إدانات وتداعيات.. ردود فعل دولية على أحداث الساحل السوري
القامشلي – نورث برس
في منطقة الساحل السوري غربي البلاد، تسببت موجة من العنف منذ الخميس الفائت، بصدمة محلية ودولية، حيث وثقت منصات حقوقية وأممية مقتل مئات الأشخاص وسط اتهامات حوادث قتل بدواعٍ طائفية، وأحداث وصفت بالأعنف منذ سنوات.
وشهدت منطقتي وطرطوس واللاذقية الساحليتين ذات الغالبية العلوية معقل طائفة الرئيس السابق بشار الأسد، اشتباكات بين قوات وزارة الدفاع في الإدارة الجديدة ومجموعات متهمة بتبعيتها للنظام السابق.
واستقدمت الدفاع السورية وقوات الأمن العام أرتال عسكرية من المحافظات الأخرى وشنت حملات أمنية في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وفرضت حالة حظر تجول في مناطق واسعة، بعد اشتباكات عنيفة أوقعت مئات القتلى والجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى ضحايا بصفوف المدنيين.
إدانات دولية
قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الاثنين، إنه ناقش أعمال العنف التي شهدتها سوريا في الآونة الأخيرة مع نظيره السوري، وإنه أبلغه أن باريس تتطلع إلى معاقبة المسؤولين عن أعمال العنف.
من جانبها، اعتبرت إيران أنه لا مبرر للهجمات بحق الأقليات في سوريا، بما في ذلك أفراد الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد حليف طهران، وذلك عقب أعمال عنف في المناطق الساحلية أسفرت عن مقتل المئات.
فيما دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أمس الأحد، السلطات السورية إلى محاسبة من سمَّاهم بـ”إرهابيين مُتطرفين نفّذوا عمليات قتل” في سوريا، مؤكداً أن واشنطن تقف إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في البلاد .
وفي السياق، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إنه يتعين على السلطات في دمشق أن تضمن حماية جميع السوريين وتضع مساراً واضحاً للعدالة.
وأضاف: “التقارير تشير إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في مناطق الساحل السوري وسط أعمال العنف المستمرة”.
من جهتها، أعربت ألمانيا عن “صدمتها” إزاء التقارير، عن حصول عمليات قتل جماعي في الساحل السوري، وطالبت الحكومة بمنع وقوع مزيد من الهجمات.
وصرّح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بأنه يتلقى تقارير “مقلقة للغاية” عن مقتل أسر بأكملها بما في ذلك نساء وأطفال، لافتاً إلى أن هناك تقارير عن عمليات إعدام على أساس طائفي.
وطالب مفوض الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات سريعة وشفّافة في جميع عمليات القتل والانتهاكات الأخرى في سوريا.
وكانت الخارجية الفرنسية، قد دعت، السبت، السلطات السورية الانتقالية إلى ضمان إجراء تحقيقات مستقلة تكشف كامل ملابسات الجرائم، وإدانة مرتكبيها.
ومع تزايد المطالبات الدولية من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة بالتحقيق في هذه الأحداث ومحاسبة المسؤولين عنها، أعلنت الرئاسة السورية، أمس الاحد، عن تشكيل “لجنة وطنية مستقلة” للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري.
تداعيات أمنية سياسية
يرى حازم الغبرا، وهو سياسي ومستشار سابق في الخارجية الأميركية، إن طلب واشنطن وموسكو لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين، يفسّر أن الطرفين أصبحا في خط واحد اليوم بشأن ما تشهده سوريا من تطورات.
وأمس الأحد، نقلت رويترز عن دبلوماسيون أن الولايات المتحدة وروسيا طلبتا من مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع مغلق لبحث تصاعد العنف في سوريا.
يقول “الغبرا” في تصريح لنورث برس: إن “الجانب الأميركي يود أن يبين أنه كان على علم بأن الحكومة الجديدة في دمشق لا تحترم حقوق الأقليات، والتوجه الروسي أيضاً مشابه في هذا السياق”.
ويشير إلى أن “ما سينتج عن الاجتماع المغلق لمجلس الأمن غير معروف، ولكن الرسالة ستكون واضحة بأن إدارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد شرع، لم تعرف التعامل مع الوضع الحالي في سوريا”.
فيما يرى المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجع، أن ما يحصل الآن لا يمثل تطلعات الشعب السوري، وأن سقوط الحكومة الحالية سيكون مجرد وقت إذا لم يتم معالجة المشاكل بشكل سريع، بحسب قوله.
ويعتقد أن عدم قيام الإدارة الجديدة في دمشق بإحداث حوار مشترك مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومع المكون الدرزي، ومع الفصائل في درعا، ومع العلويين في الساحل السوري، “سيدفع إلى وضع البلاد تحت الوصاية الدولية، ما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد في نهاية الأمر”، وفقاً للمحلل الروسي.
فيما قال الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، يوم أمس، خلال كلمة حول المستجدات الأخيرة، إن سوريا “تعرضت مؤخراً لمحاولات كثيرة لزعزعة استقرارها وجرّها إلى مستنقع الفوضى”، مشيراً إلى أن البلاد “أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام السابق وجِهات خارجية خلق فتنة جديدة وجرّ بلادنا إلى حرب أهلية؛ بهدف تقسيمها”.
وبدأ التوتر في سوريا، يوم الخميس الفائت، في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية على خلفية “توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات..” وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان” الذي تحدث منذ ذلك الحين عن حصول عمليات “إعدام” طالت مدنيين.
ضحايا مدنيون
يوم الجمعة الفائت، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير: “لقي 162 مدنياً حتفهم، بينهم نساء وأطفال، في خمس مجازر مروعة ارتُكبت في مناطق متفرقة من الساحل السوري”.
وكشف التقرير أن الغالبية العظمى من الضحايا سقطوا في “إعدامات ميدانية” نفذتها عناصر تابعة لوزارة الدفاع والأمن الداخلي، في تصعيد خطير ضد المدنيين.
وشهدت مدينة بانياس بريف طرطوس أكبر حصيلة للضحايا، حيث “قتل 60 مدنياً، بينهم 10 نساء و5 أطفال، في هجوم مكثف وإعدام جماعي بالرصاص”.
ووثق المرصد 24 حالة إعدام جماعي في قرية الشير بريف اللاذقية، بالإضافة إلى 38 قتيلا في قرية المختارية، حيث أطلق الرصاص عليهم من مسافات قريبة.
ودعا المرصد السوري لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى “التحرك العاجل”، وإرسال فرق تحقيق دولية مختصة لتوثيق هذه “الانتهاكات الجسيمة” ضد المدنيين.