“داعش” يستعيد نشاطه في البادية السورية مستغلاً الانسحاب الأميركي

دلسوز يوسف – الحسكة

يستغل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تقليص أعداد القواعد الأميركية شمال شرقي سوريا وحالة الفراغ الأمني في البادية السورية التي أعقبت سقوط نظام الأسد أواخر العام الفائت لإعادة تنظيم صفوفه.

وتصاعدت هجمات التنظيم في الأشهر الأخيرة، ما يثير المخاوف من عودته مجدداً إلى الواجهة، خاصة في ظل انسحاب القوات الأميركية من عدة قواعد وتقليص وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا، الأمر الذي يرى فيه مراقبون عاملاً مؤثراً على فعالية العمليات ضد “داعش”.

خطر من بادية

يقول أبجر داوود، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، إن الفراغ الذي أعقب انهيار البنية السياسية والعسكرية في البلاد، أتاح الفرصة لخلايا التنظيم للانتشار مجدداً في مناطق عديدة، خصوصاً في البادية السورية وعلى الشريط الحدودي بين سوريا والعراق.

وأشار متحدث “قسد” في تصريح لنورث برس، إلى أن تنظيم “داعش” يستفيد من طبيعة المنطقة الصحراوية في التحرك والتخفي وتنفيذ عمليات انتحارية وهجمات مفاجئة تستهدف مواقع عسكرية ومدنية.

ويضيف أن “التنظيم يحاول إعادة تشكيل نفسه من خلال السلاح الذي خلفه النظام السابق، ويحاول استهداف المناطق التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية”.

وبحسب الموقع الرسمي لقسد، نفذت القوات عشرات العمليات الأمنية خلال الأشهر الماضية ضد خلايا التنظيم في شمال وشرق سوريا، أبرزها في دير الزور، حيث تزايد نشاط “داعش”، وكان آخرها في 17 حزيران/يونيو الجاري، حين قتل مدني إثر استهداف سيارة تابعة للمجلس المدني من قبل مسلحين على دراجة نارية في بلدة محيميدة غربي دير الزور.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، شن التنظيم لـ 32 عملية في مناطق قوات سوريا الديمقراطية خلال شهر أيار/ مايو الفائت، أسفرت عن فقدان لخمسة عناصر من قسد لحياتهم ومقتل ثلاثة من التنظيم وإصابة آخر.

ويؤكد المرصد أن تصاعد وتيرة عمليات التنظيم يعكس قدرته على إعادة ترتيب صفوفه واستغلال الثغرات الأمنية في مناطق متوترة في محاولات واضحة لتأكيد حضوره وفرض معادلة جديدة من الخوف وعدم الاستقرار.

هدف دائم

يحذر المتحدث باسم قسد، أن محاولات التنظيم المتكررة لتهريب عناصره من السجون، وتجنيد الأطفال داخل المخيمات بغية تحضيرهم لتنفيذ هجمات انتحارية وعسكرية، واصفاً ذلك بأنه “محاولة مدروسة لإعادة بعث داعش كقوة منظمة وتسعى دائماً لامتلاك بقعة جغرافية ضمن سوريا”.

ويضيف أن الهجمات التي ينفذها التنظيم ليست عشوائية، بل يتم التخطيط لها بعناية، مشيراً إلى كشف عدة مخططات تتضمن عمليات تستهدف السجون والمخيمات ومواقع حساسة.

ويشير المتحدث باسم قسد أن تنظيم “داعش” يسعى إلى تفعيل الخلايا النائمة وكسب مجندين جدد، رغم أن أعدادهم لا يتعدى العشرات، وفق تقديراتهم.

ورغم مطالبات الأمم المتحدة المتكررة للدول المعنية بتحمل مسؤولياتها وإعادة رعاياها من المخيمات والسجون، لا يزال ملف عناصر “داعش” الأجانب معلقاً، وسط تصاعد التحذيرات من خطورته على الأمن المحلي والإقليمي.

غياب دولي مقلق

من جهته، يقول عزيز أحمو، عضو المكتب السياسي في الحزب اليساري الكردي في سوريا، “إن سقوط النظام أدى إلى فراغ أمني شامل، استفادت منه التنظيمات الإرهابية لإعادة التموضع”.

ويحذر أحمو من غياب الاستجابة الدولية، مشيراً إلى أنها تسهم في إعادة تنشيط “داعش”.

ويضيف أن “المجتمع الدولي يقف صامتًا أمام عودة الخطر الإرهابي، والإدارة الذاتية وقسد طالبت بمحاكم دولية لمحاكمة عناصر داعش، لكن لا يوجد تجاوب فعلي حتى الآن”.

ويقول السياسي الكردي، إن “الصمت الدولي يشكل نوعاً من القلق، لأن السوريين ملوا من الصراعات وحمامات الدماء في المنطقة ويطمح الجميع إلى إنهاء حالات الصراع ومسائل الخلايا الإرهابية في المنطقة”.

ويشير إلى أن “الهدف الرئيسي والأساسي من كل هذه النشاطات لتنظيم داعش الإرهابي تأتي في سياق ضرب الأمن والاستقرار في المنطقة وبالتالي تقويض الجهود السياسية التي تؤدي إلى حل جميع القضايا أو الأزمة السورية التي يطمح جميع السوريين إلى حلها في جو من الديمقراطية والتعايش السلمي”.

ويبين أن في ظل غياب حلول سياسية شاملة وتراجع الدعم الدولي، تبدو عودة تنظيم “داعش” إلى المشهد السوري احتمالاً مقلقاً يتجاوز حدود العمليات الأمنية اليومية، فاستغلال التنظيم للفراغات الأمنية والجغرافية، وتصاعد نشاطه في البادية وعلى الحدود، ينبئ بمخاطر تهدد الاستقرار المحلي والإقليمي.

و يضيف أنه مع استمرار تجاهل المجتمع الدولي لملف السجون والمخيمات، تبقى احتمالات تمدد التنظيم قائمة، ما لم يتم التحرك الجاد نحو معالجة جذور الأزمة، وتكثيف التنسيق الأمني والدبلوماسي لضمان عدم إعادة تدوير “الإرهاب” في قلب الصحراء السورية.

تحرير: خلف معو