تقارير أمريكية: ملك الأردن عبدالله بن الحسين يخسر (شعبياً وإقليمياً)

واشنطن  – NPA 
“من ليس معنا فهو مع قطر” على هذا الأساس رسمت التحالفات العربية الجديدة منذ عامين بعد مقاطعة الدول العربية مصر والبحرين والسعودية والإمارات) لدولة قطر. 
وهكذا كان الملك الاردني عبدالله أحد ضحايا الواقفين في وسط هذا الصراع، إذ لفتت صحيفة “الايكونوميست” الأمريكية النظر إلى فشل الحكومة الأردنية في السيطرة على القاعدة الشعبية الأساسية التي لطالما دعمت العائلة الحاكمة ومدّتها بالشرعية.
فبدت الحملة الرسمية للاحتفال في الذكرى العشرين لتسلم الملك عبدالله العرش في الأردن مختلفة عن كل الاحتفالات السابقة.
فرغم تحرك الحكومة لحشد المؤيدين تحت شعار “كلنا الملك عبدالله” بدت المشاركة الشعبية خجولة جداً، وذلك في ظل عدد من الأزمات من الأنباء عن (صفقة القرن) في ظل خطة سلام عربية مع إسرائيل، إلى التحديات الاقتصادية التي تضغط على الأردن، وفشل المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد في البحر الميت في الأردن ولم يجذب المستثمرين كما كان مقرر. 
ولعب الأردن بموقعه الاستراتيجي وأسرته الهاشمية الحاكمة دوراً مهماً في العصر الحديث، حيث انطلقت منه الثورة العربية الكبرى في العام 1916 بقيادة الشريف الحسين بن علي، الذي أعلن الثورة على (حزب الاتحاد والترقي) العثماني الذي سفك دماء العرب على يد جمال أتاتورك السفاح. 
وكان من نتائج الثورة أن أُنشئت في الأردن إمارة سُميّت بإمارة شرق الأردن بقيادة الأمير عبد الله الأول، وهوَ أحد أبناء الشريف الحُسين بن عليّ وكانَ ذلك في عام 1921 للميلاد، وما زالَ الأمر تحتَ مُسمّى الإمارة حتّى تمّ الإعلان في العام 1946 بأنَ الأردنَ دولة مُستقلّة استقلالاً كاملاً من الاستعمار البريطاني وتمّ إعلانها مملكة مُستقلّة تُدعى بالمملكة الأردنيّة الهاشميّة.
في العام 1949 وبعد إقامة دولة إسرائيل تم توحيد الضفة الغربية لفلسطين مع الأردن تحت القيادة الأردنية، وبالتالي تحول كل المواطنين الفلسطينيين الذي فقدوا مواطنتهم بتأسيس دولة إسرائيل لمواطنين أردنيين كاملي الحقوق والمواطنة، وبالتالي ورث الأردن وحكامه هم الشعب الفلسطيني وقضيته وأولوياته التي توضع في ميزان المساومات اليوم. 
الأردن يفقد خصوصيته: 
لم يمتلك الأردن الثروات يوماً ولكنه امتلك الموقع والمكانة الاستراتيجية والتحالف القوي مع الغرب، إلا أن صعود الحديث عن سلام عربي مع إسرائيل، وفتح خطوط تواصل عربية متينة مع العالم الغربي وإسرائيل جعل الأردن عربياً لاعباً يمكن الاستغناء عنه، وخاصة مع عدم قدرة القيادة الأردنية على تقديم تنازلات منفردة باسم الشعب الفلسطيني الذي جزء لا يستهان منه يعتبر “مواطنين أردنيين”. 
وتتحدث الصحف الأمريكية عن التدهور في شعبية الأسرة الحاكمة في الأردن بسبب سلسلة من التحديات في مقدمتها وقوف الأردن في المنتصف من الصراع مع قطر، وتراجع الأردن عن المشاركة في الحرب في اليمن كما يحاول الأردن مسك العصا من المنتصف فيما يخص جماعة “الإخوان المسلمين” التي تملك شعبية في الأردن وتنشط قانونياً بينما تحظرها كل من السعودية والامارات، كما صافح الرئيس عبدالله الأردني مؤخراً الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي تعتبره الدول العربية عدو لها.
ومن التحديات التي تواجه الأردن، الأنباء التي يعتبرها محللون غير منطقية عن تضمن خطة السلام العربية مع إسرائيل، بند يحمل الأردن مسؤولية توفير منزل دائم لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يملكون وطن ولن تتضمن خطة السلام إعادتهم.
