مراكز دراسات سورية تزور بغداد .. لقاءات وهواجس
غرفة الأخبار – نورث برس
زار ممثلون عن مراكز دراسات سورية بدعوة من “المجموعة العراقية للشؤون الخارجية” العاصمة العراقية بغداد، قبل أيام، وعقد الوفد السوري سلسلة لقاءات مع مسؤولين عراقيين ومراكز دراسات وأبحاث عراقية.
وتركزت اللقاءات على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الأسد وكيفية الاستفادة من التجربة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين ومخاوف بغداد من الوضع الراهن في سوريا.
لقاءات وهواجس
الوفد السوري التقى بعدد من المسؤولين في بغداد على رأسهم رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، ورئيس مجلس النواب العراقي محمد المشهداني، وبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم الكاردينال لويس ساكو، ورئيس تحالف “عزم” مثنى السامرائي، وحميد الشطري رئيس جهاز المخابرات الوطني، وقاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي.
وقال عبد الإله مصطفى وهو مدير مركز الفرات للدراسات وعضو الوفد الزائر للعاصمة بغداد، إن النقاشات تركزت حول المتغيرات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تحيط بالعلاقات العراقية – السورية، وتحليل أداور واستراتيجيات الجهات الفاعلة الداخلية والإقليمية بما في ذلك تركيا والأردن ولبنان ومصر والخليج العربي وأثرها في تشكيل المرحلة الانتقالية في سوريا.
وأضاف في تصريح كتابي لنورث برس إنه تم بحث طبيعة ومستقبل النظام السياسي والإداري في سوريا بالاستناد إلى التجربة العراقية التي تتشابه مع الحالة السورية في عدة أوجه منها التنوع الثقافي، الاثني والديني، بالإضافة إلى تجربة بناء مؤسسات الدولة في إطار النظام الاتحادي الذي يتميز به العراق كحالة فريدة في الشرق الأوسط.
ومن جانبه قال هوزان إبراهيم، وهو المدير التنفيذي لمنظمة “إيمباكت” إن الجانب العراقي عبّر عن مخاوفه من وجود مواطنين عراقيين ضمن هياكل اتخاذ القرار لدى الإدارة السورية الجديدة، معتبرين المقاتلين الأجانب “خطراً كبيراً ومشروعاً انقلابياً”.
كما تطرقوا إلى تحدي وجود آلاف العوائل العراقية في مخيم الهول وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، موضحين أنهم استعادوا آلاف العوائل مع بقاء 14 ألفاً، ونقلوا مئات المطلوبين إلى السجون لتقديمهم للقضاء العراقي، وفقاً لإبراهيم.
ومن جانبه أضاف عمار قحف، المدير التنفيذي لمركز “عمران” للدراسات في تصريح صوتي لنورث برس، إن الهواجس العراقية تتمثل بشدة تأثر المجتمع العراقي الداخلي أمنياً بما يحصل في سوريا، وتتخوف بغداد من حصول قلاقل امنية في سوريا الأمر الذي ينعكس على العراق.
وأضاف قحف أن بغداد تعمل على منع عبور الفصائل عبر الحدود، وتتخوف من وقوع “انفجار طائفي” في سوريا وردة الفعل السلبية داخل العراق.
وأشار مدير منظمة “إيمباكت” إلى أن المسؤولين العراقيين عبروا عن مخاوفهم تجاه الوضع في سوريا، وأهمها أن السلطة الجديدة أحادية التوجه ولا تراعي التنوع السوري، مع تحفظ على خلفية لبعض الشخصيات البارزة.
كما أبدى الشيعة العراقيون قلقهم بشأن وضع العلويين في سوريا الجديدة، مشددين على أن الهجمات ضدهم وعدم محاسبة المعتدين قد يؤدي إلى سخط في الشارع الشيعي العراقي ويكرر أخطاء إقصاء مكون كامل، بحسب قوله.

