معاناة يومية مع نقص الدعم وهجرة الأطباء من مشفى دير الزور الوحيد

علي البكيع – دير الزور 

يشكو سكان مدينة دير الزور شرقي سوريا، من ضعف الخدمات الطبية التي يوفرها المشفى الوطني، وسط إمكانيات شحيحة بالكوادر والأجهزة الطبية.

وخلال السنوات الماضية نتيجة للواقع الأمني المتردي والظروف المعيشية الصعبة، هاجر غالبية الأطباء والعاملين في القطاع الصحي من دير الزور، وهو ما أثر بشكل سلبي على القطاع الصحي في المنطقة، بحسب سكان.

ضعف الخدمات

يقول سليمان ذياب العثمان، من سكان قرية عياش بريف دير الزور، لنورث برس، إن “الخدمات الطبية في المشفى الوطني بدير الزور ضئيلة وضعيفة للغاية، وتكاد تكون معدومة”.

ويضيف: “لا نجد إمكانيات كافية، ولا نتهم أحداً بالتقصير في حدود قدراته، ولكن هذا هو الواقع الملموس”.

ويشير “العثمان” إلى أن الإمكانيات شحيحة للغاية، حتى أن الكادر الطبي قد لا يتواجد في القسم لمدة 24 ساعة، مما يضع الناس في أزمة حقيقية.

ويقول: إن المشفى الوطني هو المرفق الصحي العام الوحيد الذي يخدم محافظة دير الزور بأكملها، داعياً الحكومة ووزارة الصحة، بتقديم الدعم اللازم، وكذلك المنظمات الدولية والمحلية، وكل من يستطيع المساعدة في المجال الطبي.

ويذكر أنه اضطر إلى دفع ثمانية ملايين ليرة سورية مقابل علاج ابن أخيه في إحدى المستشفيات الخاصة، مضيفاً: “ولم أحصل على أي خدمة حقيقية، المشافي الخاصة تستغل حاجة المرضى”.

غياب الكوادر التخصصية

تقول سلوى الجاويش، رئيسة قسم الحروق في مشفى دير الزور الوطني، لنورث برس: “لدينا قسم حروق في المشفى الوطني، ولكن لا يوجد أطباء متخصصون في الحروق، فيما يتولى طبيب من قسم الجراحة العامة متابعة الحالات”.

وتضيف: “نستقبل حالات حروق تصل نسبتها إلى 30 بالمائة وما دون، أما الحالات الأكثر خطورة فنحولها إلى دمشق، لعدم وجود وحدة عناية حروق أو أماكن لإقامة المرضى المصابين بالحروق وفي حالات الطوارئ الشديدة، نقوم بإبقاء المريض لمدة يوم واحد ثم نحوله إلى دمشق”.

وتشير “الجاويش” إلى أن الكادر التمريضي (ثلاث ممرضات فقط) يتواجدن في الفترة الصباحية فقط، ولا يوجد أطباء متخصصون، بينما يتولى أطباء الجراحة العامة والمقيمون متابعة الحالات.

وتقول إن هذا الجناح هو الوحيد الذي يقدم خدمات علاج الحروق في محافظة دير الزور وريفها، ولا يوجد طبيب متخصص، مضيفة: “نستقبل أعدادًا متزايدة من المرضى، خاصة بعد سقوط النظام، حيث ترك الجيش ألغامًا وذخائر غير منفجرة، مما تسبب في إصابات للأطفال”.

كما تسببت حوادث تهريب الوقود في زيادة عدد الحروق وتضاعف عدد المرضى من 50 إلى 150 تقريبًا، بحسب رئيسة قسم الحروق، وتقول: إن المواد المتوفرة لدينا إسعافية فقط، ولا توجد عمليات ترميم أو تطعيم أو علاج متقدم للحروق”.

وتبين أنه لا يوجد في المشفى جهاز تعقيم جاف أو رطب، ولا وحدة عناية حروق، ولا أجهزة درماتوم يدوية أو كهربائية، ولا جهاز تشبيب.

