“جنوب منزوع السلاح”.. غارات وتوغل إسرائيلي في سوريا ومزاعم بحماية الدروز

دمشق – نورث برس

وسط انشغال الفصائل السورية المسلحة باجتماعات مع وزارة الدفاع للتباحث في عمليتي الحلّ والدمج، جاء تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول منع قوات “هيئة تحرير الشام” أو قوات الإدارة الجديدة في سوريا من دخول مناطق الجنوب واعتبار الأخيرة منطقة منزوعة السلاح.

استهدفت الطائرات الإسرائيلية، الأربعاء، مواقع عدة في منطقة الكسوة جنوب دمشق وتل الحارة بريف درعا الشمالي، كانت تتخذ منه القوات الروسية نقطة عسكرية قبل سقوط النظام السابق.

وقال مصدر أمني لنورث برس، إن الغارات استهدفت أيضاً اللواء 12 بريف درعا الشرقي، وكتيبة عسكرية بالقرب من بلدة بصر الحرير شرقي درعا ومطار زراعي بالقرب منها، مشيراً إلى أن القصف الجوي رافقه توغل عسكري وصل إلى محيط قرية البكار بريف درعا الغربي وعملت على تفجير مباني داخل ثكنة عسكرية قبل الانسحاب والذي ترافق مع إطلاق نار كثيف في الهواء.

وتوغلت آليات عسكرية إسرائيلية إلى بلدة عين البيضة بريف القنيطرة، والذي جاء بالتزامن مع تحليق طائرات استطلاع في المنطقة، ويرجح الأهالي أن التوغل بهدف رصد للبدء بعملية إنشاء نقطة عسكرية جديدة، بحسب المصدر.

وبعد سقوط الأسد في الثامن كانون الأول/ ديسمبر الماضي، شنت تل أبيب مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية فيما لم تعلق حكومة تصريف الأعمال السورية على القصف الإسرائيلي حتى الآن.

جنوب سوري “منزوع السلاح”

في موازاة ذلك أشعلت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غضباً في الشارع السوري، ودعا نتنياهو إلى نزع سلاح الدولة في مناطق جنوب سوريا، مكرراً أنه لن ينسحب من المناطق العازلة، فيما هدد دمشق في حال تعرض الدروز في جنوب سوريا لأي خطر في المستقبل.

وتحدث نتنياهو خلال كلمة ألقاها أمام خريجي دورة ضباط في الجيش الإسرائيلي، عن التحديات الإقليمية التي تواجهها تل أبيب، وكان لسوريا نصيب من تصريحات أدلى بها نتنياهو ارتقت هذه المرة إلى صيغة التهديد.

وقال نتنياهو إن بلاده وجيشها لن تتهاون مع أي تهديد يأتي من الحدود السورية، وأكد “لن نتسامح” مع وجود أي قوات مسلحة تابعة للحكومة السورية الجديدة أو جيشها أو هيئة تحرير الشام في جنوب البلاد”، وطالب الدولة السورية بإبعاد جيشها عن الحدود مع إسرائيل.

ودعا نتنياهو إلى جنوب سوري منزوع السلاح بالكامل، بينما تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية إضافة تشمل رغبة نتنياهو بإبعاد الجيش السوري المستقبلي أيضاً عن الأراضي الواقعة جنوب العاصمة دمشق.

وبموجب ذلك، ينادي نتنياهو بسحب القوات السورية من المحافظات الجنوبية للبلاد كمحافظة درعا والسويداء فضلاً عن مدينة القنيطرة والجولان المحتل، وتشمل تصريحاته جنوب العاصمة دمشق وريفها أيضاً.

وكرر نتنياهو أن الجيش لن يقوم بسحب قواته من المنطقة العازلة مع سوريا إلى أجل غير مسمى من أجل “الدفاع عن المجتمع الإسرائيلي وإحباط أي تهديد”، وهو ما أشار إليه من جانبه أيضاً، وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قائلاً إن حكومته لن تسمح بتحول جنوب سوريا إلى ما يشبه جنوب لبنان، حسب تعبيره.

“لا تعليق على التصريحات”

تقاطرت دعوات الاستهجان والاستنكار في الشارع السوري، ودعا الناشطون في مدن السويداء والقنيطرة ودرعا من خلال منصات التواصل الاجتماعي، إلى تظاهرات حاشدة لرفض مشاريع التوسع الإسرائيلي في أراضيهم.

فيما تأتي دعوات الرفض والتظاهر في ظل غياب رسمي للموقف الدرزي المتمثل بالشيخ حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة الدروز الموحدين في سوريا، الذي دعا مؤخراً إلى تدخل دولي لضمان أن تسفر العملية الانتقالية دولة مدنية وفصل السلطات.

إلى ذلك أعلنت فصائل محلية في السويداء، جنوبي سوريا، أول أمس الاثنين، تشكيل المجلس العسكري في السويداء الذي يضم عسكريين من ضباط وصف ضباط وأفراد وحاملي السلاح من المجتمع المحلي.

وقال طارق الشوفي، رئيس المجلس العسكري، لنورث برس، إن العمل على تشكيل هذا المجلس بدأ منذ انطلاق الحراك السلمي في السويداء، بالتعاون بين مجموعة من الضباط المنشقين والثوريين إضافة إلى عسكريين متقاعدين، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي من تشكيله هو “تحرير البلاد من النظام الذي تسبب في معاناة السوريين”.

وأكد “الشوفي” أن المجلس يسعى إلى تشكيل جيش وطني يحمي البلاد، ويضمن الأمن والاستقرار، ويدعم مسار الحل السياسي والاقتصادي، مشدداً على ضرورة أن يكون الجيش السوري الجديد “مستقلاً عن النفوذ الأجنبي، وأن يضم كافة مكونات المجتمع السوري بمختلف انتماءاتهم القومية والإثنية، دون أن يكون مبنياً على فصيل واحد

”.

ويرى مراقبون أن تشكيل مجلس عسكري مستقل هو لحماية مناطق تواجد الدروز، في ظل غموض كان وما زال يكتنف التشكيل الموحد للجيش السوري والتحديات التي تواجه الإدارة السورية لا سيما في حماية الاقليات التي تعج بها البلاد.

“لا تعليق من دمشق”

وحيال الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية بداية من تدمير سلاح الجيش السوري السابق بشكل كامل مروراً بالتوغلات والقصف واستهدف معابر بين سوريا ولبنان، وآخرها إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية جديدة على الحدود، انتهاءً بتصريحات نتنياهو المباشرة، تلتزم الإدارة السورية الصمت حيال كل ذلك.

وتنأى إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بنفسها عن أي تصعيد ولو كان خطابياً باستثناء المرة التي طالبت فيها الإدارة من تل أبيب الانسحاب من المنطقة العازلة “المحمية أممياً”، بينما لطالما صرح أحمد الشرع عقب سقوط نظام الأسد أن بلاده لن تكون مركزاً لأي حرب مواجهة مع أي طرف.

بينما تتجه الأنظار إلى القاهرة، حيث وجهت الأمانة العامة للجامعة العربية دعوة للرئيس الانتقالي السوري لحضور القمة العربية الطارئة، حيث ينتظر مراقبون أن يفصح الشرع عن أولى مواقفه المتعلقة بسياسة سوريا الجديدة حول ملف المواجهة مع إسرائيل، والذي من الممكن أن يثيره سبب القمة حيال غزة ومواجهة المخططات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.

تحرير: خلف معو