“أراضٍ بور”.. تراجع زراعة القمح في الرقة

الرقة – نورث برس

يقول المزارع فواز فيصل درويش (40عاماً) من ريف مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، إنه لم يعد يستطيع زراعة القمح “بسبب التكاليف الباهظة وعند جني المحصول يتحكم التجار بهم، والإدارة الذاتية لا تشتريه بالأسعار التي تناسب المصاريف وتكاليف الإنتاج”.

وكانت تحتل زراعة القمح المرتبة الأولى خلال السنوات الماضية من حيث المساحات المؤهلة للزراعة في الرقة، والتي تتجاوز مساحتها بشكل عام نسبة 70 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة، بحسب درويش.  

ارتفاع التكاليف وغياب الدعم

يشير المزارع الأربعيني فواز درويش، لنورث برس، إلى أن هذا العام تراجعت زراعة القمح بشكل كبير إلى أقل من 50 بالمائة لعدة أسباب يأتي في مقدمتها ارتفاع تكاليف الإنتاج.

ويضيف أن هناك أسباب أخرى أيضاً منها انخفاض سعر شراء القمح الموسم الماضي بنسبة 30 بالمائة وسط غياب دعم زراعي حقيقي، وهذا الأمر حسب قوله دفع المزارعين إلى عدم زراعة أراضيهم والبحث عن زراعات بديلة.

ويقول “درويش” إنه ترك زراعة القمح وبدأ بزراعة البقوليات والحشائش والخس والثوم ونسبة كبيرة من أرضه زرعها نعناع والخضار بشكل عام.

ويضيف أنه يفضل زراعة الخضار والحشائش بالوقت الحالي على  زراعة القمح علماً أن “منطقة الكسرات كانت تزرع 4 آلاف دونم قمح واليوم لا يوجد حتى 50 دونم في المنطقة كلها”، على حد قوله

ويبين أنه يجني من زراعة أرضه بالخضار إنتاجاً ومردوداً أفضل من القمح، مشيراً إلى أن “الدونم والواحد من القمح يكلف 150 دولار أميركي علماً أن إنتاجه قليل جداً ولا يتناسب مع مصروفه”.

ويرى أن عدم وجود دعم من الجمعيات الفلاحية التي كانت تدعم قبل أعوام بالأسمدة والبذور، يعد سبباً أساسياً لقلة إنتاج القمح وتراجع زراعته في الرقة.

ويشير إلى أن الفلاح الذي يزرع القمح هذا الموسم لا يستطع رش أرضه بأكثر من 10 كغ من السماد للدونم الواحد بسبب ارتفاع سعره الذي يتجاوز 25 دولار للكيس الواحد (50 كغ) في حين يكون إنتاج دونم القمح بين 250 و 300 كغ، وهو قليل مقارنة بالتكاليف على حد قوله.

يقول بشير إنه ترك أرضه بوراً من موسم الذرة الصفراء الموسم الماضي “لأن فلاحة الدونم الواحد كلفته 20 دولار وكيس السماد 25 دولار والبذار أكثر من ذلك وعند حصاد الموسم لم أربح شيئاً” على حد وصفه.

“أراضٍ بور”

فيما يقول المزارع عبد القوي الدعاس من ريف الرقة، لنورث برس، إنه “قبل ثلاث سنوات كانت هناك زراعة مساحات كبيرة بالقمح واليوم المساحات باتت قليلة وانخفضت إلى نسبة 30 بالمئة من المساحة الإجمالية هرباً من الخسارة في موسم القمح والذرة الصفراء”.

ويضيف أن أحد أسباب العزوف عن زراعة القمح هو “ارتفاع أسعار المحروقات ومنها مادة المازوت بالإضافة إلى تكاليف باهظة لإصلاح الآليات الزراعية”.

ويتفق معه المزارع محمد نور الخليل من ريف الرقة بغلاء أسعار المازوت وارتفاع تكاليف إنتاج زراعة القمح

ويشير “الخليل” لنورث برس، إلى أنه سيترك أرضه بوراً ولن يزرعها بالقمح بسبب خسارة المواسم في السنوات الأخيرة وارتفاع أجور وتكاليف الحصاد والفلاح والأسمدة والمبيدات، على حد قوله.

بينما يشدد المسؤولون في الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا وفق تصريح سابقة لنورث برس، بأن القطاع الزراعي تأثر أيضاً كما باقي القطاعات بسبب القصف التركي على المنشآت النفطية مطلع العام الفائت، وغلاء المواد الزراعية المستوردة.

كما يواجه القطاع الزراعي في شمال شرقي سوريا، تحديات أخرى على وقع التغير المناخي وغياب الدعم، مما يكبد المزارعين خسائر مادية كبيرة وهو ما يثير المخاوف بترك الزراعة وتصحر المنطقة.

تحرير: خلف معو