“محطة فارقة”.. كرد سوريا على موعد مع مؤتمر مصيري برعاية دولية

القامشلي – نورث برس

يقترب الكرد في سوريا من تحقيق حلمهم المنتظر، قبل يوم من انعقاد مؤتمر مصيري تنعقد الآمال عليه بتحقيق وحدة الصف الكردي لتقرير مستقبلهم في سوريا وشكل العلاقة مع دمشق.

وغداً السبت، 26 نيسان/ أبريل الجاري، من المقرر أن تنطلق أعمال “كونفرانس وحدة الموقف الكردي” في سوريا، بعد انتهاء التحضيرات وإرسال الدعوات للأطراف المشاركة والراعية له.

مبادرة برعاية دولية

مع بدء الحراك الشعبي في سوريا، تعالت أصوات كردية بالدعوة لتوحيد مواقفها، وأفضت حينها جهود ومساعي محلية بدعم أطراف كردستانية إلى اتفاقيات في هولير/ أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق ودهوك، فيما لم تر النور نتيجة الخلافات الداخلية.

وعقب التوغل التركي في مناطق شمال شرقي البلاد، بدأت الحوارات الكردية – الكردية في سوريا برعاية دولية في خريف عام 2019، حيث أطلق القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، آنذاك، مبادرة لتقريب وجهات النظر بين المجلس الوطني الكردي في سوريا من جهة، وحزب الاتحاد الديمقراطي والأحزاب المتحالفة معه والمنضوية في الإدارة الذاتية من جهة أخرى.

وجاءت المبادرة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وسرعان ما دخل الطرفان في جولة حوار أولى، انتهت في منتصف عام 2020 بتوقيع وثيقة “رؤية سياسية مشتركة” تنص على وحدة سوريا والاعتراف بالحقوق القومية للكرد، والمطالبة بنظام اتحادي.

لاحقًا، مع مساعي تشكيل مرجعية كردية سياسية لتمثيل مختلف الأطراف، ومناقشة أمور إدارية وعسكرية مشتركة، تعثرت الحوارات مع تصاعد الخلافات حول ملفات شائكة، مثل عودة “بيشمركة روج” وهي قوة كردية سورية مدعومة من إقليم كردستان العراق، والتجنيد الإجباري، والتعليم.

ومع وصول الحوار إلى هذه النقاط الحساسة، بدأت حالة من الجمود، خاصة بعد توقف الوساطة الأميركية إثر الانتخابات الرئاسية الأميركية أواخر 2020، وتوقف الحوار نهائيًا في 2022 بعد اتهامات متبادلة بإفشال العملية.

ومع سقوط نظام الأسد في سوريا، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ظهرت مبادرات جديدة لإعادة إحياء الحوار، وتشكلت فيما بعد لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر كردي عام يبحث رؤية الكرد في سوريا ومطالبهم من دمشق.

رؤية قومية ووطنية

وفي أواخر آذار/ مارس الفائت، حصلت نورث برس على بنود مسودة الوثيقة السياسية المعدة من قبل اللجنة التحضيرية “للكونفرانس الكردي” في سوريا، وهي رؤية تشمل المجال الوطني السوري والمجال القومي الكردي.

تتضمن المسودة أن الجمهورية السورية هي دولة ديمقراطية متعددة القوميات والأثنيات والثقافات والأديان والطوائف، يضمن دستورها حقوق كافة المكونات السورية من عرب وكرد وسريان وآشوريين وشركس وتركمان وعلويين ودروز وإيزيديين ومسيحيين، وبمبادئ فوق دستورية.

في البند الثاني من المسودة، جاء أن تلتزم الدولة السورية بالعهود والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ومبدأ المواطنة المتساوية، وأن يكون نظام الحكم في سوريا برلمانيًا يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات، وبأن تكون سوريا دولة لا مركزية سياسية تضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة بين المركز والأطراف.

الوثيقة السياسية تدعو للإقرار الدستوري بالوحدة الإدارية والسياسية للمناطق الكردية، وأن يضمن الدستور السوري حقوق الشعب الكردي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ويحافظ على الخصائص التاريخية والبنى الديموغرافية الأصيلة للمناطق الكردية.

وتقر الوثيقة بالوجود القومي للشعب الكردي في سوريا كشعب أصيل على أرضه التاريخية، وضمان حقوقه القومية دستوريًا وفق العهود والمواثيق الدولية.

كما تدعو الوثيقة إلى الاعتراف الدستوري باللغة الكردية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية في البلاد، وضمان التعليم والتعلم بها، والاعتراف الدستوري بالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا ومؤسساتها الإدارية والأمنية كنموذج للامركزية وحل لقضايا التنوع القومي والعرقي والديني والطائفي في سوريا.

قبيل المؤتمر

في أرفع لقاء سياسي له مع الغرب، اجتمع مساء أول أمس الأربعاء، قائد “قسد” الجنرال مظلوم عبدي، مع وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو مع في أربيل، بعد لقاء الأخير مع قيادات إقليم كردستان العراق.

وأمس الخميس، أعلنت رئاسة إقليم كردستان العراق، عن لقاء جمع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، مع الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، في أربيل مساء الأربعاء.

وقالت رئاسة الإقليم في بيان، إن “الاجتماع ناقش آخر تطورات الوضع في سوريا وعلاقات قوات سوريا الديمقراطية والأطراف السياسية الكردية في سوريا مع الحكومة السورية”.

وشدد الجانبان على “ضرورة الوحدة والوئام بين القوى والأطراف الكردية في سوريا كضمان لتحقيق المطالب والحقوق المشروعة للكرد، ووضع مخيم الهول ودور التحالف الدولي في سوريا لمواجهة داعش، شكلت محوراً آخر للاجتماع”.

وأمس الخميس، قال عبد الوهاب خليل، عضو اللجنة التحضيرية لـ “كونفرانس وحدة الموقف الكردي في سوريا”، لنورث برس، إن اللجنة أنهت جميع الترتيبات، ويتم إرسال دعوات حضور المؤتمر، مشيراً إلى أن ممثلين عن أحزاب كردستانية سيحضرون الكونفرانس.

وأول أمس الأربعاء،  قال سليمان أوسو، عضو الهيئة الرئاسية في المجلس الوطني الكردي في سوريا، لنورث برس، إن أكثر من 300 شخص سيحضرون الكونفرانس، مشيراً إلى اقتصار الحضور على المقيمين حالياً في (روج آفا) شمالي سوريا.

وأضاف أنه سيتم اتخاذ قرار خلال الكونفرانس بتشكيل وفد مشترك لطرح الرؤية السياسية على الإدارة في دمشق. وأكد أن تسمية الوفد وتحديد أعضائه سيتم بعد انتهاء الكونفرانس.

ويترقب الشارع الكردي السوري نتائج هذا المؤتمر بكثير من الأمل والحذر معاً، فالفرصة لا تزال قائمة، لكنها قد لا تتكرر بسهولة في ظل تغيّر موازين القوى إقليميًا ودوليًا.

إعداد وتحرير: خلف معو