باحث سوري لـنورث برس: الوساطة الإماراتية بين سوريا وإسرائيل تعكس تحولات إقليمية جديدة

القامشلي – نورث برس

قال جمعة محمد لهيب وهو باحث سوري، لنورث برس، الخميس، إن توسط الإمارات في محادثات سرية بين إسرائيل وسوريا يعكس تحولات جديدة في السياسة الإقليمية.

وكانت وكالة “رويترز” قد نشرت، أمس الأربعاء، تقريراً مطولاً أفادت فيه بأن الإمارات تتوسط في محادثات سرية بين إسرائيل وسوريا، بحسب مصادرها.

وأشار التقرير إلى أن الإمارات أنشأت قناة حوار بين الطرفين في إطار سعي سوري للحصول على دعم إقليمي لإدارة علاقة تتسم بعداء متزايد مع إسرائيل.

وقال لهيب، إن تقرير “رويترز” يشير إلى تطورات ذات دلالات سياسية وأمنية معقدة في المشهد السوري، ويطرح أبعادًا يمكن قراءتها من منظور التحليل السياسي والاستراتيجي، إذ إن دخول الإمارات كوسيط يعكس تحولات جديدة في السياسة الإقليمية.

وأضاف: “تسعى أبوظبي إلى لعب دور في إعادة ترتيب الملفات العالقة بين الدول، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو الاقتصادية، كما أن الوساطة بين سوريا وإسرائيل قد تكون جزءاً من مسار إعادة تأهيل النظام السوري باعتباره كتلة معنوية، بغض النظر عن التغيير في بنيته، وهو تأهيل إقليمي بعد سنوات من العزلة، وقد يتزامن هذا المسار مع ملفات أخرى مثل التطبيع مع دول الخليج وتقليص النفوذ الإيراني”.

وأشار إلى أن “هذا التحرك قد يكون مرتبطاً أيضاً بمسعى إماراتي لتعزيز نفوذها كوسيط مؤثر بين الأطراف الدولية، خاصة بعد نجاحها في إبرام اتفاقيات التطبيع السابقة بين إسرائيل وعدة دول عربية”.

وأوضح الباحث في “تيار المستقبل السوري”، المقيم في لبنان بأن الملفات العسكرية الإسرائيلية خارج نطاق المحادثات، يشير إلى أن هذه القناة تركز على ملفات سياسية واقتصادية.

وتابع: “قد تكون المحادثات مرتبطة بالتفاهمات حول الوضع الإقليمي لسوريا، لا بتفاصيل العمليات العسكرية، مما يؤكد أن إسرائيل مستمرة في فرض قواعد الاشتباك الخاصة بها داخل سوريا، رغم وجود قناة دبلوماسية”.

وأضاف: “هذا يعني أن أي تفاهمات سياسية محتملة لن تؤثر مباشرة على نشاطها العسكري، بل تهدف إلى إيجاد ترتيبات أمنية غير مباشرة، تخفف من حدة التصعيد أو تنظم آليات التعامل مع بعض النقاط الساخنة مثل الجولان أو النفوذ الإيراني، دون أن تصل إلى مستوى اتفاقيات سياسية شاملة”.

ولفت لهيب إلى أن استهداف إسرائيل مواقع داخل سوريا، وخاصة قرب القصر الرئاسي، “يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن أي تفاوض لن يكون بمنأى عن التصعيد الميداني، فتوقيت الضربة، رغم المحادثات السرية أو حتى العلنية بين سوريا وإسرائيل، قد يكون محاولة إسرائيلية لوضع إطار تفاوضي وفق شروطها الخاصة، بما يضمن بقاء اليد الطولى لها في العمليات العسكرية داخل سوريا”.

وأوضح: “إذا كانت المحادثات تهدف إلى ضبط بعض الملفات الأمنية، فإن استمرار الغارات الإسرائيلية يعكس أن إسرائيل لا ترى في هذه المحادثات بديلاً عن استراتيجيتها العسكرية في سوريا، بل ربما تكتيكًا لانتزاع تنازلات سياسية”.

وختم قائلاً: “هذه التطورات تكشف أن سوريا وإسرائيل تتحركان في مسارين متوازيين؛ الأول تفاوضي غير علني وغير مباشر، ربما يتعلق بترتيبات سياسية أو اقتصادية، والثاني عسكري مستمر، حيث تواصل إسرائيل الضغط عبر الضربات الجوية لضمان تفوقها الاستراتيجي”.

وشدد على أن فهم المرحلة الراهنة يكمن في مراقبة كيفية انعكاس هذه المحادثات على النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، متسائلًا: “هل سيكون هناك ضبط تدريجي للصراع، أم أن الضربات ستظل جزءاً من معادلة الضغط السياسي؟”.

إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجة