12 آذار.. القصة الكاملة لانتفاضة الكرد ضد الأسد
غرفة الأخبار – نورث برس
في الثاني عشر من شهر آذار/ مارس من كل عام يُحيي الكرد في شمال شرقي سوريا، ذكرى انتفاضة 12 آذار ضد نظام الأسد الذي سقط في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي وقعت أحداثها عام 2004 في مدينة القامشلي شمالي سوريا لتمتد خلال ساعات إلى بقية المدن الكردية وحلب والعاصمة دمشق.
وأسفرت أحداث ذلك اليوم والأيام التي تلتها عن مقتل أكثر من ثلاثين شخصاً بالإضافة إلى عشرات الجرحى، اعتقل النظام السوري خلالها أكثر من ألفي شخص، وفق تقديرات جهات حقوقية كردية.
وبدأت الأحداث حينما اندلعت اشتباكات بالأيدي بين مشجعين لفريقي كرة القدم خلال المباراة التي جرت في مدينة القامشلي بين ناديي الفتوة والجهاد وذلك بعد رشق أفراد من جمهور نادي الفتوة جمهور “الجهاد” بالحجارة، إلا أن تدخل قوات الأمن واستخدامها الرصاص الحي ضد جماهير الجهاد زاد الأمر سوءاً.
قبل صافرة البداية
قُبيل وصول جمهور نادي الفتوة، إلى أرضية الملعب قاموا بالتجوال في شوارع مدينة القامشلي، مرددين شعارات استفزازية وموجهة شتائم للقادة الكرد.
وبالرغم من تواجد شرطة النظام على أبواب الملعب البلدي (ملعب 12 آذار) في المدينة، استطاع جمهور نادي الفتوة الدخول إلى الملعب بدون تفتيش وكان بحوزتهم العصيّ والسكاكين والحجارة، وفق شهود عيان ومقاطع مصورة.
وقبيل إعلان صافرة البداية بين الناديين زادت حدة الاحتقان، وارتفعت وتيرة الشعارات من قبل جمهور الفتوة ، وبدأوا بإلقاء الحجارة والعصي وضرب جمهور نادي الجهاد.
لتقوم القوى الأمنية بالتدخل وإطلاق الرصاص الحي باتجاه مدرجات جمهور نادي الجهاد ليسفر عن ذلك فقدان أربعة مدنيين لحياتهم.
انتشار الخبر
وبثَّت الإذاعة السورية في برنامجها الرياضي “ملاعبنا الخضراء” نبأ توقُّف مباراة بين ناديي الجهاد والفتوَّة، نتيجة اشتباك بين جمهور الفريقين وذكرت أن ثلاثة أطفال قتلوا دهساً تحت الأقدام.
توجه الآلاف من سكان القامشلي نحو الملعب كي يتمكنوا من معرفة ماذا يحدث مع أبنائهم، لكن قوات الأمن حالت دون دخولهم إليه في ظل سماع أصوات الصراخ والشجار والأعيرة النارية داخل الملعب.
واستمرت حالة الغليان إلى أن وصل محافظ الحسكة حينها “سليم كبّول” إلى المكان، ووفقاً لشهود عيان ومركز توثيق الانتهاكات، أُمر “كبول” بإطلاق الرصاص الحي على الجموع المحتشدة، وسقط العديد بين قتيل وجريح.
اليوم التالي
لتشييع جثامين ممن فقدوا حياتهم في اليوم الأول، نزل الآلاف من سُكان القامشلي وريفها والمدن القريبة للشوارع وسط غليان شعبي، إلا أن القوى الأمنية في النظام السوري، قامت مجدداً بإطلاق الرصاص في الهواء بداية، ثم تم استهداف المشيعين مباشرة مما أدى إلى سقوط ضحايا جدد.
التعامل الأمني مع المحتجين أدى إلى تحول عملية التشييع إلى مظاهرات واحتجاجات شعبية عارمة امتدت إلى مختلف المدن الكردية، عامودا، درباسية، تربه سبيه، معبده، ديريك، سري كانيه، كوباني، عفرين، وجامعة حلب وحي شيخ مقصود والأشرفية والعاصمة دمشق.
في الرابع عشر من آذار، خرجت تظاهرة ضخمة في مدينة كوباني، وتدخّلت الأجهزة الأمنية السورية، وأطلقت الرصاص على المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط بعض الجرحى، واستمر الحال إلى يوم الحادي والثلاثين من آذار، حيث قامت الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات واسعة في المدينة.
في السادس عشر من آذار، خرج الآلاف من سُكان مدينة عفرين للتضامن مع القامشلي والمدن الأخرى، بالتزامن مع خروج تظاهرة تضامنية ضخمة في حي الأشرفية ذي الغالبية الكردية في حلب.
واستمرت الاحتجاجات لمدة أسبوع لتبدأ بعدها حملة اعتقالات واسعة لقوى الأمن السوري في المناطق الكردية، كما تم فصل 60 طالباً كردياً من الجامعات السورية، بينهم 11 طالباً تم طردهم من الجامعات نهائياً.
تُقام سنوياً في نفس اليوم وعلى نفس الملعب مباراة ودية بين الناديين في إشارة إلى مشاعر الود والأخوة بين سكان المنطقتين.
وسمّي الملعب باسم 12 آذار استذكاراً للضحايا الذي سقطوا في الأحداث التي يصفها الكرد بالانتفاضة في وجه الأجهزة الأمنية لنظام بشار الأسد.
يستذكر الكرد هذه الانتفاضة هذا العام وسط تغييرات سياسية وعسكرية كبيرة حصلت في سوريا، أبرزها سقوط الأسد، ويتطلعون إلى حقوق سياسية ودستورية تضمن حقوقهم لأول مرة في تاريخ البلاد.