حتى في حال توفر أطباء متخصصين، فإن هذه الأجهزة غير متوفرة، مما يؤدي إلى وفيات، بحسب رئيسة قسم الحروق بالمشفى الوطني في دير الزور.

فيما يقول الدكتور حسن الطحطوح، طبيب مقيم جراحة عظمية ورئيس الأطباء المقيمين في مشفى دير الزور الوطني، لنورث برس: “يستقبل قسم الإسعاف الجراحي في المشفى العديد من الحالات والإصابات القادمة من المناطق الحدودية مع العراق، نظرًا لكونه المشفى الوحيد الذي يخدم المنطقة”.

ويضيف: “نستقبل يوميًا ما بين 100 و150 حالة تقريبًا، تشمل 4 أو 5 عمليات جراحة عظمية إسعافية، وحوالي 2 إلى 4 عمليات جراحة عامة، بما في ذلك جروح بطلقات نارية وإصابات ناتجة عن الألغام وحوادث سير وسقوط من أماكن مرتفعة.

ضغط وتحديات كبيرة

يستقبل المشفى الوطني يوميًا مئات الحالات الطارئة، من إصابات طلقات نارية وحوادث سير إلى كسور وجراحات معقدة، ورغم الجهود المضنية التي يبذلها الكادر الطبي، إلا أن المشفى يواجه تحديات جمة تفوق قدرته على تقديم الخدمات الصحية اللازمة، بحسب إدارة المشفى.

ويقول محمد الفلاح، المدير الإداري لمشفى دير الزور الوطني، لنورث برس، إنه سابقاً كان عدد المراجعين محدودًا، ولكن بعد سقوط الأسد، ازداد العدد بشكل ملحوظ، وارتفع عدد المرضى من 50 إلى ما بين 150 و200 مريض يوميًا، يشمل ذلك الكسور والعمليات الجراحية.

ويضيف أن هذا الضغط الهائل أثَّر على الكادر الطبي، وزاد الضغط على المواد الطبية، من شاش وقطن وأجهزة، آملاً أن يتم تدارك هذا النقص في أقرب وقت.

ويشير إلى أنهم يعانون من نقص حاد في الكوادر المتخصصة، قائلاً: “على سبيل المثال، لا يوجد لدينا طبيب تخدير في قسم العمليات، ولا طبيب حروق في قسم الحروق، ولا طبيب جراحة صدرية”.

ويضيف: “هذا هو الواقع الحالي، لدينا طبيب أو اثنان في بعض التخصصات، ولكن هذا غير كافٍ، ونحن بحاجة إلى المزيد”.

غياب الأجهزة الطبية

يذكر مدير المشفى الوطني بدير الزور محمد الفلاح، أنه لا يوجد في محافظة دير الزور جهاز رنين مغناطيسي، مبيناً أنه تمتد المحافظة من الحدود العراقية إلى حدود الرقة، وهي مساحة شاسعة على طول نهر الفرات، تضم مدنًا وبلدات وقرى يسكنها مئات الآلاف من الأشخاص.

ويضيف: “الجهاز الثاني الذي نحتاجه بشدة هو جهاز التصوير الطبقي المحوري، لدينا جهاز واحد فقط، ويتعرض لضغط شديد، ونخشى من توقفه عن العمل”.

ويناشد مدير المشفى المنظمات الدولية الداعمة في المجال الصحي والإنساني بمساعدتهم في توفير جهاز رنين مغناطيسي وجهاز تصوير طبقي محوري ثانٍ، بالإضافة إلى حاجة المشفى أيضًا إلى جهاز قثطرة وتجديد بعض الأجهزة بشكل كامل.

ويوجد في المشفى الوطني بدير الزور 24 جهازًا، يعمل منها 13 فقط، والبقية تحتاج إلى تجديد أو صيانة، ويفضل تجديدها، حيث أن عمرها يعود إلى عام 2000 تقريبًا، أي 25 عامًا، ما أوشكت على الخروج عن الخدمة.

تحرير: خلف معو