إدلب .. المعاهد التعليمية الخاصة بديل عن تدهور التعليم في المدارس

إدلب- معن بكور – NPA

ﺷﻬﺪ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ تراجعاً ملحوظاً في مناطق شمال غربي سوريا، وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻬﺠﻴﺮ اﻟﻘﺴﺮي اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﻪ اﻟﺸﻌﺐ وﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﻤﻌﻴﺸﺔ وﺧﻮف الأهالي ﻣﻦ إرﺳﺎل أوﻻدﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﺪارس, ﺑﺴﺒﺐ الاشتباكات الدائمة والقصف من قبل القوات الحكومية ﻟﻠﻤﻨﺸﺂت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ, ﺑﺎلإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﻓﺘﻘﺎر اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻜﺎدر اﻟﺘﺪرﻳﺴﻲ واﻟﻜﺮاﺳﺎت اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﺎل.
 ورﻏﻢ اﻫﺘﻤﺎم ﻛﺜﻴﺮ من المنظمات بشأن التعليم وتأمين كل ما يلزم بهذا الخصوص, إﻻ أﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ إﺑﻌﺎد ﺷﺒﺢ اﻟﺠﻬﻞ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻓﻘﺪوا ﻣﻌﻴﻠﻬﻢ ﻓاﺿﻄﺮوا إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺗﻬﻢ وإﻋﺎﻟﺔ أﻫﻠﻬﻢ.
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺳﻌﻰ ﺑﻌﺾ أﻫﺎﻟﻲ اﻟﻄﻼب رﻏﻢ ﺿﻴﻖ أﺣﻮاﻟﻬﻢ اﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻫﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻴﻜﺘﺴﺒﻮا ﻣﻬﺎرات ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺎ داﺧﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ, التي انتشرت في الآونة الأخيرة.
وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ ﻓﻲ اﻟﻄﻮاﺑﻖ اﻷرﺿﻴﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﻴﺔ أو ﺑﻌﻴﺪة ﻋﻦ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻼب ﻣﻦ ﻗﺼﻒٍ أو ﺗﻔﺠﻴﺮ.
“ﻣﻌﻬﺪ دار اﻟﻌﻠﻢ” ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أرﻳﺤﺎ ﺑﺮﻳﻒ إدﻟﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ أﺣﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ ﺳﻌﺖ ﻟﺘﺪارك اﻟﻄﻼب ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻮﻃﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺎوﻳﺔ اﻟﺠﻬﻞ, وﻗﺪم ﻛﻞ  ﺷﻲء ﻣﺘﺎح ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ اﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ واﻟﻐﺮف اﻟﻜﺎﻓﻴﺔ وﻟﻮازم اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﺳﺎت واﻟﻤﻌﺪات اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻄﺎﻟﺐ.  
وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ لـ”نورث برس” ﻣﻊ إﻳﺎد ﺣﺎﻟﻮ, أحد أساتذة المعهد, ﺣﻮل إﻧﺸﺎء اﻟﻤﻌﻬﺪ واﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ تُدرّس ﻓﻴﻪ, ﻗﺎل: “ﺗﻢ إﻧﺸﺎء اﻟﻤﻌﻬﺪ ﺑﺠﻬﺪ ﺷﺨﺼﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺷﻲء ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ رﺳﻢ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺑﻨﺠﺎح، وﻧﺤﻦ رأﻳﻨﺎ ﺿﻤﻦ اﻟﻤﻌﻬﺪ أن اﻟﺘﺨﺼﺺ ﺑﺘﺪرﻳﺲ اﻟﺸﻬﺎدات (اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ) ﺗﻤﻜّﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎج ﺳﻨﺔ ﺗﺨﺮﺟﻪ أﻓﻀﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺲ اﻟﺼﻔﻮف اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ”.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺗﺪرﻳﺴﻬﺎ ﻳﻘﻮل: “أن ﻫﻨﺎك ﻛﺜﻴﺮاً من التشابه ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻲ ﻧﻘﻮم ﺑﺘﺪرﻳﺴﻬﺎ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ وﺑﻴﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ﻣﻊ اﺧﺘﻼف ﺑﺴﻴﻂ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺘﺐ ﺣﻴﺚ أن ﻫﻨﺎك ﻃﻼب ﻳﻔﻀﻠﻮن ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻣﺘﺤﺎﻧﺎت اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﻈﺎم ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺣﻤﺎة أو اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺨﺮوج إﻟﻴﻬﺎ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻣﺘﺤﺎﻧﺎﺗﻬﻢ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﻔﻀﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻟﺪى ﻣﺪﻳﺮﻳﺎت اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺮر”.  
وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻋﻦ اﻷﺟﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ أﺧﺬﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻓﻴﻘﻮل: “الفكرة الأﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ إﻧﻘﺎذ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﻞ اﻟﺬي ﻳﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺮرة ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﻘﺼﻒ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ ُ وﻗﻠﺔ اﻟﻤﺎل ﻟﺪى اﻷﻫﺎﻟﻲ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ أوﻻدﻫﻢ” ويضيف “نأخذ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ مبلغاً رمزياً ﻋﻦ اﻟﻤﺎدة ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻠﻴﻦ اﻟﺪراﺳﻴﻦ ﺑﻘﺪر ﻳﺤﻘﻖ ﻣﺮدود  ﻣﺎﻟﻲ ﻳﻌﻴﻦ اﻷﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻻ ﻧﻜﻮن ﻗﺪ ﺣﻤﻠﻨﺎ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻓﻮق ﻃﺎﻗﺘﻪ”.
وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﻟﻜﺎدر اﻟﺘﺪرﻳﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﻬﺪ ﻓﻴﻘﻮل: “اﻟﻜﺎدر اﻟﺘﺪرﻳﺴﻲ ﻟﺪى اﻟﻤﻌﻬﺪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎت وﻟﻪ ﺧﺒﺮة ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات وﻧﺘﺮك ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺷﺄن اﺧﺘﻴﺎر اﻟﻤﺪرس ﻟﻠﻄﻼب ﺑﺤﻴﺚ يكونون ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻹﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻪ وﻟﻬﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺨﺒﺮﺗﻪ ﻓﻲ إﻳﺼﺎل اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻟﻬﻢ”. 
أما رهام, إحدى طالبات المعهد, فتقول: “أﻧﺎ اﻵن ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺘﺎﺳﻊ واﺗﻤﻨﻰ ﻟﻮ أﻛﻤﻞ دراﺳﺘﻲ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﺤﺮب واﻟﺘﻬﺠﻴﺮ وﻟﺼﻌﻮﺑﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻨﻈﺎم” إلا أنها قررت أن تقدم امتحاناتها في مناطق الحكومة السورية, قائلة” أﺟﺪ أن ﺷﻬﺎدة اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻌﺘﺮف ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺪول ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ إﻗﺎﻣﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ”. متمنية تحقيق طموحها ﻓﻲ إﻛﻤﺎل دراﺳﺘها. 
 ﻳﺬﻛﺮ أن اﻟﻤﻌﺎﻫﺪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻻﻗﺖ قبولاً كبيراً ﻟﺪى ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻫﺎﻟﻲ واﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ وﺟﺪوا ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس اﻟﺘﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ضعفاً كبيراً ﻓﻲ اﻟﻜﺎدر اﻟﺘﺪرﻳﺴﻲ وإهمالاً واضحاً ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺪﻳﺮﻳﺎت التربية في مناطق المعارضة السورية.