بعد رفع العقوبات.. مطالبات في الحسكة باستثمارات وإنهاء سنوات التهميش

دلسوز يوسف – الحسكة

في أحد أزقة سوق مدينة الحسكة، حيث تنتشر البسطات على جانبي الطريق، يقف خالد محمد متأملاً في مستقبل قد يكون أكثر عدلاً لمنطقته بعد سنوات من التهميش، يأمل أن يشكل قرار رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا فرصة حقيقية لتحفيز الاستثمار في مناطق شمال شرقي سوريا.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن في 13 أيار/ مايو الفائت، إيقاف العقوبات المفروضة على سوريا، ما اعتُبر بادرة لإعطاء فرصة جديدة للحكومة السورية. ولحقتها أوروبا بعد أسبوع، معلنة رفع العقوبات بشكل كامل، في خطوة وصفت بأنها قد تمهد لاستقرار اقتصادي في بلد أنهكته الحرب لأكثر من 14 عامًا.

“بنية تحتية مدمرة”

يقول “محمد” وهو نازح من ريف مدينة سري كانيه (رأس العين) عقب الاجتياح التركي أواخر عام 2019، إن المنطقة الشرقية كانت مهمشة منذ زمن بعيد من قبل النظام السابق، لا سيما في مجالات التعليم والخدمات العامة، على الرغم من أن خيرات البلاد تتركز في مناطقنا من نفط وزراعة وغيرها.

ويضيف أن المنطقة لم تحظ بوجود جامعات أو بنية تحتية ملائمة، وظلت تعامل كمناطق نامية دون إنشاء معامل ومصانع، “لذلك يستوجب الاستثمار لدينا”.

ويشير الرجل الخمسيني إلى أن العقوبات الأوروبية والأميركية زادت من صعوبة الأوضاع، ومع أن العقوبات رفعت مؤخراً بعد سقوط النظام السابق، فإننا نأمل أن تعيد الحكومة الجديدة النظر في أوضاع المنطقة الشرقية من مختلف الجوانب، وأن تنصف هذه المنطقة التي طالما تعاني من مشاكل خدمية ولا سيما أزمة مياه حالياً وغيرها من مناحي الحياة.

ويتفاءل السوريون أن تسهم رفع العقوبات في تحسين الواقع الاقتصادي المتردي، وسط مطالبات بزيادة فرص الاستثمار في منطقة الجزيرة السورية التي تلقب بـ “السلة الغذائية” للبلاد.

فيما يشدد محمد شوقي محمد، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، بأنه “من واجب الحكومة السورية الانتقالية بعد رفع العقوبات أن تستغل هذه الخطوة في اتجاه تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد”.

ويضيف أنه ينبغي على الحكومة بإسهام جميع مكونات البلاد في مسألة إعادة بناء سوريا، وأن تعمل على رفع مستوى الخدمات العامة وإعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة.

غياب فرص العمل

من جانبه يقول جوهر المسلط وهو خريج معهد الموسيقى، إن معظم الشباب في المنطقة بلا عمل أو يعمل بمهنة غير شهادته الدراسية نظراً لسياسة التهميش التي مورس بحق سكان المنطقة طيلة العقود الماضية.

ويضيف من أمام بسطة لبيع مستلزمات نسائية في سوق المدينة، أن “الحسكة تعد مصدر رزق لكل سوريا، فيها النفط والحبوب والقطن، لكنها تفتقر لمن يستثمر هذه الموارد، معظم شباب المنطقة بلا عمل، وأنا شخصيًا خريج جامعي، أعمل على بسطة بسيطة لأننا لم نحصل على فرص في مسابقات التوظيف السابقة”.

ويشير إلى أن الشباب يهاجرون إلى دمشق وحلب بحثاً عن عمل، بينما الخيرات موجودة هنا، ولكن لا مصانع ولا بنية تحتية، نحن بحاجة إلى مصانع للقطن والقمح، بحاجة إلى من يستثمر في المنطقة، لا أن يتركنا نعامل بدونية وكأننا لسنا من أبناء الوطن”.

بدوره يعبر الشاب أحمد أيمن عن استيائه من الواقع الصعب، قائلاُ إن “منطقة الحسكة كانت تعاني حتى قبل فرض العقوبات، كنا نعيش كما يُقال بالعامية (من قلة الموت)، الآن نأمل أن يتحسن الوضع بعد رفع العقوبات وأن تفتح أبواب الاستثمار من خلال إقامة مصانع ومعامل تقلل من نسبة البطالة المرتفعة”.

ويضيف: “الكثير من أصحاب الشهادات الجامعية يعملون كعمال بسبب غياب الفرص، ونفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية مثل الكهرباء والمياه، وهي شروط أساسية لأي مشروع اقتصادي قادم”.

ومع تفاؤل سكان الحسكة بمرحلة ما بعد العقوبات، يبقى الأمل معلّقًا على أن تتحول الوعود إلى أفعال، وأن تشهد منطقة شمال شرقي سوريا خطوات جادة نحو التنمية والاستثمار.

فبعد سنوات من التهميش، يتطلع أبناؤها إلى مستقبل تُستثمر فيه الثروات المحلية لصالح سكانها، وتُفتح فيه أبواب العمل والخدمات، لتكون الحسكة شريكًا حقيقيًا في بناء سوريا جديدة، أكثر عدلاً وإنصافًا لكل أبنائها.

تحرير: خلف معو