خطاب “تاريخي” مرتقب لأوجلان.. ما تأثيره على سوريا؟

عكيد مشمش – القامشلي

أعلن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، الموالي للكرد في تركيا، أمس الأربعاء، عن توجه وفده اليوم إلى سجن إيمرالي، حيث يُحتجز زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، منذ 26 عاماً. ومن المتوقع أن يطلق أوجلان مبادرة سلام كردية – تركية عبر خطاب وُصف بـ “التاريخي”.

ووفقاً للحزب، سيتم الإدلاء ببيان في إسطنبول عند الساعة الخامسة من مساء اليوم، يتبعه خطاب أوجلان مباشرة. وفي خطوة تعكس أهمية الحدث، نصبت مدن كردية في تركيا شاشات عرض كبيرة استعداداً لنقل كلمته، وسط توقعات بأن يحمل هذا الخطاب بوادر إنهاء صراع استمر لأكثر من 40 عاماً، مُنهكاً الطرفين طيلة تلك الفترة.

مبادرات سابقة وتجدد الصراع

شهدت العقود الماضية عدة مبادرات لوقف إطلاق النار، كان أبرزها تلك التي بدأت منذ أوائل التسعينيات. وأطولها استمرت من عام 1999، وهو العام الذي اعتُقل فيه أوجلان، حتى عام 2004. أما آخر المبادرات فكانت بين عامي 2012 و2013، لكنها انتهت عام 2015 مع تجدد المواجهات العسكرية بين الطرفين.

المبادرة الجديدة لم تكن مفاجئة كلياً، إذ سبق أن أشار إليها زعيم حزب الحركة القومية التركي، دولت باخجلي، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وباعتباره شخصية ذات نفوذ واسع داخل مؤسسات الدولة التركية، فإن تصريحاته غالباً ما تحمل أبعاداً سياسية داخلية وخارجية.

تداعيات محتملة على سوريا

تؤكد تقارير إعلامية أن المباحثات مع أوجلان شملت القضية الكردية في تركيا وسوريا والعراق وإيران. وبالتالي التساؤل الأبرز هو كيف سينعكس أي اتفاق سلام محتمل على المشهد السوري، خاصة على الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا. وهل سيساهم في تخفيف التوتر مع أنقرة، التي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية امتداداً لحزب العمال الكردستاني؟

يقول الكاتب والصحفي عبد الحليم سليمان، من القامشلي، إن خطاب أوجلان المنتظر، سواء جاء مكتوباً أو متلفزاً، سيكون له تأثير واسع على القضية الكردية في المنطقة، بما في ذلك سوريا، حيث تتبنى قوات سوريا الديمقراطية ومعظم مكوناتها العسكرية، فكره السياسي.

وفي حديثه لـ “نورث برس”، يرى سليمان أن تركيا تدير صراعها مع “قسد” عبر وكلائها السوريين والفصائل الإسلامية المتشددة، بحجة حماية أمنها القومي. وبما أن هذا الصراع تحكمه الحسابات التركية، فإن أي بادرة سلام قد تنعكس إيجابياً عبر تهدئة الأوضاع وسحب الذرائع التي تستخدمها أنقرة لتبرير تدخلاتها العسكرية.

ويعتقد سليمان أن التوصل إلى سلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني قد يُضعف التأثير السلبي على مسار المفاوضات بين الإدارة الذاتية في القامشلي ودمشق.

لكنه في الوقت ذاته يحذّر من رفع سقف التوقعات قبل الاطلاع على تفاصيل خطاب أوجلان، مشيراً إلى أن تأثيره سيكون أكبر إن جاء في كلمة متلفزة.

“تأثير سلبي أو إيجابي”

من جانبه، يرى الباحث في مركز “الفرات” للدراسات، وليد جولي، أن المباحثات الجارية بين أوجلان والدولة التركية، تهدف بشكل رئيسي إلى حل القضية الكردية في تركيا، إلى جانب قضايا سياسية أخرى، مثل مسألة الحريات والديمقراطية.

ويضيف جولي أن هذه المباحثات تمتد أيضًا إلى الكرد في دول الجوار، وخاصة في سوريا، في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة. ويؤكد أن أوجلان لطالما امتلك رؤية لحل القضايا العالقة في المنطقة.

كما يلفت الباحث إلى أن تركيا، بعد سقوط نظام الأسد، أصبحت لاعباً رئيسياً في توجيه قرارات الحكومة الجديدة في دمشق، وهو ما يجعل نتائج المباحثات بين إيمرالي وأنقرة ذات تأثير مباشر على مسار المفاوضات بين دمشق والإدارة الذاتية، سواء سلباً أو إيجاباً.