معاوية الصياصنة.. خطّ ورفاقه العبارة التي أشعلت الحراك الشعبي ضد النظام السوري

إحسان محمد – درعا
مع توسع رقعة الاحتجاجات في البلدان العربية التي سميت بالربيع العربي، في الرابعة من فجر يوم الخامس من شباط/ فبراير 2011، داهمت قوات الأمن في النظام السوري منزل والد الطفل معاوية الصياصنة واقتادته إلى أحد المخافر في درعا البلد قبل نقله إلى فرع الأمن السياسي الذي كان يديره آنذاك العميد عاطف نجيب (ابن خالة الرئيس السابق بشار الأسد) في مركز مدينة درعا.
“إجاك الدور يا دكتور”
يسترجع “الصياصنة” (30 عاماً) ذاكرته إلى ما قبل 14 عاماً إلى يوم 15 شباط/ فبراير 2011 تحديداً، عندما خط على جدران مدرسته في درعا جنوبي سوريا، رفقة أطفال آخرين العبارة الشهيرة “إجاك الدور يا دكتور”، في إشارة إلى اقتراب نهاية حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد سقوط أنظمة عربية في تونس ومصر.
ولم يكن يعلم الصياصنة الذي لم يكن يتجاوز حينها 14 عاماً أن تلك العبارة ستهز أركان النظام الذي اقتحم درعا واعتقل نحو 15 طفلاً وعذبهم بأقسى أنواع التعذيب، وفق قوله.
ويقول “الصياصنة” لنورث برس، إنه تعرض لأقسى أنواع التعذيب بالصعق بالكهرباء والضرب بالكابل الكهربائي، فضلاً عن “الشبح”، وهو نمط يقوم على تعليق المعتقل وربطه من يديه للأعلى.
ويشير إلى أن عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد أشرف بنفسه على تعذيبهم مطالبهم بالكشف عن من يقف ورائهم و يساعدهم في كتابة العبارات المناهضة للنظام حينها.
وارتبط اعتقال وتعذيب أطفال درعا برئيس فرع الأمن السياسي في درعا آنذاك عاطف نجيب أحد الشخصيات المثيرة للجدل في النظام السوري السابق والذي ألقت مديرية الأمن العام في اللاذقية القبض عليه نهاية كانون الثاني/يناير الفائت.
ومارس النظام التعذيب بأطفال درعا 45 يوماً داخل أقبية السجون المظلمة قبل الإفراج عنهم في عفو رئاسي بعد توسع الاحتجاجات في سوريا والمطالبات الشعبية بإطلاق سراح الأطفال المعتقلين، بحسب “الصياصنة”.
ويضيف أن قبل إصدار العفو كان النظام يرفض الإفراج عنه ورفاقه وأهان أهاليهم بنسائهم ما دفعهم للتظاهر فيما قابلهم النظام بالرصاص الحي وسقط العشرات من الضحايا، لتعم حينها المظاهرات في حمص ثم دمشق وحلب وبقية المدن السورية.
وبعد خروجه من السجن أكمل الأطفال مسيرتهم السلمية والمشاركة بالمظاهرات ورفع اللافتات والكتابة على جدران الأمكنة العامة لمدة سنوات حتى باتت الكتابات لا تنفع أمام البنادق والمدافع فألقى الشباب الأقلام وحملوا السلاح ضد النظام، على حد وصفه.
ويقول معاوية الصياصنة إنه ازداد إصراراً ضد النظام بعد مقتل والده بضربة جوية أثناء ذهابه لتأدية صلاة الفجر، مشيراً إلى أنه انضم إلى إحدى كتائب الجيش الحر مع اثنين من أشقائه “وساهم في تحرير عدة أحياء في درعا البلد”، على حد تعبيره.
ويشير الصياصنة إلى أن نظام الأسد المخلوع بعد أن شن حملة على درعا طلب منه مع عشرات المعارضين في عام 2021 مغادرة درعا البلد باتجاه الشمال السوري.
ويذكر أنه غادر باتجاه مدينة إدلب قبل مغادرتها إلى الأراضي التركية حيث مكث شهراً واحداً قبل أن يعود إلى ريف حلب الشرقي ويواصل رحلة العودة إلى درعا من جديد عن طريق مهربين.
ويقول إنه بعد عودته إلى درعا شارك في المظاھرات المناهضة لنظام الأسد حتى سقوطه في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
ويشير إلى أنه قام في يوم إعلان سقوط النظام بكتابة عبارة “هرب الدكتور” في نفس المكان الذي كتب فيه عبارة “إجاك الدور يا دكتور”.
وبعد 14 عاماً من القتل والدمار، يطالب الصياصنة بمحاسبة نظام الأسد ويحلم بدولة مدنية يحكمها القانون ويتساوى فيها جميع المواطنين بحقوقهم وواجباتهم وأن يكون للسوريين الحق في التعبير عن آرائهم.