الحذاء المريواني.. تراث اعترفت به منظمة اليونسكو

أربيل- أميد توفيق – NPA
تقع مدينة مريوان، في محافظة كردستان في إيران المتاخمة لإقليم كردستان العراق، يعمل سكانها بصناعة نوع من الأحذية التراثية القديمة خاصة بالمكون الكردي المعروف بـ/هوراميين/ حيث موطنهم الأصلي هي الجبال الوعرة داخل إيران والعراق.
يوجد في هذه المدينة قرابة/ 4500/ من الرجال و النساء، يعملون في صناعة هذا النوع من الأحذية التراثية بشكل يدوي.
ويتم إنتاج حوالي /100/ ألف من الأحذية سنوياً، نظراً لغرابة حياكتها والطريقة البدائية في صنعها.
منظمة اليونسكو (وكالة متخصصة تتبع منظمة الأمم المتحدة تأسست عام 1945)، سجلت اسم مدينة مريوان كعاصمة عالمية لصناعة الأحذية، باعتبار أن هذا النوع من الأحذية يعود عمره لأكثر من /1000/ عام.
وضمت المنظمة الحذاء المريواني على قائمة الآثار القديمة العالمية في عام 2017.
ويما يميز الحذاء أن فردتيه متشابهتان تماماً “حيث يمكن ارتداء الفردة في أي قدم على حدٍ سواء”.
 وبالنظر لنظافة الحذاء المصنوع من الصوف الأبيض عن جزئها الرأسي و متانة الأقمشة المجزئة و من ثم توصيلها بمهارة حتى يكون متلاصقة ويتحمل المشي في جزئها السفلي، تلاحظ لمسة ومساهمة الرجال و النساء معا على صنع هذه التحفة.
ويطلق صانعو هذا النوع من الأحذية اسم الـ”الكلاش” عليه، حيث يوصي الأطباء المرض الذين يعانون من ألم في الفقرات في ارتدائها. 
الرجال يباشرون بالعمل فيها 
عباس دلي، هو واحد من صناع جزء السفلي أو ما يسمى بـ”ژێره‌” للحذاء منذ فترة طويلة، يقول لـ”نورث برس” حول طريقة صنع هذا الجزء، إنهم يذهبون لطهران لجلب نوع من لفائف الأقمشة الخاصة، ثم يقطعونها إلى قطع صغيرة، وبعدما يبللونها بالماء، إلى قبل أن يبدؤوا في صباح يوم التالي بضغطها واحدة تلو الأخرى.
وبحسب حديث دلي، بعد عملية الكبس يقوم بوصل القطع بحبال ويمررها بين وسط هذه القطع ورأسها، كل من هذه الحبال يربط بقطعتي من جلد المواشي الصلب من مقدمة الـ”كلاش” لنهايته حتى تمنع انفصال القطع عن بعضها.
الدور النسائي في صناعة الكلاش
بعد انتهاء الرجال من صناعة النعل تباشر النساء بحياكته بطريقة فنية رائعة.  
توران ميرزايي، هي وثلاث من بناتها يقمن بحياكة الجزء الرأسي بخيوط بيضاء قد يتغير مدى متانتها من جزء إلى آخر. 
تقول ميرزائي، لـ”نورث برس” يصنع الـ”كلاش” على مرحلتين، يقوم الرجال بصنع القسم الرئيسي منها، وما يبقى لصنع جزئها الرأسي تقوم النساء باتمام العمل، وهذه المرحلة أيضا يتوزع العمل بين النساء لإنجازها.
وتتابع “مثلا إحدى بناتي تقوم بحياكة الأساس، وأخرى تعمل على الأطراف، وأخرى تكمل ما يتبقى من الجزء الأخير، وحياكة كل قسم ينجز بسنارة خاصة”.
وتشير ميرزائي أنه بالرغم من أن العمل على صنع هذا النوع من الأحذية هي ذوق وممارسة لمهنة راقية، فإنه يعود عليها وعلى بناتها بدخل مادي جيد.
سبب ضعف إنتاج الأحذية
تنتشر صناعة الكلاش من حلبجة ومناطق جبلية متلامسة مع مناطق كردية داخل إيران حيث يقطنها الهوراميين أيضاً، ويعمل الرجال والنساء أيضا على صنع الـ”كلاش”، ولكن بسبب هبوط قيمة التومان الإيراني أمام الدولار واستيراد الأحذية من مريوان وبسعر أقل من إقليم كردستان، توقف العمل على صنع هذه الأحذية في الإقليم تماما. 
يقول آرام حاج مجيد، أحد أمهر صناع الـ”كلاش” في إقليم كردستان العراق حيث أعماله عبرت الحدود إلى كبار من الشخصيات في الدول الأوروبية، لـ”نورث برس” “الفرق بين التومان والدينار أدى إلى انخفاض في سعر الحذاء، وهذا ما أوقف عملنا كليا، بدل أن نربح، نخسر”.
وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام المحلية في إقليم كردستان، فإن صناع الحذاء في إيران يصدرون سنويا إلى الإقليم ما يقارب /250/ ألف زوج منها.
تصنعها النساء ولا تلبسها
رغم أن دور النساء في حرفة صنع هذه الأحذية التراثية مهم وبدونهن لا ينجز، إلا أنهن لا يلبسن هذه الأحذية وبصعوبة تجد امرأة عادية ترغب في لبسها.
يقول آرام حاج مجيد: “في القديم كانت نساء هورامان يلبسن كلاش بلونين من الجزء السفلي وهما الأحمر والأبيض، وهذين اللونين محددين للكلاش النسائي”.
وأضاف، “أنه وفي عام /2002/ مع سيدة أمريكية فكرا بإعطاء ميزة أنثوية حتى يفرق بها الـ”كلاش” الخاص بالنساء عن الرجال، ومن أجل ذلك قاما بربط قيطان الأحمر من الصدر والحافة”. 
وبعد هذا أبدع آرام في صنع الكلاش النسائي ذو الألوان المختلفة، وهذا ما دفع كثيراً من النساء “لارتدائه مما زاد من الطلب عليه بوفرة، خاصة بين شابات الشغوفات للألبسة العصرية”.