“الحمى القلاعية” تهدد الثروة الحيوانية في الرقة
الرقة – نورث برس
يواجه مربو المواشي في مدينة الرقة تهديداً جديداً من وباء يفتك بأغنامهم الأمر الذي يفاقم من معاناتهم ويهدد الثروة الحيوانية، بعد توالي سنوات الجفاف.
بالإضافة إلى القحط هذا العام وانخفاض أسعار المواشي بسبب قلة المراعي، مؤخراً بدأ داء “الحمى القلاعية” يفتك بالخراف بشكل كبير الأمر الذي يشكل تهديداً كبيراً لمربي المواشي في الرقة.
جائحة
يقول عبد القادر المحمد (40 عاماً)، وهو من مربي المواشي بريف الرقة، لنورث برس، إن “الأغنام أصابها هذه السنة مرض الحمى القلاعية مما جعلنا نفقد الكثير منها”.
والحمى القلاعية، هي مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الماشية والخراف والماعز، والذي يمكن أن يؤدي إلى خسائر اقتصادية جسيمة في الثروة الحيوانية.
ويضيف “المحمد” أن المرض تسبب بنفوق ما يقارب 15 خاروفاً بالإضافة لأعداد من الماعز والدجاج.
ويشير إلى أن الأعراض لهذا المرض تترافق بارتفاع الحرارة “مما يجعل الشاة لا تستطيع الوقوف ولا المشي وممكن أن تبقى أسبوع كامل على هذه الحال”.
ويعمل مربو المواشي بطرق بدائية بوضع أرجل الأغنام في الماء وغسل جسمها بالكامل لتخفيف درجة الحرارة أو تغطيتها بالزيت المحروق التالف مما يجعل أطراف المواشي أبرد قليلاً.
ويشدد مربي الماشية في الرقة عبدالقادر المحمد، على ضرورة حل سريع للخلاص من هذه الجائحة التي ممكن أن تنتقل للإنسان، مطالباً الجهات المعنية بالثروة الحيوانية إلى تأمين الدواء لإيجاد حل سريع لإيقاف هذا المرض.

“وقت الهداد”
فيما يقول مربي الأغنام في بادية الرقة إبراهيم الشحاذة (45عاماً) من ريف مدينة الرقة لنورث برس، إن المرض أصاب أغنامه منذ وقت الهداد (نهاية بقايا المحاصيل الزراعية التي كان يرعى بها).
ويضيف أنه لم يكتشف هذا المرض إلا منذ فترة وجيزة عن طريق ولادة الأغنام لأجنة ميتة (إجهاض) حيث يأتي الخروف كاملاً ولكن نتيجة هذا المرض يموت الخروف ببطن أمه.
ويشير إلى أن المرض بدأ منذ أشهر يصيب أغنامه، مبيناً أنه أصاب من اغنامه ما يقارب 20 خاروفاً ورغم أنه جرب كل الأدوية المعروفة عند الصيدليات البيطرية لكن دون فائدة، على حد قوله.
ولاحظ الشحاذة أن أغنامه التي أصيبت بالقلاعية قامت تزحف على أطرافها الأربعة، مضيفاً أنه كل عام هذا المرض موجود ولكن نتيجة حالة الجفاف في البادية ازداد هذا المرض وأدى لنفوق الكثير من الأغنام
ويقول الشحاذة إنه بعد فقدانه الأمل من الأدوية الموجودة بالسوق المحلي فعمل لجلب الزيت المحروق الخاص بمحركات السيارة حيث يعمل لتغطية أرجل الأغنام بهذه المادة الباردة مما يجعلها بصحة أفضل ويقلل من الإصابة، على حد وصفه.
العدوى
يشير مربو المواشي إلى أن العدوى بالمرض انتقلت من خلال تجار المواشي من دول الجوار وزاد من سرعة انتقالها عن طريق الهواء نتيجة الرطوبة، كما يعتبرون أن الجفاف أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الحمى القلاعية.
حيث يقول محمد المطيبخ (52 عاماً)، من مربي المواشي في الرقة، لنورث برس، إن المرض انتشر عن طريق التجار وسيارات الشحن وسط غياب إجراءات المراقبة والتعقيم على المعابر.
فيما يقول الطبيب البيطري إبراهيم الخلف (50 عاماً) من مدينة الرقة، إن المرض أثر بمدينة الرقة وريفها منذ أكثر من شهرين تزامناً مع موجات الجفاف والصقيع التي سادت البلاد في الآونة الأخير.
ويشير الطبيب البيطري إلى أن مرض الحمى القلاعية مرض شديد الانتشار وسريع التنقل بين قطعان الماشية، مشدداً بأنه إلى هذه اللحظة لم تأت أي جهة رسمية بالدواء المعالج للحمى القلاعية.
ويضيف أن اللقاحات الموجودة كلها لم تعط نتيجة على أرض الواقع، مبيناً أن الأعراض التي تطرأ على الأغنام هي ارتفاع درجة الحرارة بالدرجة الأولى وتقرحات بالفم وقلاعات بين الأضلاف، واسمه المرض العلمي هو ” .”Foot-and-mout
ويقول الطبيب إن “درجة الحرارة تصل إلى أكثر من 42 درجة وممكن أن تفتك الحوامل من الحيوانات وأن جميع الأدوية التي نقدمها لا تأتي بأي نتيجة”.
“لا يتناسب مع الأدوية”
يقول الطبيب البيطري إبراهيم الخلف إن الفيروس الموجود “يبدو متحوصل جديد ولا يتناسب مع الأدوية التي نعرفها وموجودة ضمن الأسواق بشكل عام”.
ويشير إلى أن الحمى القلاعية انتقلت من العراق إلى سوريا عن طريق المعابر وسيارات نقل الماشية أثناء الاستيراد والتصدير، على حد قوله.
وسجلت دول جوار ومنها العراق، إحصائية كبيرة من حيث الإصابة بالمرض، ما كبّد قطاع الماشية خسائر كبيرة وفق تقارير إعلامية.
ويحذر الطبيب البيطري أنه في حال تطور هذا المرض لأشهر سيتسبب بنفوق عدد كبير من الحيوانات بشكل عام ويؤدي ذلك إلى خسارة اقتصادية في المنطقة.
ويرى أن الأغنام العواس السوري تضاهي النفط حالياً والثروة الحيوانية هي المورد الثاني بعد الزراعة للسبيل المعيشي، مناشداً الجهات المختصة في استيراد لقاحات ذات فعالية جيدة من دول معنية بخصوص اللقاحات.
كما يبين الطبيب أن القلاعية تنقل للإنسان والحيوان مع كثرته ويسبب قلاعات لدى الأطفال.
ويدعو الجهات المختصة متابعة المرض مع المربين وإحصاء الإصابات ومراقبة عميلة سير المرض الموجود ضمن القطعان وتأمين لقاحات، مشيراً إلى أنه في السابق كانت تأتي اللقاحات مجانية بشكل دوري ضمن برنامج وقائي للحمى القلاعية والجدري وكل الأمراض التي تصيب الماشية.
وتعد الوقاية والتوعية هما المفتاح لمكافحة الحمى القلاعية وحماية الثروة الحيوانية، ومن الضروري أن يعمل مربّو الحيوانات مع الجهات المعنية معاً لتقليل المخاطر وضمان صحة وسلامة الحيوانات.