كما من المتوقع أن تتجاهل الخطة الوصاية التاريخية للعائلة الأردنية الحاكمة على القدس، حيث من المتوقع إعطاء هذه الوصاية لدول عربية مقربة من إدارة ترامب، مثل السعودية. 
وأخيراً يؤزم الموقف العربي والأمريكي الوضع في الأردن من خلال الحديث عن تطبيق ضغوطات اقتصادية على الأردن الذي يعتمد إلى حد كبير على المساعدات ولا يملك موارد وطنية، للقبول بالخطة المقترحة أمريكاً، حيث بإمكان الولايات المتحدة والدول العربية إغراق الأردن في الظلام والفقر إذا حجبت الولايات المتحدة والإمارات والسعودية مساعداتها للأردن، الخطوة التي بدأت السعودية باتخاذها منذ العام 2017.
وكان الملك الأردني عبدالله، قد أعلن أنه تعرض لضغوط اقتصادية لتخفيف معارضته لاعتراف الرئيس ترامب بالعاصمة القدس، لتعلن الدول العربية لاحقاً أنها ستعوض الأردن بمبلغ 2.5 مليار دولار على شكل قروض إلا أن جزء بسيط من المبلغ وصل الأردن حتى الآن.
وتتصاعد المعارضة الشعبية في الأردن للملك عبدالله بشكل غير مسبوق في تاريخ حكم العائلة، حيث يحتاج الملك عبدالله ليخرج من المأزق الاقتصادي أن يقبل بأن يكون الأردن وطن يمنح الجنسية لملايين اللاجئين العراقيين والفلسطينيين والسوريين الذين لجئوا إلى الأردن من سنوات طويلة، العبء الذي يصعب على الأردن تحمله. 
واضطرت الحكومة الأردنية إلى رفع الضرائب وتخفيض الإعانات الحكومية، كما ارتفع الدين العام للبلاد إلى 95 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، مما رفع الأسعار بشكل غير مسبوق، وبات في الأردن الذي يبلغ عدد سكانه 10 مليون، أكثر من مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وتبلغ بطالة الشباب 41 بالمئة. 
ولأول مرة خرجت في الأردن تظاهرات شعبية لا تلقي اللوم على الوزراء الفاسدين بل تسمي الملك عبدالله بالاسم حيث ردد المتظاهرون “الأسعار ترتفع، وعبدالله يلعب بوكر”.
وذهبت الاحتجاجات الشعبية في الأردن إلى حد بعيد حيث بدأت الطبقة الشعبية من “البدو” التي تحتل أماكن مرموقة في الشرطة والجيش والأمن بتوقيع العرائض التي تعلن  أن “الملك عبدالله وزوجته رانيا” لم يعودوا ملوكهم، وسط أنباء عن نية بعض العشائر لحمل السلاح والتحضير لانقلاب، الأمر الذي دفع الملك لإقالة وزير الداخلية ورئيس الاستخبارات ما زاد غضب زعماء القبائل. 
وينظر بعض شيوخ البدو إلى الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك، كبديل مقبول، حيث تمت إزاحة الأمير حمزة كوريث لعرش الملك في العام 2004 لإفساح المجال أمام ابن الملك. 
وتنظر القبائل العربية إلى الأخ حمزة كشخص أقرب إلى ثقافتهم العربية بسبب تمتعه بقدرات لغوية عربية عالية وقدرة على التواصل مع الثقافة البدوية والعربية بينما يظهر لهم الملك عبدالله كمتحدث باللغة الإنجليزية وأقرب إلى الثقافة الغربية. 
ومن الجدير بالذكر أن وريث الملك عبدالله، ولي العهد الأردني الحسين بن عبدالله الثاني المتخرّج من أكاديمية ”ساندهيرست“ البريطانية، قدّم نفسه مؤخراً كرائد مدافع عن اللغة العربية والدعوات لإحيائها والحفاظ عليها. حيث ظهر في فيديو على الحسابات الرسمية للأسرة الحاكمة يتحدث به بلغة عربية رصينة، داعياً لإحياء لغة الضاد، الأمر الذي قوبل بتعليقات تهكم من الأردنيين حيث علّق البعض على مبادرة ولي العهد، “التقديم لوظيفة أستاذ لغة عربية في المؤسسات التي تحمل اسم والدك تتطلب مهارات ممتازة باللغة الإنجليزية، ومشاريع التخرج في جامعاتنا ترمى في سلة المهملات إذا كانت باللغة العربية، فلا نعرف لماذا تريد إحياء الميت والحقيقة أن إكرامه في دفنه”.