غرفة الأخبار – نورث برس
تلوح في الأفق مواجهة إسرائيلية إيرانية، تحدث عنها وهدد بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبيل بدء المفاوضات غير المباشرة في عمان السبت الفائت، إذا لم توافق على إنهاء برنامجها النووي وقال إن إسرائيل ستلعب دوراً رئيسياً في ذلك.
وعند لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض، هدد ترامب طهران بشن عملية عسكرية، وقال للصحفيين بعد توقيع عدة أوامر تنفيذية في البيت الأبيض: “أنا لا أطلب الكثير… لكن لا يمكن لهم امتلاك سلاح نووي”. وأضاف: “إن تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً، فسنفعل”.
والأحد الفائت، قال ترامب إنه يتوقع اتخاذ قرار بشأن إيران على نحو سريع للغاية، بعد أن ذكر البلدان أنهما عقدا محادثات “إيجابية” و”بناءة” في سلطنة عمان، واتفقا على الاجتماع مجدداً في روما.
وكانت المحادثات التي عقدت في عمان يوم السبت، هي الأولى بين إيران وإدارة يقودها ترامب، بما في ذلك الإدارة الأميركية خلال ولايته السابقة بين 2017 و2021. وقال مسؤولون إنها عقدت في أجواء “مثمرة وهادئة وإيجابية”.
وقد يؤدي فشل المفاوضات إلى عملية عسكرية ضد إيران، قد تنال العراق جزء منها بسبب وجود فصائل تأتمر بطهران، رغم سعي الحكومة العراقية للضغط على تلك الفصائل، التي أبدت جاهزيتها لرمي السلاح خوفاً من غضب ترامب وتل أبيب.
فصائل على لوائح “الإرهاب”
وتندرج تلك الفصائل في “الحشد الشعبي” الذي تشكل عام 2014 بعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على ما يقرب من ثلث العراق، وشاركت هذه الفصائل إلى جانب الجيش العراقي وقوات التحالف في الحرب على التنظيم. وباتت تضم أكثر من 70 فصيلاً مختلفاً، بما فيها جماعات مصنفة على أنها إرهابية مثل “حركة النجباء” و”عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله” الموالية لإيران.
ويشعر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالقلق من أن تنتقم إسرائيل وتجر بلاده إلى حرب. فقد هاجم وكيل إيران “حزب الله” إسرائيل، فكان أن تكبد لبنان في وقت لاحق خسائر بلغت 8.5 مليار دولار. وقد سعى السوداني لمنع اندلاع نار الحرب، إلى استمالة شركائه في ائتلاف حكومة “الحشد الشعبي” كي يتوقفوا عن هجماتهم. كما ناشد طهران أن تساعده في كبح جماح وكلائها في “الحشد الشعبي”.
وأواخر العام الفائت، هددت إسرائيل فصائل عراقية وأسمتها برسالة أمام مجلس الأمن، وهي: “عصائب أهل الحق، كتائب حزب الله، ألوية بدر، حركة النجباء، أنصار الله الأوفياء وكتائب سيد الشهداء”، واتهمتها بمهاجمة إسرائيل.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي حينها، إن تلك الفصائل تابعة للحشد الشعبي، متهماً تلك الهيئة العسكرية العراقية بتلقي الرعاية من الحكومة العراقية والتوجيهات من إيران، وطلب ساعر نشر الرسالة كوثيقة رسمية في مجلس الأمن، كما طالب الحكومة العراقية بالوفاء بالتزاماتها في منع تلك الهجمات، وقال إن “إسرائيل تحتفظ بحقها في الرد واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها”.
ومع عودة، المفاوضات حول برنامج إيران النووي وتهديدات ترامب بشن عمل عسكري، يكون لإسرائيل دور كبير فيه، يبرز التساؤل حول ما إذا كانت تل أبيب ستنفذ تهديداتها ضد الحشد الشعبي العراقي وفصائله.
مفاوضات شكلية
يعتقد مصطفى النعيمي، وهو باحث مشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن الولايات المتحدة ماضية في استخدام سياستها بالضغوط القصوى ضد طهران سواء على المستوى الدبلوماسي أو على العسكري في الجهوزية الكبيرة التي حصلت في مياه الخليج العربي إضافة إلى بحر العرب ومنها باتجاه المحيط الهادئ.