“داعش”
وأشار المدير التنفيذي لمركز “عمران” للدراسات إلى أن بغداد بحثت معهم ملف الحرب على الإرهاب و”داعش” ومخاوفها من انفلات السجون وهروب العناصر الأجانب من السجون.
ومن جانبه قال مدير مركز الفرات للدراسات إنه تم بحث خطورة “داعش”، لا سيما مخلفات التنظيم، كما تمت الإشارة إلى دور قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، “المهم والمتميز”، وبأنهم شركاء حقيقيون في محاربة التنظيم، وفقاً لقوله.
وأضاف عبد الإله مصطفى، أن الرسائل العراقية تمحورت حول رغبة بغداد في فتح صفحة جديدة وإقامة علاقات مبنية على المصالح المشتركة وحسن الجوار مع دمشق، مع طرح العديد من الأفكار في هذا السياق من قبيل تفعيل البروتوكول العراقي – السوري، وإعادة تشغيل أنابيب النفط.
وفي السياق نفسه أشار مدير منظمة “إيمباكت” إلى أن المسؤولين العراقيين استعرضوا دروس تجربتهم بعد سقوط النظام السابق، مشيرين إلى أن أبرز الأخطاء كانت اجتثاث البعث على حساب الحفاظ على هياكل الدولة والجيش والقوى الأمنية، مما أدى إلى تكلفة باهظة لإعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية.
واستغلت تنظيمات إرهابية كالقاعدة مشاعر الغبن لدى المكون السني نتيجة إقصائه من العملية السياسية، وأدى امتناع السنة عن المشاركة السياسية في بداية المرحلة الانتقالية إلى ضعف تمثيلهم في الدولة الجديدة، وفقاً لقوله.
التجربة العراقية
يعتقد المسؤولون العراقيون أن عدة عوامل ساهمت في الحفاظ على الدولة بعد انهيار نظام صدام حسين، أبرزها التواجد الأميركي كضامن أمني وداعم للديمقراطية، ودور المرجعية الدينية بقيادة السيد السيستاني الذي شدد على المفاهيم الوطنية، بالإضافة إلى وجود موارد نفطية كافية مولت إعادة الإعمار والعمليات الأمنية. كما لعب النظام البرلماني دوراً مهماً بضمان تمثيل متوازن لجميع المكونات، إلى جانب تطبيق اللامركزية والفيدرالية، بحسب إبراهيم.
وقال مدير منظمة “إيمباكت” لنورث برس، إن العراقيين اختاروا نظاماً سياسياً يعتمد على الديمقراطية التوافقية بدلاً من حكم الأغلبية، مع دستور شارك في كتابته ممثلون عن جميع المكونات، وتطور عرف سياسي بتوزيع الرئاسات الثلاث على المكونات الأكبر.
وقدم الجانب العراقي للوفد السوري، مقترحات للعملية الانتقالية في سوريا، أبرزها تبني نظام برلماني أو مختلط يسمح بمشاركة جميع المكونات، وتعزيز الهوية الوطنية ضمن دولة مدنية مع احترام حقوق المكونات، وتطبيق اللامركزية مع إبقاء المهام السيادية للمركز.
كما اقترحوا الاعتراف بخصوصية شمال شرقي سوريا والبناء على نجاحاتها، وعدم تفكيك الجيش والدولة مع محاسبة أشخاص محددين قضائياً، والإسراع في كتابة الدستور خلال فترة لا تتجاوز سنتين، والتركيز على التنمية الاقتصادية وتوزيع الثروة، وفقاً لإبراهيم.
كما أبدى المسؤولون العراقيون استعداد بغداد لتقديم الدعم للمرحلة الانتقالية في سوريا، مع احترام إرادة الشعب السوري دون التدخل في خياراته السياسية، واستثمار التداخل بين المكونات السياسية العراقية والسورية بشكل إيجابي.