الكرد في سوريا يستعدون للاحتفال بعيد نوروز القومي
نالين علي – القامشلي
تتجول آرمانج في سوق القامشلي، شمال شرقي سوريا، لشراء قماش الزي الفلكلوري الكردي لاستقبال عيد نوروز الذي يصادف الـ 21 آذار/ مارس من كل عام، وهو بداية رأس السنة الكردية.
ومع حلول فصل الربيع، يبدأ السكان في القامشلي والمناطق ذات الغالبية الكردية في سوريا بالتحضيرات لعيد نوروز لتنشط حركة الأسواق مع هذه المناسبة احتفالاً بالعيد.
“عيد مقدس”
تقول آرمانج محمد، من سكان القامشلي، “عيد نوروز هو عيد قومي ومقدس بالنسبة لنا, وجميع أفراد العائلة يتحضرون لهذا العيد وتجهيز الزي الفلكلوري المعروف بنا”.
و”نوروز” يعني اليوم الجديد باللغة الكردية وهو عيد قومي وتاريخي للشعب الكردي يعود إلى تاريخ أسلافهم الميديين في إعلان الحرية والخلاص من الظلم والاستبداد منذ أكثر من 2600 عام.

في عهد نظام الأسدين (الأب والابن) مُنع الكرد من إقامة الاحتفالات بعيد نوروز، واعتقل منهم الآلاف بسبب الاحتفال بهذه المناسبة القومية، ووصل الأمر بالنظام السوري إلى حد إطلاق النار على المحتفلين وقتلهم، في الرقة والقامشلي وأماكن أخرى.
ففي نوروز عام 2008، أطلقت قوات الأمن النار على المشاركين في عدة مدن وخاصة في مدينة القامشلي، وفي عام 2009، قتل اثنان في مدينة الرقة بالرصاص الحي واقتيد العشرات منهم إلى السجون، كما اعتقل العشرات في حلب ومثلها في مناطق أخرى من البلاد.
وبعد سقوط نظام الأسد يتطلع الكرد في سوريا إلى الاحتفال بهذا اليوم كعيد وطني بالخلاص من عهود الظلم والقمع نحو تثبيت حقوقهم في الدستور الجديد للبلاد.
ومن المقرر أن تقام حفلات نوروز هذا العام في السويداء ودمشق ومناطق أخرى في الداخل السوري.
وتضيف “محمد”: “منذ بداية شهر شباط/ فبراير نبدأ بالتحضيرات وخياطة فساتين بمناسبة الثامن من آذار/ مارس، وهو يوم المرأة العالمي وكذلك بمناسبة عيد نوروز”، مشيرة إلى “إقبال كبير” هذا العام لشراء أقمشة الزي الفلكلوري.
وتميل النساء الكرديات لشراء الأقمشة الملونة بألوان بالزي الكردي التي تعبر عن فصل الربيع المعروف بألوانه الزاهرة والمبهجة، بحسب بياعي الأقمشة في سوق القامشلي.
ويقول خالد أمين، بائع أقمشة بسوق القامشلي, لنورث برس، إن “الأقمشة النسائية تباع أكثر وعليها طلب, والنساء يتحضرن قبل شهرين من عيد نوروز بشراء الاقمشة ولوازم الاحتفال”.
فيما نتيجة تزامن “نوروز” مع شهر رمضان هذا العام، يشير “أمين” إلى أن ذلك أثر على الإقبال نوعاً ما, كما يربط التأثير بالظروف الاقتصادية التي تمر بها سوريا عامة.
ويقول “أمين”: إن “أكثر الأقمشة طلباً هي الملونة والتي تحمل الوان الربيع, وبما أن نوروز يعتبره الكرد رأس السنة حسب التقويم الكردي ورمزاً للحياة والتجدد, أي (اليوم الجديد)”.
الزي الفلكلوري
يقول رزكار حسو، خياط الأزياء النسائية والزي الفلكلوري في القامشلي, إن إقبال النساء على خياطة الزي الكردي هذا العام أفضل من قبله وإن حركة الإقبال والشراء تزداد كل عام.
ويضيف أن “السكان يميلون في الأعوام الأخيرة لارتداء الزي الفلكلوري بشكل أكبر, ليس فقط في عيد نوروز, بل في المناسبات الخاصة بهم أيضاُ”.
ويشير إلى أن الحركة تزداد بعد منتصف شهر شباط/ فبراير أي قبل شهر من العيد، إذ يبدأ السكان بتجهيز الزي الكردي, وهناك زبائن من المغتربين الكرد في أوروبا وإقليم كردستان عند عودتهم للاحتفال هنا يرغبون بخياطة الزي الفلكلوري أيضاً.
وبحسب الخياط، تتراوح تكلفة خياطة الزي الكردي بدءاً من 30 دولار كحد أدنى وما فوق, حسب نوعية الأقمشة والتصميم, ويقول إن أسعار الخياطة هذه السنة منخفضة مقارنة بالأعوام السابقة، والسبب يعود لهبوط سعر صرف الدولار هذا العام، على حد تعبيره.
ويعتبر ارتداء الزي الكردي الفلكلوري من أبرز العادات والتقاليد المتوارثة الخاصة بهذا اليوم.
ويتألف الزي الكردي بالنسبة للرجال من سروال فضفاض ويطلق عليه “شروال ” وسترة تعرف بـ “جوغه”, وقماش طويل يلف حول الخصور ويسمى بـ ” بشدين ” إضافة الى “الجمدان” الذي يعتبر قبعة من الشماغ.
أما النساء, فيتألف زيهن من فستان طويل مطرز وأكمام طويلة متدلية من اليدين وسترة بطول مماثل. ويفضل أغلبهن ارتداء أحزمة مصنوعة من الذهب أو المعادن فوق الخصر.
طقوس العيد
في يوم العيد يخرج الناس إلى الطبيعة أو يتجمعون في ساحات مجهزة بالفرق الغنائية والرقص، إذ تبدأ الفرق بالتحضير للدبكات الفلكلورية والأغاني القومية لعيد نوروز قبل أشهر, بالإضافة إلى عروض المسرح والذي يجسد الواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة.
تقول نجبير غانم، عضو فرقة فنية للدبكات الفلكلورية في القامشلي, لنورث برس، “بدأنا بالتحضيرات لعيد نوروز منذ شهر شباط/ فبراير الفائت, ونتدرب على تقديم العروض الفنية ثلاثة أيام في الأسبوع، على عدة دبكات فلكلورية لعرضها في نوروز القامشلي”.
وتشير إلى أن التحضيرات كانت شاقة خلال الفترة الفائتة نظراً لتزامنها مع شهر رمضان هذه السنة، وكانوا يضطرون لتلقي التدريبات في الصباح والمساء لتقديم العروض الفنية بشكل أفضل للجمهور في يوم العيد.
وتبدأ طقوس الاحتفال بعيد نوروز لدى الكرد في يوم 20 آذار/مارس عند الغروب، بإيقاد شعلة نوروز وهي عادة ترجع إلى تاريخ الميديين (أسلاف الأكراد) عندما خرج كاوا الحداد إلى الجبل وبيده شعلة نار لإرسال إشارة النصر إلى الناس بحسب الروايات القديمة.