دلسوز يوسف – الحسكة
قبل نحو ثلاث ساعات من حلول موعد الإفطار في أولى أيام شهر رمضان، يتجول السبعيني حسين البركو بين البسطات والمحلات الشعبية في سوق مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا.
وبعد تجول مطول وهو يتنقل بين المحلات بحثاً عن شراء حاجات منزله، يتفاجأ بارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية.
خيبة أمل في الشهر الكريم
يقول “بركو” وهو مهندس زراعي متقاعد من الحسكة, لنورث برس، “كنا نتأمل أن تهبط الأسعار مع حلول رمضان، لكن فوجئنا بارتفاع الأسعار بشكل غير طبيعي”، فيما لم يستلم راتبه التقاعدي منذ نحو أربعة أشهر.
ووصل كيلو البندورة إلى 8 آلاف وهو ضعف ما كان يباع قبل شهر رمضان، كما حال الخضروات جميعها على حد قوله، مشيراً أن المواد التموينية ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ “فمثلاً كيلو العدس قبل رمضان كانت بـ 10 آلاف وحالياً بـ11 ألف وتسعيرة السكر من 7.5 ألاف قفزت إلى 8.5 آلاف ليرة”.
ويضيف: “هذا الأمر غير مقبول نريد زيادة المراقبة التموينية على الأسواق، حيث هناك تفاوت بالأسعار بين المحلات”.
وما زاد من معاناة الرجل السبعيني مع حلول شهر رمضان، عدم استلام راتبه التقاعدي على غرار الآلاف من الموظفين الحكوميين، منذ سقوط نظام الأسد، وعدم صرفها من قبل الحكومة الحالية في دمشق.
ويقول “بركو” وهو يحمل كيساً فيه بعض الحاجات المنزلية، “لم نستلم رواتبنا منذ أشهر وهذا غير مقبول، فكيف العالم ستصرف على عوائلها؟”، مضيفاً “لم أشتري الكثير من الأمور لعدم قدرتي الشرائية”.
ورغم سقوط نظام الأسد نهاية العام الفائت وتحسن قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، إلا أن الظروف المعيشية الصعبة لازالت السمة الأبرز التي تعصف بالسوريين نتيجة انقطاع الرواتب وقلة فرص العمل.

غياب الرقابة التموينية
في شارع تكتظ فيه بسطات بمختلف البضائع بمدينة الحسكة، يشكو المسن محمد العلي (75 عاماً) وهو يحمل بضعة أكياس، من عدم تغير أسعار المواد التموينية بالرغم من انخفاض سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية.
ينتقد السكان غياب الرقابة التموينية على المحلات التجارية وتفاوت الأسعار، وسط مطالباتهم بضبط الأسواق نظراً لارتفاع أسعار السلع بشكل ملحوظ مع حلول شهر رمضان.
ويقول “العلي” لـنورث برس، “ليس هناك ضبط للأسواق، نود معالجة لهذه المشاكل وأن تهبط أسعار السلع مقارنة مع الدولار، الذي انخفض من نحو 16 ألف ليرة إلى أقل من 10 آلاف ليرة”.
ويضيف: “بهذه الحالة سيحتاج المواطن إلى نحو 200 ألف ليرة يومياً لشراء حاجياته الأساسية، ويستاءل بتهكم كيف سيؤمنها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟”.
ويشير العلي إلى أن هناك تفاوت وارتفاع في أسعار السلع من خلال تبضعه مقارنة لما قبل وبعد شهر رمضان، قائلاً: “مثلاً كيلو البندورة كنت أشتريها بـ 7 آلاف عندما كان الدولار بـ 15 آلاف، وحالياً مع هبوط الدولار يباع بـ 8 آلاف، إذاً لم يختلف شيء، وهذا يلحق ضرر بالمواطنين”.
غابت الطقوس الرمضانية
تغيب الأجواء الرمضانية بشكل واضح في أحياء مدينة الحسكة، التي كانت تشهد طقوساً واستعدادات كبيرة خلال السنوات الفائتة، إلا أن الظروف الاقتصادية أخفت جميع هذه المظاهر.
وبينما يكتظ السوق بالمارة، يقول أبو عدي وهو بائع للمواد الغذائية، إن حركة العمل في شهر رمضان الحالي تراجعت بسبب عدم وجود قدرة شرائية للسكان ولا سيما الموظفين الحكوميين الذين لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر.
ويضيف البائع لـنورث برس، أن “العالم تتسوق ولكن الحركة ليست كما كل رمضان”.
ويشير إلى ان أوضاع السكان المادية ضعيفة، قائلاً: “مثلاً الذي كان يأخذ علبة زيت 4 لتر حالياً يأخذ لترين، والذي كان يأخذ 10 كيلوات سكر حالياً يأخذ كيلوين”.
وساهمت الأزمة الاقتصادية في تراجع حركة البيع والشراء ضمن الاسواق وعلى استعدادات السكان الذين خفضوا من كميات احتياجاتهم.