الرياض ـ NPA
رغم مسارعة الولايات المتحدة إلى اتهام إيران بالمسؤولية عن الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان، الخميس، إلا أن العديد من الدول الأوروبية، ودول خليجية، تفادت توجيه اتهام مماثل لطهران التي تنفي مسؤوليتها وتعتبر الهجوم يهدف لتحميل إيران المسؤولية وتصعيد التوترات.
وتأخرت دولة الإمارات في إعلان موقف من الهجوم الأخير حتى بعد مرور أكثر من 18 ساعة من إعلان تعرض الناقلتين التي تحمل إحداها شحنة نفط إماراتية، للهجوم في منطقة بحرية تتوسط المياه الإقليمية بين إيران والإمارات وسلطنة عمان.
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في تغريدة على تويتر: “الاعتداء على ناقلات النفط في خليج عمان واستهداف مطار أبها في المملكة العربية السعودية الشقيقة تطور مقلق وتصعيد خطير ويستدعي تحرك المجتمع الدولي لضمان صون الأمن والاستقرار الإقليمي”.
وأضاف الوزير الإماراتي: “الحكمة ضرورية والمسؤولية جماعية للحيلولة دون المزيد من التوتر”.
وعدا هذه التغريدة، لم يصدر موقف رسمي عن دولة الإمارات بخصوص الهجوم الأخير، وذلك على خلاف السعودية التي عبرت موقف مطابق لموقف الولايات المتحدة في تحميل إيران مسؤولية الهجوم.
وصرح وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، لقناة “سي إن إن” الأمريكية: “ليس لدينا سبب يدعونا للاختلاف مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. نحن نتفق معه. إيران لها تاريخ في ذلك”.
وألقت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمسؤولية الهجمات على إيران استنادا إلى تسجيل فيديو صورته طائرة أمريكية يظهر ما قالت إنها دورية تابعة للحرس الثوري الإيراني في قوارب تقترب من إحدى الناقلتين قرب مضيق هرمز بعد الانفجارات وتزيل لغما لاصقا لم ينفجر.
وصباح الجمعة، سار ترامب خلف موقف وزير خارجيته، بومبيو، وقال لشبكة فوكس نيوز: “إيران فعلتها”.
لكن ترامب لم يتحدث عن تصعيد عسكري، بل عبر عن استعداده لعقد محادثات مع إيران وقتما تكون مستعدة لذلك. وأضاف: “لست في عجلة”.
وشككت دول في مبالغة الولايات المتحدة بالاستناد إلى مقطع الفيديو لاتهام إيران.
وقال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس: “مقطع الفيديو لا يكفي. نستطيع أن نفهم ما يعرض بالطبع لكن بالنسبة لي هذا لا يكفي لوضع تقييم نهائي”.
ودعت روسيا إلى “ضبط النفس” و”عدم استخلاص نتائج متسرعة”.
وقالت وزارة الخارجية في بيان: “من غير المقبول اتهام أي جهة بأنها على علاقة بهذا الحادث حتى يتم الانتهاء من تحقيق دولي شامل وحيادي”.
إلا أن البيان الروسي أشار أيضاً إلى “تصعيد مصطنع للتوتر” في منطقة الخليج، وتفسير هذه الجملة تشير بأصابع الاتهام إلى جهة لا تثير الشكوك، لكن البيان لم يلمح إلى أي دولة أو جهة.
ورداً على الاتهام الأمريكي، تساءل المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي: بينما يلتقي رئيس الوزراء الياباني الرجل الأول في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف خفض التوتر.. تسعى الأيادي الخفية للتأثير على هذه الجهود في المنطقة.. من الذي يستفيد منها؟.
وتدرك إيران أن حادث الهجوم لن تؤدي إلى حرب، لكنها تخشى من سيناريوهات أخرى قد لا تقل سوءاً عن الحرب.
وأمكن استنتاج هذا القلق من كلام وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي قال أمس الجمعة، إن “انتهاز الولايات المتحدة فورا الفرصة لتطلق مزاعم ضد إيران بدون دليل مادي أو ظرفي يكشف بوضوح أنهم انتقلوا إلى الخطة باء: التخريب الدبلوماسي وتمويه الإرهاب الاقتصادي ضد إيران”.
وتشير هذه القراءة الإيرانية في الحدث، إلى أن ارتفاع التوترات عبر الهجمات الغامضة على ناقلات النفط في الخليج تجعل من قضية العقوبات على إيران أمراً ثانوياً في النقاشات الدولية.
وبالفعل بدأت إيران تشعر بتراخي موقف روسيا من الأزمة.
ففي لقاء جمع الرئيسين الإيراني والروسي، اليوم الجمعة، على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في العاصمة القرغيزية بشكيك، قال روحاني لبوتين وفق ما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا): يستلزم الوضع الحالي في المنطقة تفاعلا أكبر بين بلدينا، في ظل الظروف الحالية والتأثيرات الخارجية الخطيرة والعقوبات الخارجية المفروضة.”
وكان بوتين قد صرح الشهر الماضي إن روسيا لن تعمل “إطفائياً للحرائق” بخصوص التوترات الناجمة عن العقوبات على إيران.
وقد تم فهم موقف بوتين حينها أن موسكو لن تكون لاعباً في هذه الأزمة. ولا يشجع الموقف الروسي إيران على توقع مساندة حاسمة من موسكو في حال تصاعد التوتر.
وترى المحلّلة في مجموعة الأزمات الدولية، إليزابيث ديكنسون، أن “أحد المخاطر العديدة التي نواجهها في هذا الوضع من التوتر المتصاعد في المنطقة، هو المبالغة.”
وتضيف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: “علينا الاعتراف بالمخاطر مع البقاء هادئين. مبالغة أو تضخيم ما يحدث سيواصل تغذية دورة سلبية لا تخدم مصالح أي من الدول”.
غير أن تكرار مثل هذه الهجمات على ناقلات النفط مستقبلاً تزداد صعوبة.
فالمنطقة البحرية في خليج عمان باتت تحت أعين المراقبة الدقيقة من كافة الجهات المعنية بالأزمة، وبمقدار نشاط أجهزة الاستخبارات المختلفة في تصعيد التوترات، فإن هذا ينطبق أيضاً على إمكانية الكشف عن الفاعلين أيضاً، ما لم تنتقل هذه الحوادث إلى منطقة أخرى على مسار ناقلات النفط.