقدت كل أفراد أسرتها إلى حين إعلان هذه النتيجة. 
بفترة قصيرة واستلامه كل مستلزماته القانونية بدءا من اسمه الأصلي و هو زمناكو، يتاح أمام علي  فرصة الدراسة في جامعة الأمريكية و يكمل دراسته و يحصل على المرتبة الأولى في قسمه (IT).
 و يعمل علي حالياً كموظف لدى شركة “اريكسون” للشبكات ومتزوج من امرأة كردية، وبهذا أسدل الستار على عمر لم يذق فيه طعم الحياة ولو لحظة بسبب ظروف عاشها أطفال مفقودون في إيران.
بعد مرور ما يقارب /32/ عاما على فاجعة حلبجة، لايزال ملف الأطفال المفقودين ساخناً، بسبب عدم العثور على /364/ من مجموع أكثر من /372/ طفلا فقدوا ذويهم على الأراضي الإيرانية.
وقال مدير جمعية ضحايا القصف الكيمياوي لحلبجة، لقمان عبدالقادر، في حديثه لـ”نورث برس”: إن /74/ عائلة طالبت المحكمة بإعادة /119/ طفلاً مفقوداً من الحكومة الإيرانية”. ويضيف “حتى الآن عاد /8/ أطفال إلى ذويهم”.
وأشار عبد القادر أن “آخرين (من المفقودين) يطالبون بفحص /DNA/ لهم و يعتبرون نفسهم أنهم من أهالي حلبجة”.
وبحسب القانون الإيراني، حينما يسلم مفقود لعائلة ما، يغلق الملف إلى الأبد وليس لأحد حق بالمطالبة بفتحه من جديد.
وقال مدير جمعية ضحايا القصف الكيمياوي لحلبجة: “وجدنا شخصا باسم فاروق زوارة، حيث كان مسؤول لمنظمة الهلال الأحمر أيام الحرب، أكد لنا أنه خلال أيام الفاجعة سلم أكثر من /372/ طفلا من حلبجة إلى مؤسسات رعاية الأطفال”.
وأضاف عبد القادر أن “مؤسسات رعاية الأطفال في إيران تأوي الأطفال الذين فقدوا والديهم بشكل من الأشكال”.
الأطفال المفقودين مسجلين باسم “الشهداء” في القانون الصادر في إقليم كردستان المعني بضحايا حلبجة، ويستمر هذا الوضع إلى أن يتمكن أحدهم من الرجوع إلى أهله مروراً بمراحل عدة حتى يفند بعدها خبر مماته.