دير الزور.. منازل مدمرة وأنقاض تعيق بدء حياة جديدة لعشرات العائلات

عمر عبد الرحمن – دير الزور

بعد سنوات من النزاع والدمار، بدأت الحياة تدريجيًا تعود إلى مناطق غرب الفرات في دير الزور، شرقي سوريا، حيث عاد غالبية السكان إلى ديارهم بعد سقوط نظام الأسد وخروج الفصائل الإيرانية.

لكن فرحتهم بالعودة لم تكتمل، إذ وجدوا أنفسهم أمام تحديات جسيمة تتعلق بإعادة بناء حياتهم في ظل الدمار الذي خلفته الحرب. لا تزال الأنقاض تحيط بهم، حيث تملا المنازل المدمرة والشوارع.

صعوبة تأمين السكن

تقول “أم محمد”، من سكان دير الزور العائدين، وتعيش مع أطفالها بعد أن فقدت زوجها خلال النزاع: “كانت العودة صعبة جدًا”.

وتضيف لنورث برس، “عدنا إلى منزلنا ولم نجد سوى الأنقاض، كان كل شيء مدمرًا، وكنت أشعر بالخوف على أطفالي”.

وتشير إلى أن التحدي الأكبر هو عدم وجود مكان آمن للعيش، قائلة: “نحن نعيش في غرفة صغيرة، والأسعار مرتفعة جدًا ولا أستطيع تحمل تكاليف الإيجار”.

وتقول “أم محمد”، “نحن بحاجة إلى مساعدات عاجلة لإزالة الأنقاض وإعادة بناء المنازل، كما نحتاج إلى دعم مالي لتأمين احتياجاتنا اليومية.”

وتشدد بأن الدعم الضئيل من الجهات المحلية والمنظمات غير كافٍ لإعادة بناء حياتها وأطفالها.

ويعاني الكثيرون من عدم القدرة على إزالة هذه الأنقاض أو حتى تأمين سكن بديل في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات.

فيما يقول أحمد المحمد (45 عامًا) من مدينة الميادين، وهو عائد إلى دير الزور بعد سنوات من النزوح، لنورث برس، “لقد كانت العودة حلمًا بالنسبة لي بعد سنوات من المعاناة في المخيمات”.

ويضيف: “كنت أعتقد أنني سأعود إلى منزلي وأبدأ حياة جديدة، لكن الواقع كان مؤلمًا، فعندما وصلت وجدت منزلي مدمراً بالكامل والأنقاض في كل مكان، لا أستطيع إزالة الأنقاض وليس لدي المال لبناء منزل جديد”.

“فرحتي تحولت إلى كابوس”

يعرب “محمد” عن حالة من اليأس، قائلاً: “لا أستطيع تأمين سكن بديل لعائلتي، ننام في خيمة بجوار أنقاض منازلنا وأطفالي يعانون من ظروف صعبة ولا أستطيع توفير الاحتياجات الأساسية لهم”.

ويضيف: “شعرت أن فرحتي بالعودة تحولت إلى كابوس”، متسائلاً: “كيف لك أن تعيش بخيمة بجانب منزلك؟ هل كتب علينا البقاء في المخيمات؟ إلى الله نشكو أمرنا”.

ويطالب كغيره من السكان العائدين الجهات المحلية والدولية والمنظمات بالالتفات إليهم، مشيراً إلى أن دير الزور هي من أكثر المناطق السورية تعرضًا للدمار بسبب النزاعات التي ليس له يد فيها، تمامًا كحال آلاف المدنيين.

أما سامر العلي من مدينة البوكمال، فيقول لنورث برس، “لقد عدت مع أطفالي بعد أن سمعت أن الوضع قد تحسن بعد زوال نظام الأسد”,

ويضيف: “لكنني وجدت منزلي مدمراً تمامًا، لا أستطيع تحمل تكاليف إزالة الأنقاض وبناء منزل جديد”.

ويتابع: “أشعر بالعجز والضياع. نحاول البقاء مع الأصدقاء والعائلة، لكن الوضع غير مستقر، ليس لدينا كهرباء أو مياه نظيفة، والأطفال يحتاجون إلى مدارس، أشعر أننا عالقون في حلقة مفرغة من المعاناة.”

ضرورة توفير دعم دولي

فيما يقول إبراهيم الحسن، ناشط محلي من دير الزور لنورث برس، إن التحديات كبيرة جدًا والكثير من العائدين يجدون أنفسهم أمام أنقاض منازلهم ولا يملكون المال لإزالتها”.

ويضيف أن الوضع الاقتصادي “كارثي”، والعديد من العائلات تعيش في ظروف قاسية.

ويشير الناشط إلى ضرورة توفير دعم دولي ومحلي لإعادة بناء البنية التحتية وتوفير المساعدات المالية للعائلات المتضررة، بالإضافة إلى إنشاء برامج لإزالة الأنقاض وتوفير السكن البديل.

ويضيف: “يجب أن نعمل على إعادة تأهيل المدارس والمرافق العامة لتلبية احتياجات المجتمع.”

وبعد سنوات من الحرب، أصبح السوريون يُشكلون أكبر عدد من اللاجئين في العالم، حيث “ينتشرون في أكثر من 127 دولة”، وفق منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عاد 800 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم، وعاد 600 ألف نازح داخلياً إلى ديارهم.

ونهاية كانون الثاني / يناير من العام الحالي، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، المجتمع الدولي إلى دعم إعادة الإعمار في سوريا؛ لتسهيل عودة ملايين اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.

تحرير: خلف معو