الرقة.. قرار ترامب يقطع الدعم عن المركز الوحيد لرعاية العائدات من مخيم الهول

زانا العلي – الرقة

تخرج “أم مجاهد” كل صباح من خيمتها في مخيم “سهلة البنات” بريف الرقة شمال شرقي سوريا، لتطرق أبواب المنظمات لعلها تجد دعمًا يساعدها في إعالة عائلتها، ولكن منذ أكثر من شهر، تخيب جميع محاولاتها، حيث توقفت المساعدات التي كانت تعتمد عليها.

وبعد عودته إلى السلطة في يناير/ كانون الثاني الماضي، اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً عاجلاً يقضي بإنهاء العديد من برامج المساعدات، التي تدير معظمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، فضلاً عن إنهاء خدمة الكثيرين من موظفي تلك الوكالة.

ظروف معيشية قاسية

تعيش “أم مجاهد” (اسم مستعار) لأم سورية لخمس بنات وولد وحيد، في مخيم “سهلة البنات”، بعد أن عادت منذ ثلاث سنوات من مخيم الهول بريف الحسكة إلى الرقة، وتعاني من ظروف معيشية قاسية، حيث يفتقر المخيم إلى أبسط مقومات الحياة.

وتقول لنورث برس: “قبل وقف الدعم كانت مشكلتنا هي قيد أطفالنا في السجلات الرسمية للدولة لأنهم حتى اللحظة مكتومي القيد، أما الآن أصبحنا نفكر بقوتهم اليومي”.

وتضيف: “ليس لدينا معيل لهذه العائلة، والأمل في تحسين الوضع يتلاشى بشكل يومي”.

كانت “أم مجاهد” في البداية تعيش في مدينة الرقة، حيث كان زوجها منتسبًا إلى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ثم اندلعت المعارك في المنطقة قبل سنوات، ونزحت إلى مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي، بعيدًا عن ميدان القتال، وسرعان ما عاد زوجها إلى الرقة وقُتل فيها.

ونتيجة وصول المعارك إلى مدينة هجين، كانت وجهتها إلى مخيم الهول عام 2019، حيث بقيت فيه لمدة سنة، ثم خرجت منه بسبب الوضع الأمني غير المستقر في المخيم وخوفًا من نساء متشددات في المخيم، على حد قولها.

وتقول: “خرجت من المخيم إلى تل أبيض ومنها عدت إلى الرقة، ولكن ظروف الحياة صعبة جدًا. نعيش على دعم المساعدات المقدمة إلينا من المنظمات”. وتضيف: “أنا امرأة وليس لدي معيل ولا عمل”.

وتضيف أم مجاهد: “مصيرنا أصبح مجهولًا مرة ثانية، فضلاً عن تعرضنا للاستغلال والتحرش وسط غياب الحماية وضعف الخدمات. بشكل يومي نواجه تحديات، والوضع يزداد سوءًا.”

وتشير إلى أن وقف المساعدات فاقم معاناتها وأطفالها، قائلة: “ليس لنا علاقة بأفعال زوجي الذي أصبح داعشياً”.

آثار توقف الدعم

في الرقة، كانت المساعدات تقدم إلى العائدين من مخيم الهول عن طريق مركز الرعاية الاجتماعية الذي افتتح بداية العام الفائت بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

يقول محمد نور الفنير، الرئيس المشارك لمركز الرعاية الاجتماعية في الرقة، إن برنامج الخدمات الأساسية المدعوم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والذي كان يهدف إلى تدريب وتأهيل النساء، قد استهدف خلال العام الماضي 240 امرأة.

وكان البرنامج يشمل تدريبات مهنية، دمجًا مجتمعيًا، وجلسات حوارية تهدف إلى تحسين وضع النساء ودمجهن في المجتمع، بحسب “الفنير”.

لكن في بداية العام الجاري، وتحديدًا في 21 كانون الثاني/ يناير الفائت، توقف هذا البرنامج، مما كان له أثر سلبي كبير على النساء المستفيدات منه، وفق “الفنير”.

ويشير إلى أن هؤلاء كن يعتمدن على البرنامج في تحسين وضعهن الاقتصادي والاجتماعي، وكان معظمهن في ذات الوقت أمهات ومعيلات لأسرهن، فيما رغم كل محاولاتهم، إلا أن نسبة اندماجهن مع المجتمع المحلي لا تتجاوز 30 بالمئة.

وبحسب “الفنير”، بلغ عدد المستفيدات من مساعدات مركز الرعاية الاجتماعية 632 امرأة، بينما بلغ عدد الأطفال الذين يعتمدون على هؤلاء النساء حوالي 1700 طفل. جميع هؤلاء الأطفال لا يوجد لديهم معيل آخر، مما يفاقم من معاناتهم.

ويحذر رئيس مركز الرعاية من أن الوضع سيكون أسوأ إذا لم يتم توفير الدعم المستمر لهذه الفئة، مشيراً إلى أن “الحاجة الملحة ستدفع البعض إلى اللجوء إلى طرق ملتوية لكسب لقمة العيش، وربما يتعرضون للاستغلال من قبل خلايا “داعش”، أو الانخراط في تجارة المخدرات، أو القيام بأنشطة غير أخلاقية من أجل تأمين حياة أفضل لأطفالهم”.

تحرير: خلف معو