برلين – فرهاد حمي – NPA
في جولة وصفت من قبل المتحدثة باسم الخارجية الألمانية بأنها” رحلة إلى الأزمة”، يزور وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس الشرق الأوسط بغرض تناول عدة قضايا ساخنة مع كل من نظرائه في الأردن والعراق والإمارات وطهران، ويتضمن جدول أعماله، إنقاذ الملف الإيراني، حرب اليمن، مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومصير القوات الجوية الألمانية التي تشارك التحالف الدولي وتتمركز قاعدتها العسكرية في الاردن.
بعيداً عن تفاصيل الملف الإيراني وحرب اليمن، فقد استهل الوزير الألماني زيارته إلى الأردن يوم الجمعة الماضي، ليتفقد قوات بلاده في قاعدة الأزرق العسكرية التي من المفترض أن تنتهي مهمتها ضمن نطاق التحالف الدولي بحلول نهاية هذا العام، وهو الأمر الذي يشكل عقبة أمام الحكومة الألمانية، حيث تطالب الولايات المتحدة بأهمية بقاء القوات الألمانية ضمن التحالف الدولي، في حين يشدد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يشارك في الائتلاف الحكومي مع المستشارة الألمانية، بضرورة عودة القوات الألمانية إلى البلاد.
ونشرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية تقريراً كشفت فيها عن رسالة سرية على لسان قائد القيادة يطالب فيها الجيش الألماني بتمديد عملياته الجوية في كل من سوريا والعراق، نظراً إلى أن واشنطن لا تزال تعتقد أن “الحرب على فلول الإرهاب” تتطلب المزيد من الجهود المشتركة ضمن نطاق التحالف الدولي.
وأردفت المجلة معلومات على لسان الجنرال الأمريكي كينيث فرانك ماكينزي: “أطالبكم بالاحترام والتقدير أن تستمر الطائرات تورنادو بتزويد الوقود، وتواصل المراقبة للأجواء العراقية والسورية، والمساهمة في دعم الجيش العراقي”، مضيفاً: “لا يزال الأمر يتطلب جهوداً كبيراً لتحقيق نصر دائم على إيديولوجية “الدولة الإسلامية”.
حماية القوات الامريكية
ووفق ما نقلته “دير شبيغل” يرتبط الطلب الأمريكي بصورة مباشرة بحماية القوات الأمريكية على الأرض، وخاصة أن القوات الأمريكية تعتبر قوات غربية وحيدة تشارك بفعالية مع قوات سوريا الديمقراطية لمطاردة فلول الخلايا النائمة على الأرض، وهو الأمر الذي يتطلب حمايتهم من الجو بصورة مستمرة، حيث كشف ماكينزي في مستهل رسالته إلى الجيش الألماني هذا المطلب بقوله: “عبر استمرار الدعم الدائم جواً لقواتنا على الأرض، يمكننا أن نحقق نصراً ساحقاً على تنظيم الدولة الإسلامية”.
ومنذ أيام يدور الحديث في برلين عن انتهاء مدة بقاء القوات الألمانية في تشرين الأول/أكتوبر من عدمه ضمن مهمة التحالف الدولي، كما تردد على نطاق واسع في الآونة الأخيرة بأن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة الألمانية دعمها في إنشاء منطقة عازلة لحماية قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا، ويمكن أن تمثل طائرات “تورنادو” مساهمة ألمانية في هذا الاتجاه، إلا أن القرار هنا يبقى منوطاً بالبرلمان الألماني “بوندستاغ”.
وعلى الرغم من أن البرلمان الألماني قد يشهد جدال حاد بين الحزبين الحاكمين في البلاد على خلفية مصير القوات الجوية الألمانية ضمن التحالف الدولي، إلا أن هايكو ألمح خلال زيارته للقاعدة الجوية في الأردن، الجمعة الماضي، إلى أن بلاده قد تمدد مهمة “تورنادو” في سوريا والعراق، حيث سبق أن شكر هايكو نظيره الأمريكي مايك بومبيو الذي كان يزور برلين في الشهر الماضي على تواجد القوات الأمريكية في سوريا، مشيداً بأن الولايات الامريكية لن تنسحب من شمال شرقي سوريا.
وتراهن الحكومة الألمانية في ترميم فجوة الخلافات مع الولايات المتحدة بخصوص نزاعات الشرق الأوسط، حيث يشكل ملف مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” من خلال استراتيجية التحالف الدولي من بين القضايا التي من المرجح أن يحد من حجم هذه الفجوة، في حين يعتبر الملف الإيراني نقطة خلاف حاد بينهما، إذ تعتقد برلين مع باريس ولندن بأهمية إنقاذ الملف الإيراني عبر إعادة خارطة المفاوضات بعيداً عن حزمة العقوبات والتهديدات العسكرية، بينما تواصل إدارة ترامب بفرض المزيد من العقوبات على طهران مع تلويح باستخدام القوة إذا تطلب الأمر ذلك.