محللون لنورث برس: تفجير كنيسة مار إلياس جرس إنذار لبناء الدولة وإحلال السلم الأهلي
غرفة الأخبار – نورث برس
يرى محللون سياسيون أنه الهجوم الذي استهداف كنيسة مار إلياس بدمشق في 21 حزيران/ يونيو الفائت، يؤكد أهمية اتخاذ خطوات باتجاه بناء الدولة الحقيقة من قبل السلطة في البلاد، وأنه يجب النظر إليه ليس فقط كـ “عمل إرهابي بل كجرس إنذار”.
وأن التقصير في كل ما من شأنه إحلال السلم الأهلي قد يؤدي إلى شيء من الفوضى التي تفسح المجال لتكرار حوادث مماثلة لتفجير كنيسة مار الياس، وضعف الثقة بالسلطة.
في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، وبعد الهجوم الذي استهداف كنيسة مار إلياس بدمشق والذي أدى إلى مقتل 22 شخصاً وإصابة 59 آخرين، وفق آخر حصيلة للصحة السورية، تجددت المخاوف حول تصاعد العنف الطائفي ضد الأقليات خاصة أنها ليست الحادثة الأولى التي تشهدها البلاد منذ سقوط النظام السابق، وفقاً لتقارير صحفية ورصدتها نورث برس عبر شبكة مراسليها.
أقرأ لمزيد:
- قائد فصيل بالسويداء يتهم منتسبين لوزارة الدفاع بالوقوف وراء أحداث صحنايا وجرمانا
- الصحة السورية تعلن ارتفاع عدد القتلى في اشتباكات أشرفية صحنايا
- اجتماع في السويداء لتهدئة التوترات الناجمة عن أحداث جرمانا
وبعد يومين من الاستهداف أعلن تنظيم “سرايا أنصار السنة”، تبنيه للعملية وقال في بيان إن “الأخ الاستشهادي محمد زين العابدين أبو عثمان -تقبله الله- أقدم على تفجير كنيسة مار إلياس بحي الدويلعة بمدينة دمشق مخلفاً عشرات القتلى والجرحى”.
“جرس إنذار”
يقول المحلل السياسي السوري زكريا ملاحفجي، إن “تفجير كنيسة مار إلياس، يجب أن يُنظر إليه ليس فقط كعمل إرهابي، بل كجَرس إنذار”.
وأضاف ملاحفجي لنورث برس، أن هناك “من يسعى لتأجيج الفتن الطائفية، ومواجهة ذلك تتطلب دولة قوية وعادلة، وإعلاماً مسؤولًا، ومجتمعاً موحداً في وجه الكراهية”.
وأوضح أنه “بعد تفجير الكنيسة المروع نحتاج تأكيد على رفض كل أشكال العنف الطائفي والتركيز على الهوية السورية الجامعة، ودور رجال الدين المعتدلين في مواجهة التطرف وأفكار داعش”.
وشدد المحلل السياسي على أن “المخاوف ستبقى موجودة طالما بقي الفكر المتطرف، والشعارات والعبارات التي تحمل لغة كراهية أو طائفية أو عصبية”، مشيراً إلى أنه “نحتاج لغة قائمة على احترام الآخر”.
ليست الأولى
شهدت مدينتا أشرفية صحنايا وجرمانا بريف دمشق، نهاية نيسان/ أبريل الماضي، توترات أمنية على خلفية انتشار تسجيل صوتي منسوب لأحد أبناء الطائفة الدرزية، تضمن إساءة للنبي محمد.
وأسفرت التوترات عن مقتل وإصابة العشرات، لتنتهي بعدها باتفاق على التهدئة والاستقرار بعد اجتماعات بين الحكومة السورية ومشايخ من الطائفة الدرزية.
وفي السادس من آذار/ مارس الماضي، شهدت مدن وبلدات في الساحل السوري غربي البلاد، اشتباكات “عنيفة” بين قوات الأمن العام من جهة ومجموعات مسلحة متهمة بتبعيتها للنظام السابق، خلفت عشرات القتلى والجرحى غالبيتهم من المدنيين.
وقال تحقيق لوكالة لرويترز إن “1500 علوي سوري قُتلوا خلال أحداث الساحل، وأن العشرات في عداد المفقودين”.
إحلال السلم وبناء الدولة
يقول حازم نهار، كاتب وباحث سوري في الشؤون السياسية والثقافية، إن “التقصير في كل ما من شأنه إحلال السلم الأهلي ربما يؤدي إلى شيء من الفوضى التي تفسح المجال لتكرار حوادث مماثلة لتفجير كنيسة مار الياس، ما سيؤدي إلى ضعف الثقة بالسلطة الراهنة”.
ويضيف نهار لنورث برس، إن “الشرط الرئيس لإحلال السلم الأهلي والحد من تكرار مثل هذه الحوادث هو قناعة السلطة فعليًا بأهمية التحول إلى بناء دولة حقيقية”.
ويشير إلى أنه “عندما تخطو السلطة الراهنة خطوات حقيقية باتجاه بناء الدولة “ستبدأ الهوية الوطنية السورية بالتبلور لدى مختلف القطاعات المجتمعية السورية”.
ويضيف أن هناك عدد من الخطوات المهمة والواضحة التي بإمكان السلطة الراهنة اعتمادها لـ “ضمان التحول نحو بناء الدولة، والتي يمكن القيام بها بصورة متزامنة”، وحددها الباحث بـ :
– إعادة النظر في الإعلان الدستوري ليكون إعلاناً دستورياً يقوم على المواطنة المتساوية بصرف النظر عن أي انتماءات أخرى، وعلى أساس نظام ديمقراطي لامركزي واضح المعالم، وعلى فصل السلطات.
– السير في طريق بناء جيش وطني سوري يعتمد عقيدة وطنية، ويكون مفتوحاً لجميع السوريين للانضمام إليه، فضلًا عن إشراك الضباط المنشقين في إعادة بنائه.
– السماح ببناء المجتمع السياسي السوري من خلال إصدار قانون أحزاب عصري”، مضيفاً أن الرابعة هي “إعادة بناء هيئة العدالة الانتقالية بالاعتماد على الشخصيات والهيئات ذات الخبرة في هذا المجال من دون تدخل السلطة المباشر في عملها.
وشدد حازم نهار على أنه من “دون ذلك سنكون أمام احتمالات متزايدة للذهاب باتجاهات فردية تقوم على الانتقام بدلًا من العدالة، بحكم عدم الثقة بوجود دولة قادرة على تطبيق عدالة انتقالية حقيقية”.