دير الزور.. تقنين حاد وسرقات تعرقل جهود تحسين الكهرباء
علي البكيع – دير الزور
يشكو سكان مدينة دير الزور وريفها شرقي سوريا، من انقطاع حاد في التيار الكهربائي، مع تفشي ظاهرة السرقات التي تضاعف من صعوبة الوضع، بالتزامن مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
وبينما تشدد الجهات المعنية بشركة الكهرباء على جهودها لتحسين الشبكة وفق الإمكانيات المتوفرة، يعبّر السكان عن استيائهم من ساعات التشغيل المحدودة مقابل فترات انقطاع طويلة، في ظل تفاقم الأعباء اليومية على مختلف شرائح المجتمع.
تقنين حاد وبدائل مرهقة
يصف محمد الصالح، من سكان مدينة دير الزور، في حديثه لنورث برس، وضع الكهرباء بالكارثي، قائلاً: “الكهرباء ضعيفة جدًا، خصوصًا في الصيف، كثيرون لجأوا للطاقة الشمسية كحل مؤقت، ولكن ساعات التشغيل غير مقبولة”.
ويضيف أن “خمس ساعات انقطاع مقابل ساعة تشغيل لا تكفي أبسط الاحتياجات، وخصوصًا مع قدوم الصيف والحاجة لتبريد المياه وتخزين الطعام”.
ويناشد الصالح الجهات المختصة بتحسين واقع الكهرباء في المحافظة، أسوة بمناطق أخرى، قائلاً:
“نحن مهمشون منذ عهد النظام السابق، ولا أحد يستجيب لمطالبنا، نأمل من الحكومة الجديدة ووزير الكهرباء التدخل العاجل، فالوضع مأساوي، ونريد فقط الحد الأدنى من الحقوق”.
فيما يقول محمود إسماعيل المحمود (80 عامًا)، لنورث برس: “الكهرباء لا تكفي لأي شيء، ساعة تشغيل مقابل خمس ساعات انقطاع لا تتيح لنا حتى تشغيل البراد.”
ويضيف بلهجته المحلية: “أعمل في تصنيع الكلاشي (الأحذية)، وكل عملي يعتمد على الكهرباء، وهذا يعطلني لساعات طويلة”.
ويشير إلى لجوء البعض لوسائل بديلة، لكنها مكلفة، مضيفًا: “نستخدم الطاقة الشمسية أو البطاريات، ولكن تكاليفها مرتفعة، ومع غلاء المعيشة، يصبح الأمر عبئًا إضافيًا. في الصيف يفسد الطعام، وإذا أردنا ماء باردًا نضطر لشراء الثلج، لكن المردود ضعيف، والكهرباء أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية”.
السرقات تعيق الجهود
فيما يسلط عبدالله الصالح الضوء على جانب أمني حساس، ويضيف مشكلة أخرى تتمثل في السرقات المتكررة التي تطال الشبكة الكهربائية وهو ما يعيق جهود تحسين الشبكة.
ويقول “الصالح”، إن “السرقات والتخريب انتشرت كثيرًا، نحتاج لتكثيف الدوريات الأمنية، لأن هذه الاعتداءات تؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن أحياء بأكملها”.
ويشدد بأنه يجب على الجهات المسؤولة إشراك أبناء المنطقة في حماية المحولات، مشيراً إلى أن “عددها كبير ومن الصعب تأمينها بالكامل”.
أعطال رئيسية
بينما يبين فراس الأحمد، مناوب محطة تحويل “التيم”، لنورث برس، أن كمية الكهرباء المخصصة للمحافظة ارتفعت مؤخرًا من 25 – 30 ميغا إلى 55 – 60 ميغا، ما ساهم في تقليص ساعات التقنين.
ويقول “الأحمد”: “أصبحت مدة الانقطاع تتراوح بين 4 إلى 5 ساعات، مقارنة بـ5 إلى 6 سابقًا، وساعات التشغيل ارتفعت إلى ما بين ساعة وساعة ونصف”، مشيراً إلى جهود مركز التنسيق في دمشق لتحسين التوزيع بين المدينة والريف.
ويضيف: “نأمل بمستقبل أفضل مع دخول محطة كهرباء جديدة في الخدمة، ولكن نحتاج إلى توفير قطع غيار لمواجهة الأعطال الطارئة”.
فيما يشير المهندس إبراهيم الشوحان لنورث برس، إلى أن الأسباب الرئيسية للانقطاعات تعود لأعطال في خطوط التوتر المتوسط والخط الرئيسي المغذي (230 ك.ف)
ويضيف: “نعمل على مدار الساعة لمعالجة الأعطال الطارئة وصيانة الخطوط والمراكز، كما نؤمن الحماية من خلال اللحام وإقفال أبواب المراكز”.
ويشير “الشوحان” إلى أن الشركة تسعى باستمرار للحصول على المعدات والتجهيزات الحديثة لتحسين الشبكة، مضيفاً: “لا يمكن تحديد وقت دقيق لتحسن الخدمة، لأن ذلك مرتبط بكمية القدرة المتوفرة على مستوى القطر. نحن بحاجة ماسة للدعم الحكومي ولجهود المنظمات الدولية لدعم استدامة المنظومة الكهربائية”.
وفي ظل تقنين شديد، وسوء تغذية كهربائية، وارتفاع درجات الحرارة، تتفاقم معاناة سكان دير الزور، ويبقى أملهم معقودًا على وعود التحسين والاستجابة لمطالبهم الأساسية، في انتظار خطوات ملموسة تضع حدًا لمعاناتهم.