ويشير لنورث برس، إلى أن الولايات المتحدة تحضّر لأسوء السيناريوهات المحتملة بدءً بالتفاوض وصولاً إلى التفاهمات والاتفاقيات التي ستنتج عنها، وإن تطلّب الأمر استخدام القوة العسكرية من أجل فرض الحلول بالقوة.
ويرجح النعيمي احتمال استخدام القوة في ظل التعنت الإيراني، ورفض تفتيش المفاعلات النووية، إضافةً إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم ليصل إلى أكثر من 60%.
ويقول إن طهران هددت بأنها على وشك إنتاج ست قنابل نووية بعد أن حصلت على مخزون يتجاوز 260كغ. بالتالي فإن إيران تعمل من خلال مسارها التفاوضي بالتهدئة، بينما تقوم على المستوى التقني برفع مستوى تخصيب اليورانيوم، لذا فهي غير مؤهلة لأن تجري عملية التفاوض.
كما تقوم طهران بإنشاء منشآت نووية رديفة للمفاعلات، خشية أن تتعرض لضربات جوية، كما تجري عملية توسعة لمفاعل بوشهر النووي المطل على مياه الخليج العربي، بحسب النعيمي.
ويضيف أن طهران ما زالت تستفز الوكالة الدولية للطاقة الذرية من حيث توسيع نطاق نشاطاتها النووية، علماً بأنها صرحت بنفس التوقيت، وعلى لسان مسؤولين إيرانيين، بأنهم جاهزين للتفاوض في مجال برنامجهم النووي.
ويشير مصطفى النعيمي إلى أن هنالك ملفات تفاعلية أخرى ما تزال عالقة، منها؛ البرنامج الصاروخي، والمسيّرات وصولاً إلى حقوق الإنسان، وهو الملف الاخطر الذي يشهد انتهاكات جسيمة منذ تولي الخميني للسلطة مطلع الثمانينات.
ومع تركيزه على الحديث عن حصول تل أبيب على معلومات حول المنشآت الإيرانية النووية واحتمالية شن الضربات عليها، لا يستبعد الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، حصول الفصائل الموالية لإيران على صواريخ بالستية متقدمة من طراز (فاتح 110) والتي يصل مداها إلى 1000ميل.
وبناء عليه فإن هذه التهديدات “لن تمر دون وجود آليات تقنية وعسكرية للتعامل معها”، وفي حال ثبُت لتل أبيب وجود هذه الصواريخ، فإنها ستنفذ ضربات استباقية للمستودعات التي تخزن تلك الأسلحة في العراق.
استبعاد المواجهة
يقول صفاء الأعسم، وهو خبير عسكري عراقي، لنورث برس، إن المواجهة العسكرية بين طهران وواشنطن مستعبدة، خاصة بعد انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات في عمان بأجواء إيجابية.
ويضيف أن إيران قدمت الكثير من التنازلات للولايات المتحدة في ظل معرفتها بمدى جدية واشنطن بتنفيذ تهديداتها بضرب طهران، ثم إن الأخيرة لا قدرة لها على خوض حرب في الوقت الحالي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها، علاوة على خسارة أذرعها في الشرق الأوسط.
ويشير إلى أن الحشد الشعبي يختلف عن ما يسمى بفصائل المقاومة التي تمتلك دعماً من خارج الحدود، بينما الحشد هو أحد مؤسسات الدولة وشُكل بإمرة مجلس النواب العراقي، ويعمل ضمن توجيهات قيادة الجيش. كذلك أبدت فصائل المقاومة جاهزيتها لإلقاء السلاح والتوجه للعمل السياسي.
ويرى أن فصائل المقاومة يجب أن تترك السلاح وتسلمه لأجهزة الدولة، كشرط أساسي لمنع أي ضربات قد تستهدف الأراضي العراقية، كما أن الحكومة العراقية تضغط بشأن عدم مخالفة أوامر قيادة الجيش، ثم إن لا خيار للفصائل سوى تسليم السلاح، خاصة بعد أن سحبت إيران يدها وأبلغت الجميع بأن لا علاقة لها بملف التسليح.